الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( دفع منها ) أي من مزدلفة ( بعد نصف الليل ) ولم يعد ( أو قبله ) ولو لغير عذر ( وعاد ) إليها ( قبل الفجر ) ( فلا شيء عليه ) أي لا دم عليه ، أما الحالة الأولى فلخبر الصحيحين عن عائشة { أن سودة وأم سلمة رضي الله عنهن أفاضتا في النصف الأخير بإذنه صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهما ولا من كان معهما بدم } وأما في الثانية فكما لو دفع من عرفة قبل الغروب ( ثم عاد إليها قبل الفجر ومن لم يكن بها في النصف الثاني ) سواء أكان بها في الأول أم لا ( أراق دما وفي وجوبه ) أي الدم بترك المبيت ( القولان ) السابقان في وجوبه على من لم يجمع بين الليل والنهار بعرفة ، وقضية هذا البناء عدم وجوب الدم فيكون مستحبا كما لو ترك المبيت بمنى ليلة عرفة ، لكن رجح المصنف في بقية كتبه الوجوب ، وقال السبكي : إنه المنصوص في الأم والصحيح من جهة المذهب : أي ولا يلزم من البناء الاتحاد في الترجيح ويسقط المبيت بها فلا إثم بتركه ولا دم لعذر مما يأتي في مبيت منى قياسا عليه ، ومن العذر هنا الاشتغال بالوقوف بأن انتهى إلى عرفة ليلة النحر واشتغل بالوقوف بها لاشتغاله بالأهم ، وقيده الزركشي بما إذا لم يمكنه الدفع إلى مزدلفة ليلا وإلا وجب جمعا بين الواجبين وهو ظاهر ، ولو أفاض من عرفة إلى مكة لطواف الركن بعد نصف الليل وفات المبيت لأجل ذلك لم يلزمه شيء لاشتغاله بالطواف كاشتغاله بالوقوف ، ونظر فيه الإمام بأنه غير مضطر إليه بخلاف الوقوف ، ويأتي فيه ما مر عن الزركشي وإن رد ذلك بأن كثرة الأعمال عليه في تلك الليلة ويومها اقتضت مسامحته بذلك لجريان ذلك في الأولى أيضا . قال الزركشي : ظاهر ذلك أنه لا فرق بين أن يمر بمزدلفة أم لا : أي قبل النصف ، وإلا فمروره بها بعده يحصل المبيت ، وبحث أن الأعذار هنا تحصل ثواب الحضور كما مر في صلاة الجماعة ، والذي مر أن المذهب عدم الحصول والمختار الحصول ، على أن الفرق أن فرض الكفاية أو السنة يسامح فيه ما لا يسامح في فرض العين فلا قياس ومن ثم كثرت الأعذار ثم لا هنا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو قبله ) أي نصف الليل ( قوله : رضي الله عنهن ) أي عائشة وسودة وأم سلمة ( قوله : لم يلزمه شيء ) معتمد ( قوله ويأتي فيه ما مر ) أي من قوله وقيده الزركشي إلخ ( قوله : ويأتي فيه ما مر إلخ ) أي فيقيد هنا عدم لزوم الدم بما إذا لم يمكنه العود لمزدلفة بعد الطواف ( قوله : وإن رد ذلك ) أي ما قاله الزركشي ( قوله : لجريان ذلك في الأولى ) أي في المسألة الأولى وهي الاشتغال بالوقوف ( قوله : والمختار الحصول ) أي هناك فيكون ما هنا مثله ( قوله في فرض العين ) أي كالمبيت فإنه واجب على المحرم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فكما لو دفع من عرفة ثم عاد إليها ) أي على الضعيف ، أو المراد التشبيه في أصل الطلب الصادق بالندب ( قوله ويأتي فيه ) أي في أصل الحكم المنظر فيه وكان الأولى تقديم هذا على النظر ( قوله : وإن رد ) أي النظر والراد له هو الشهاب حج في إمداده ، وهذا من الشارح تصريح بالرضا بالنظر ( قوله : والمختار الحصول ) أي هناك ، وعبارة الشارح هناك ولا تحصل فضيلة الجماعة كما في المجموع ، واختار غيره ما عليه جمع متقدمون من حصولها إن قصدها لولا العذر ( قوله : على أن الفرق إلخ ) هذا ترق في القول بعدم الحصول هنا : أي وإن قلنا [ ص: 302 ] بالحصول هناك على ما اختاره غير صاحب المجموع فلا نقول به هنا للفرق المذكور




                                                                                                                            الخدمات العلمية