الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يختص الذبح ) للهدي المتقرب به ( بزمن ) لكنه يختص بالحرم بخلاف الضحايا فتختص بالعيد وأيام التشريق ( قلت : الصحيح اختصاصه بوقت الأضحية ، وسيأتي في آخر باب محرمات الإحرام على الصواب ، والله أعلم ) وعبارته هناك : ووقته وقت الأضحية على الصحيح ، وقد بناه المصنف على ما فهمه من كون مراد الرافعي بالهدي هنا المساق تقربا إلى الله تعالى ، وليس كذلك بل مراده هنا دم الجبرانات والمحظورات فلا يختص بزمن كوفاء سائر الديون ، ومراده بقوله أولا ثم يذبح من معه مدا ما يساق تقربا إلى الله تعالى فيختص بوقت الأضحية وهو المذكور في آخر محرمات الإحرام فلم يتوارد كلامهما على محل واحد حتى يعد تناقضا نعم اعتراضه متوجه على الرافعي من حيث إطلاقه الهدي وهو مشترك كما مر ( والحلق ) بالمعنى المتقدم أو التقصير ( والطواف والسعي ) إن لم يكن فعل بعد طواف قدوم ( لا آخر لوقتها ) إذ الأصل عدم التأقيت ، ويبقى من عليه ذلك محرما حتى يأتي بها كما في المجموع نعم الأفضل فعلها في يوم النحر ، ويكره تأخيرها عن يومه وعن أيام التشريق أشد كراهة وعن خروجه من مكة أشد ، وهو صريح في جواز تأخيرها عن أيام التشريق لا يقال : بقاؤه على إحرامه يشكل بقولهم ليس لصاحب الفوات مصابرة الإحرام إلى قابل إذ استدامة الإحرام كابتدائه وابتداؤه غير جائز ; لأنا نقول : هو غير مستفيد في تلك ببقائه على إحرامه شيئا سوى محض تعذيب نفسه لخروج وقت الوقوف فحرم بقاؤه على إحرامه وأمر بالتحلل ، وأما هنا فوقت ما أخره باق فلا يحرم بقاؤه على إحرامه ولا يؤمر بالتحلل ، وهو بمثابة من أحرم بالصلاة في وقتها ثم مدها بالقراءة إلى خروج وقتها ، فإن كان طاف للوداع وخرج وقع عن طواف الفرض ، وإن لم يطف لوداع ولا غيره لم يستبح النساء وإن طال الزمان لبقائه محرما ( وإذا قلنا الحلق نسك ) وهو المشهور ( ففعل اثنين من الرمي ) أي يوم النحر ( والحلق ) أو التقصير ( والطواف ) المتبوع بالسعي إن لم يكن فعل قبل ( حصل التحلل الأول ) من تحللي الحج ( وحل به اللبس ) وستر الرأس للذكر والوجه للأنثى ( والحلق ) إن لم يفعل وإن لم تجعله نسكا ( والقلم ) والطيب بل يسن التطيب لخبر عائشة { طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت } متفق عليه ، والدهن يلحق بالتطيب وكذا الباقي بجامع الاشتراك في الاستمتاع ( وكذا ) يحل ( الصيد وعقد النكاح ) وكذا المباشرة فيما دون الفرج كالقبلة والملامسة ( في الأظهر ) ; لأنها من المحرمات التي يوجب تعاطيها إفسادا فأشبهت [ ص: 309 ] الحلق ، وصحح هذا في الشرح الصغير ( قلت : الأظهر لا يحل عقد النكاح ) وكذا المباشرة فيما دون الفرج ( والله أعلم ) لخبر { إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء } ( وإذا فعل الثالث ) بعد الاثنين ( حصل التحلل الثاني وحل به باقي المحرمات ) إجماعا ، ويجب عليه الإتيان بما بقي من أعمال الحج وهو الرمي والمبيت مع أنه غير محرم كما يخرج المصلي بالتسليمة الأولى من صلاته ويطلب منه الثانية وإن كان المطلوب واجبا وثم مندوبا ، ويسن تأخير الوطء عن باقي أيام الرمي ليزول عنه أثر الإحرام ، ولا يعارضه خبر { أيام منى أيام أكل وشرب وبعال } لجواز ذلك فيها ، إنما استحب للحاج ترك الجماع لما ذكر ، ومن فاته رمي يوم النحر بأن أخره عن أيام التشريق ولزمه بدله توقف التحلل على البدل ولو صوما لقيامه مقامه ، ويفارق المحصر العادم للهدي حيث لم يتوقف تحلله على بدله وهو الصوم بأن المحصر ليس له إلا تحلل واحد ، فلو توقف تحلله على البدل لشق عليه المقام على سائر محرمات الحج إلى الإتيان بالبدل ، والذي يفوته الرمي يمكنه الشروع في التحلل الأول ، فإذا أتى به حل له ما عدا النكاح ومقدماته وعقده فلا مشقة عليه في الإقامة على إحرامه حتى يأتي بالبدل ، هذا في تحلل الحج ، أما العمرة فليس لها سوى تحلل واحد ، إذ الحج يطول زمنه وتكثر أعماله فأبيح بعض محرماته في وقت وبعضها في وقت آخر بخلاف العمرة ، ونظير ذلك الحيض ، والجنابة لما طال زمن الحيض جعل لارتفاع محظوراته محلان انقطاع الدم والاغتسال والجنابة لما قصر زمنها جعل لارتفاع محظوراتها محل واحد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 308 ] قوله : وهو مشترك كما مر ) ليس فيما مر إطلاقه على دم الجبران الذي جعله الشارح مرادا هنا من الهدي ويمكن أنه أراد ما مر في كلامه ( قوله : ويبقى من عليه ذلك محرما ) أي وإن طال الزمن ( قوله : لبقائه محرما ) [ ص: 309 ] وهل له إذا تعذر عوده إلى مكة التحلل كالمحصر أو لا لتقصيره بترك الطواف مع تمكنه ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الأول قياس على ما مر في الحائض وإن كانت معذورة ، وتقصيره بترك الطواف مع القدرة عليه .

                                                                                                                            لا يمنع لقيام العذر به الآن كمن كسر رجليه عمدا فعجز عن القيام حيث يصلي جالسا ولا قضاء عليه لو شفي بعد ذلك ( قوله : وبعال ) أي جماع ( قوله : لما ذكر ) أي قوله ليزول عنه أثر الإحرام ( قوله : محل واحد ) أي وهو الاغتسال .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وعبارته ) أي المصنف تبعا للمحرر بمعناه ( قوله : فلم يتوارد كلامهما ) كذا في النسخ ، ولعل ما زائدة من النساخ ، والصواب كلامه : أي الرافعي ، ويجوز رجوع الضمير إلى الموضعين من كلام الرافعي ( قوله : إن لم يفعل ) صريح في أن المراد بالحلق هنا حلق الرأس الذي هو أحد الثلاثة المذكورة ، ويلزم عليه أنه يقتضي أن هذا الحلق لم يحل له إلا بعد فعل الآخرين فينافي ما الكلام فيه وهو تابع فيه للجلال المحلي وما المانع من إرادة باقي شعور البدن فليحرر ( قوله : وإن لم يجعله نسكا ) انظر ما موقعه ، ولعل كلمة إن بعد الواو زائدة ومع ذلك يلزم عليه تناف في أطراف الكلام كما يدرك بالتأمل ( قوله التي يوجب تعاطيها ) كذا في النسخ ، ولعله سقط منه كلمة لا قبل قوله يوجب من النساخ حتى يوافق كلام غيره والمعنى




                                                                                                                            الخدمات العلمية