الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وينعقد البيع أو نحوه بالعجمية ولو مع القدرة على العربية ، واستثنى ابن الرفعة من انعقاده بالنية السكران إذ لا نية له كطلاقه والأوجه صحته منه فيهما ، إذ قوله نويت إقرار منه بها وهو مؤاخذ بالأقارير فكلامهم صريح [ ص: 381 ] في رد كلامه ، ومقابل الأصح عدم الانعقاد بها ; لأن المخاطب لا يدري أخوطب ببيع أو بغيره ، ورد بأن ذكر العوض ظاهر في إرادة البيع ( ويشترط أن لا ) يتخلل لفظ لا تعلق له بالعقد ولو يسيرا بأن لم يكن من مقتضاه ولا من مصالحه ولا من مستحباته كما فسره بذلك صاحب الأنوار ، فلو قال المشتري بعد تقدم الإيجاب بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ، قبلت صح ، وهذا إنما يأتي على طريقة الرافعي . أما على ما صححه المصنف في باب النكاح فهو غير مستحب لكنه غير مضر كما في النكاح ، وقد يفرق بأن النكاح يحتاط له أكثر فلا يلزم من عدم استحبابه ثم خروجا من خلاف من أبطل به عدم استحبابه هنا ، وشمل كلامه ما لو كان اللفظ ممن يطلب جوابه لتمام العقد وغيره .

                                                                                                                            وهو كذلك كما حكاه الرافعي عن البغوي ، وإن اقتضى كلامه في كتاب الخلع أن المشهور خلافه ، وشمل أيضا قولنا لفظ الحرف الواحد وهو محتمل إن أفهم قياسا على الصلاة وإن أمكن الفرق ، ومنه يؤخذ أنه لا يضر هنا تخلل اليسير سهوا أو جهلا إن عذر وهو متجه نعم لا يضر تخلل قد كما صرحوا به : أي لأنها للتحقيق فليست بأجنبية وأن لا ( يطول الفصل بين لفظيهما ) أو إشارتيهما أو لفظ أحدهما وكتابة أو إشارة الآخر ، والعبرة في التخلل [ ص: 382 ] في الغائب بما يقع منه عقب علمه أو ظنه بوقوع البيع له بسكوت يشعر بالإعراض ولو لمصلحة أو كلام أجنبي ولشائبة التعليق أو الجعالة في الخلع اغتفر فيه اليسير مطلقا ولو أجنبيا ، والأوجه أن السكوت اليسير ضار إذا قصد به القطع أخذا مما مر في الفاتحة ويحتمل خلافه ويفرق ( وأن ) يذكر المبتدي الثمن فلا تكفي نيته كما مر ، وأن تبقى أهليتهما لتمام العقد ، وأن لا يغير شيئا مما تلفظ به إلى تمام الشق الآخر ، وأن يتكلم كل بحيث يسمعه من بقربه عادة إن لم يكن ثم مانع ولو لم يسمعه الآخر وإلا لم يصح وإن حملته الريح ، وأن يتم المخاطب لا وكيله أو موكله أو وارثه ولو في المجلس ، وأن لا يؤقت ولو بنحو حياتك أو ألف سنة فيما يظهر كالنكاح كما يأتي ، ولا يعلق إلا بالمشيئة في اللفظ المتقدم كبعتك إن شئت فيقول اشتريت مثلا لا شئت ما لم ينو به الشراء بخلاف إن شئت بعتك فلا يصح كما أفاده السبكي وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، لأن مأخذ الصحة أن المعلق تمام البيع لا أصله ، فالذي من جهة البائع وهو إنشاء البيع لا يقبل التعليق .

                                                                                                                            وتمامه وهو القبول موقوف مشيئة المشتري وبه تكمل حقيقة البيع ، [ ص: 383 ] والفرق بين هذا وقوله إن كان ملكي فقد بعتكه أن الشرط في هذا أثبته الله في أصل البيع فيكون اشتراطه كتحصيل الحاصل إذ لا يقع عقد البيع له إلا في ملكه ، ويؤيد ذلك ما قاله الماوردي من أنه لو قال وكلتك في طلاق زينب إن شاءت جاز أو إن شاءت فقد وكلتك في طلاقها فلا ، وهذا بخلاف بعتكما إن شئتما فيما يظهر أو بعتك إن شئت بعد اشتريت منك وإن قيل بعده أو قال شئت ; لأن ذلك تعليق محض وكشئت مرادفها كأحببت والأوجه امتناع ضم التاء من النحوي مطلقا لوجود حقيقة التعليق فيه وبالملك كإن كان ملكي فقد بعتكه كما مر ونحو ذلك من إن كنت أمرتك بشرائها بعشرين فقد بعتكها بها كما يأتي في الوكالة وإن كان وكيلي اشتراه لي فقد بعتكه وقد أخبر به ، وصدق المخبر ; لأن إن حينئذ كإذ نظير ما يأتي في النكاح ، وكما في بعض صور البيع الضمني كأعتق عبدك عني بكذا إذا جاء رأس الشهر ، ويصح بعتك هذا بكذا على أن لي نصفه ; لأنه بمعنى إلا نصفه وأن ( يقبل على وفق الإيجاب ) في المعنى كالجنس والنوع والصفة والعدد والحلول والأجل وإن اختلف لفظهما صريحا وكناية .

                                                                                                                            ( فلو ) ( قال بعتك ) كذا ( بألف مكسرة ) أو مؤجلة ( فقال قبلت بألف صحيحة ) أو حالة ، أو إلى أجل أقصر ، أو أطول [ ص: 384 ] أو بألف أو ألوف أو قبلت نصفه بخمسمائة ( لم يصح ) كعكسه المفهوم بالأولى المذكور بأصله لقبوله ما لم يخاطب به نعم في قبلت نصفه بخمسمائة ونصفه بخمسمائة إن أراد تفصيل ما أجمله البائع على ما ذكره بعض المتأخرين صح وإلا فلا لتعدد العقد حينئذ فيصير قابلا لما لم يخاطب به ، وفي بعتك هذا بألف وهذه بمائة وقبل أحدهما بعينه تردد ، والأوجه عدم الصحة لانتفاء مطابقة الإيجاب للقبول ولا نظر إلى أن كلا عقد مستقل فهو كما لو جمع بين بيع ونكاح مثلا ، ولا ينعقد البيع بالألفاظ المرادفة للفظ الهبة كأعمرتك وأرقبتك ، كما جزم به في التعليقة تبعا لأبي علي الطبري فلا تكون صريحا ولا كناية خلافا لبعض المتأخرين ، ولو قال : أسلمت إليك في هذا الثوب مثلا فقبل لم ينعقد بيعا ولا سلما كما سيأتي في كلامه ، ولا بد من قصد اللفظ لمعناه كما في نظيره من الطلاق ، فلو سبق [ ص: 385 ] لسانه إليه أو قصده لا لمعناه كتلفظ أعجمي به من غير معرفة مدلوله لم ينعقد على ما سيأتي ثم إن شاء الله تعالى ويجري ذلك في سائر العقود

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فيهما ) أي [ ص: 381 ] البيع والطلاق ( قوله : في رد كلامه ) أي ابن الرفعة ( قوله : بأن لم يكن من مقتضاه ) ومنه إجابة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يظهر وما لو رأى أعمى يقع في بئر فأرشده ( قوله : والصلاة على رسول الله ) والظاهر أنه لو أراد قوله صلى الله عليه وسلم لم يضر ، ثم رأيت الزيادي ناقلا له عن الأنوار ويتجه ضرر الاستعاذة ( قوله : صح ) ومثله في الصحة ما لو قال والله قبلت فيصح فيما يظهر ( قوله : لكنه غير مضر ) أي فيكون من مصالحه ا هـ زيادي ( قوله : لتمام العقد وغيره ) أي من المتعاقدين كما هو معلوم فلا يضر التخلل من المتوسط لأنه ليس بعاقد ، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين اليسير وغيره سواء كان ممن يريد أن يتم العقد أو ممن انقضى لفظه ، ولا ينافيه قول حج : وأن لا يطول الفصل بسكوت مريد الجواب أو كلام من انقضى لفظه بحيث يشعر بالإعراض لأنه إنما اعتبر الحيثية لكونه في مقام تصوير طول الفصل ، وهو لا يقتضي ; عدم الضرر عند كون الفاصل يسيرا لأنه عمهم في الفاصل من الكلام أولا بقوله أن لا يتخلل لفظ إلخ ، لكن نقل سم على منهج عن شرح الإرشاد أن الكثير يضر ممن فرغ كلامه بخلاف اليسير فليتأمل ( قوله : وهو كذلك ) ووجهه أن التخلل إنما ضر لإشعاره بالإعراض والإعراض مضر من كل منهما ، فإن غير المطلوب جوابه لو رجع قبل لفظ الآخر أو معه ضر فكذا لو وجد منه ما يشعر بالرجوع والإعراض فتأمله يظهر لك وجاهة ما اعتمده شيخنا انتهى .

                                                                                                                            سم على حج ( قوله : الحرف الواحد ) معتمد ( قوله : وهو محتمل إن أفهم ) عبارة سم على حج عطفا على ما شملته العبارة : وكذا بغير المفهم وهو محل نظر ( قوله : إن عذر ) المراد بالعذر هنا أن يكون ممن يخفى عليه ذلك وإن لم يكن قريب عهد بالإسلام ولا نشأ بعيدا عن العلماء ( قوله : نعم لا يضر تخلل قد ) عبارة حج إلا نحو قد وإن ( قوله : كما صرحوا به ) أي ولو لم يقصد بها التحقيق ; لأن الألفاظ إذا أطلقت حملت على معانيها ، وهذا ظاهر فيما لو أتى بها الثاني بعد تمام الصيغة من الأول وبقي ما لو قال بعتك بعشرة قد والظاهر أنه يضر كما يؤخذ من قول الشارح أنها للتحقيق ، وببعض الهوامش أنه لا يضر ; لأنها بمعنى فقط حتى كأنه قال بعتك بكذا دون غيره ، وفيه نظر لأن هذا المعنى ليس مستفادا من اللفظ إلا أن يقال : استفادة [ ص: 382 ] المعاني من الألفاظ لا يشترط كونها وضعية بل يكفي انفهام المعنى منها كما في محرفات العوام وهو قريب ( قوله : عقب علمه ) أما الحاضر فلا يضر تكلمه قبل علم الغائب وكذا لو قال بعت من فلان وكان حاضرا لا يضر تكلمه قبل علمه انتهى .

                                                                                                                            سم على منهج عن مر .

                                                                                                                            وقضية قوله من فلان أنه لو خاطبه بالبيع فلم يسمع فتكلم قبل علمه ضر ولعله غير مراد ، وأن التعبير بالغائب جرى على الغالب من أن الحاضر يسمع ما خوطب به ( قوله : بسكوت ) متعلق بقول المصنف أن لا يطول الفصل ( قوله : أو كلام أجنبي ) عطف على بسكوت ( قوله : مطلقا ) عمدا أو سهوا ( قوله : أن السكوت اليسير ضار ) معتمد ( قوله : إذا قصد به القطع ) عبارة الزيادي : ولو قصد به القطع بخلاف القراءة لأنها عبادة بدنية محضة وهي أضيق من غيرها انتهى .

                                                                                                                            وهي تفيد الصحة مع قصد القطع فتوافق قوله هنا ويفرق ( قوله : ما مر ) أي بعد قول المصنف بكذا من قوله ولا تكفي نيته خلافا لبعض المتأخرين ( قوله : وأن تبقى أهليتهما ) احترز به عما لو جن أو أغمي عليه ، وخرج به ما لو عمي بينهما وكان مذ عمي ذاكرا فلا يضر ، ومعلوم من ذلك أنها موجودة في ابتدائه ( قوله : لتمام العقد ) أي فيضرر زوالها مع التمام ( قوله : ولو لم يسمعه الآخر ) وعليه فلو خاطبه بلفظ البيع وجهر به بحيث يسمعه من بقربه ولو لم يسمعه صاحبه وقبل اتفاقا أو بلغه غيره صح .

                                                                                                                            وعبارة سم على منهج في أثناء كلام : حتى لو قبل عبثا فبان بعد صدور بيع له صح كمن باع مال أبيه الظان حياته فبان ميتا انتهى .

                                                                                                                            وقول سم صح ظاهره أنه لا فرق بين طول الزمن وقصره وهو ظاهر ( قوله : وأن يتم المخاطب ) هذا أعم من قول من قال : وأن يكون القبول ممن صدر معه الخطاب لشمول هذا لما لو سبق الاستيجاب ( قوله : كالنكاح ) عبارة حج : أو ألف سنة على الأوجه ، ويفرق بينه وبين النكاح على ما يأتي فيه بأن البيع لا ينتهي بالموت بخلاف النكاح ، لكن جزم الشارح ثم بفساد النكاح مع الشرط المذكور ، وهو موافق لما اقتضاه قوله : هنا كالنكاح كما يأتي وعلله ثم بأن الموت لا يرفع آثار النكاح كلها ( قوله : ما لم ينو به الشراء ) أي فيكون كناية ( قوله : وأفتى به الوالد ) [ ص: 383 ] أي خلافا لحج ( قوله : والفرق بين هذا ) اسم الإشارة راجع إلى قوله إن شئت بعتك ( قوله : فقد بعتكه ) أي حيث صح مع التقدم ( قوله : أن الشرط ) وهو الملك ( قوله : في هذا ) اسم الإشارة راجع إلى قوله إن كان ملكي ( قوله : ويؤيد ذلك ) أي الفرق بين التقديم والتأخير للمشيئة ( قوله : جاز ) أي اعتد به ; لأن الجواز يستعمل بمعنى الحل والصحة معا كما ذكره عند قول المصنف يشترط لرفع الحدث والنجس ماء مطلق ، ثم قضيته أنه لو طلق الوكيل بعد قول الزوج إن شاءت لم يقع طلاق وإن شاءت ، وقضية قولهم في باب الوكالة إذا بطل خصوص الوكالة نفذ تصرف الوكيل بعموم الإذن وقوع الطلاق ( قوله : فيما يظهر ) جزم به حج ، ففي قول الشارح فيما يظهر تعريض لحج حيث جزم مع كون المسألة ليست منقولة ( قوله : تعليق محض ) أي فلا يصح ( قوله : مطلقا ) قابلا أو مجيبا ( قوله : وبالملك ) عطف على بالمشيئة انتهى .

                                                                                                                            سم على حج ( قوله : وصدق المخبر ) قضيته أنه لا يعتبر فيما لو قال إن كان ملكي ظن ملكه له حين التعليق ، ويؤيده ما يأتي فيما لو باع مال مورثه ظانا حياته فبان ميتا ، وعليه فيشكل الفرق بينه وبين ما لو قال إن كان وكيلي اشتراه لي . إلخ ; لأن حاصل مسألة الوكيل يرجع إلى إن كان ملكي ( قوله : إذا جاء رأس الشهر ) قال في الروض في باب الكفارة : فرع : قال إذا جاء الغد فأعتق عبدك عني على ألف ففعل صح ولزم المسمى ، وكذا لو قال المالك أعتقه عنك على ألف إذا جاء الغد وقبل انتهى .

                                                                                                                            وقوله : ففعل صح عبارة الروضة فصبر حتى جاء الغد فأعتقه عنه .

                                                                                                                            حكى صاحب التقريب عن الشافعي أنه ينعقد العتق عنه ويثبت المسمى عليه انتهى .

                                                                                                                            وقوله : وقبل قال في شرحه في الحال انتهى سم على حج .

                                                                                                                            وقوله : حتى جاء الغد مفهومه أنه لو قال حالا قبل مجيء الغد إذا جاء الغد أعتقته عنك عدم الصحة ، وهو ظاهر ; لأنه صريح في التعليق ( قوله : وأن يقبل إلخ ) تعبيره بالقبول جرى على الغالب من تأخره عن الإيجاب وإلا فحكم الإيجاب التأخر أو الاستيجاب كحكم القبول ( قوله : في المعنى ) أي لا في اللفظ حتى لو قال وهبتك فقال اشتريت أو عكس .

                                                                                                                            صح مع اختلاف صيغتيهما لفظا أو كانت صيغة أحدهما صريحا والآخر كناية انتهى حج .

                                                                                                                            لكن ينبغي فيما لو قال بعتك ذا بكذا فقال اتهبت أن يقول بذلك ، وإلا فلا يصح لانصرافه إلى الهبة فلا يكون القبول على وفق الإيجاب ( قوله : والصفة ) أي وإن لم [ ص: 384 ] تختلف القيمة ، أو كانت قيمة ما قبل به أكثر ( قوله : صح ) بقي ما لو قال بعتك نصفه بخمسمائة ونصفه بخمسمائة فقال قبلته بألف هل يصح أو لا ؟ فيه نظر ، ونقل بالدرس عن الأنوار الصحة قال : فإن أطلق أو قصد التعدد لم يصح ا هـ .

                                                                                                                            وينبغي أن المراد بقصد الإجمال في كلام الأنوار أن المشتري قصد بقاء التعدد الذي ذكره البائع على حاله وأن مجموع الثمنين ألف ( قوله : وإلا فلا ) شمل ما لو أطلق ، لكن في حاشية سم نقلا عن الشارح أن المتجه الصحة في هذه ( قوله : والأوجه عدم الصحة ) خلافا لحج حيث استوجه الصحة وقال : ثم رأيت القاضي قال الأظهر الصحة ، ويؤيد ما هنا ما في الروضة وأصلها في تفريق الصفقة أنه لو أوجب واحد لاثنين فقبل أحدهما لم يصح ا هـ .

                                                                                                                            مع أنه تعددت الصفقة ، وقياس البطلان أنه لو كان المشتري ولي يتيم وقد قصد الشراء لليتيم ثم تبين زيادة ثمن أحدهما على ثمن المثل بطل العقد فيهما جميعا ، إذ لو صح في الآخر لزم صحة قبول أحدهما دون الآخر فليتأمل الجمع بين بيع ونكاح حيث يجوز فيه قبول أحدهما فليراجع ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : أقد يفرق بأن النكاح ليس معاوضة محضة ومن ثم لم يتأثر بالشروط الفاسدة حيث لم تخل ; بمقصود النكاح ، لكن يشكل ما ذكره في مسألة الولي من الفساد على ما لو باع خلا وخمرا أو عبدا وحرا وقبلهما المشتري فإن قبوله لاغ بالنسبة للخمر والحر إلا أن يقال : لما كان كل من الخمر والحر لا يقبل العقد كان ذكره في العقد بمنزلة العدم ( قوله : خلافا لبعض المتأخرين ) مراده حج حيث جعلهما كنايتين ، بل نقل عن بعضهم صراحتهما ، ولعل الفرق بين هذين وبين ما تقدم من صحة وهبتك ذا بكذا أن لفظ الهبة لم يشتمل على ما ينافى البيع ، بخلاف هذين فإنهما يشتملان على التعليق المنافي للبيع ( قوله : لم ينعقد بيعا ) أي ; لأن السلم يقتضي الدينية والعقد على معين فلا ينعقد بيعا لفساد صيغته ولا سلما لانتفاء كونه دينا ( قوله : ولا بد من قصد اللفظ ) ويصدق في ذلك كما يؤخذ من قوله قبل ، ومع صراحة ما تقرر يصدق في قوله [ ص: 385 ] لم أقصد بها جوابا ( قوله : من غير معرفة مدلوله ) أي أما مع معرفة ذلك فينعقد به عند الإطلاق ، ويقبل منه ذلك حيث لا قرينة تدل على ما ادعاه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : من انعقاده بالنية ) لعل صوابه بالكناية ( قوله : إذ قوله نويت إقرار منه بها ) أي فهو إنما أخذناه من جهة الإقرار وإلا فالسكران لا يتصور منه نية ، فالاستثناء ظاهر [ ص: 381 ] قوله : وغيره ) يعني خصوص البادئ بالعقد ، وكان الأصوب حذفه من هنا كما حذفه الشهاب حج لأنه سيأتي قريبا في شرح قول المصنف لا يطول الفصل بين لفظيهما الأنسب به مما هنا كما لا يخفى [ ص: 382 ] قوله : بسكوت ) متعلق بالفصل في كلام المصنف ( قوله : أو كلام أجنبي ) أي ممن انقضى لفظه كما هو كذلك في التحفة وعلى ما في الشرح فهو مكرر مع قوله السابق أو غيره ، بل إن أخذه على عمومه كان التكرير في الطرفين كما لا يخفى .

                                                                                                                            والحاصل أن الشهاب حج اقتصر فيما مر على قوله مما يطلب جوابه لتمام العقد ، واقتصر هنا على قوله أو كلام من انقضى لفظه ، وخصص كلا بمحله الذي ذكره فيه للمناسبة التي لا تخفى [ ص: 383 ] قوله : ويؤيد ذلك ) أي ما مر في المشيئة ( قوله : بخلاف بعتكما ) أي فلا يصح ووجهه أنه علق في كل واحد منهما بمشيئته ومشيئة غيره ( قوله : والملك ) معطوف على قوله آنفا بالمشيئة ، وفي نسخ وبالملك ، وهي أوضح [ ص: 384 ] قوله : كعكسه ) يعني عكس ما في المتن خاصة ( قوله : على ما ذكره بعض المتأخرين ) يعني الشهاب حج ، وهذا التبري راجع إلى التقييد بإرادة تفصيل ما أجمله البائع خاصة بدليل ذكره عقبه فليس راجعا لأصل الصحة ، وإلا لذكره عقب قوله صح فالشارح موافق لما اعتمده الزيادي كابن قاسم من الصحة سواء قصد تفصيل ما أجمله البائع أو أطلق .

                                                                                                                            نعم عبارته تشمل الصحة إن أراد تعدد العقد وهو غير مراد بدليل تعليله للمفهوم الآتي بقوله ولتعدد العقد حينئذ لكن في ذكره المفهوم على هذا الوجه بعد التقييد الذي تبرأ منه فيما مر قلاقة لا تخفى وملخص المراد منه أن الداخل تحت قوله وإلا فلا ما إذا أراد تعدد العقد خاصة بدليل تعليله ( قوله : فهو كما لو جمع بين بيع ونكاح مثلا ) من جملة المنفي فكان ينبغي إسقاط لفظ وهو




                                                                                                                            الخدمات العلمية