الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يصح شراء ) يعني تملك ( الكافر ) ولو مرتدا لنفسه أو لمثله بنفسه أو بوكيله ولو مسلما ( المصحف ) يعني ما فيه قرآن وإن قل ولو كان في ضمن نحو تفسير أو علم فيما يظهر .

                                                                                                                            نعم يتسامح بتملك الكافر الدراهم والدنانير التي عليها شيء من القرآن للحاجة إلى ذلك ، ويلحق بها فيما يظهر ما عمت به البلوى أيضا من شراء أهل الذمة الدور وقد كتب في سقفها شيء من القرآن فيكون مغتفرا للمسامحة به غالبا إذ لا يقصد به القرآنية كما وسموا نعم الجزية بذكر الله [ ص: 389 ] مع أنها تتمرغ في النجاسة ، نبه على ذلك الزركشي ، ومثل القرآن الحديث ولو ضعيفا فيما يظهر إذ هو أولى من الآثار الآتية وكتب العلم التي بها آثار السلف لتعريضها للامتهان ، بخلاف ما إذا خلت عن الآثار وإن تعلقت بالشرع ككتب نحو ولغة خلافا لبعضهم ، ويمنع الكافر من وضع يده على المصحف لتجليده كما قاله ابن عبد السلام وإن رجي إسلامه ، بخلاف تمكينه من القراءة لما في تمكينه من الاستيلاء عليه من الإهانة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : الكافر ) أي يقينا ، فلو كان مشكوكا في كفره فينبغي أن يقال : إن كان في دار الإسلام صح وإن كان في دار الكفر لم يصح ; لأن أصل الكفر أخذا من قوله السابق كمن جهل رقه وحريته لأن الغالب عدم الحجر .

                                                                                                                            ثم رأيت في كلام سم على بهجة ما نصه : قوله : وبهدي من تشترى له السنن إلخ لو شك في إسلامه ، فإن كان بدار الإسلام فيتجه الصحة لأنه محكوم شرعا بإسلامه ، وإن كان في دار الكفر فهل يصح أيضا ; لأن الكفر مانع ، والأصل عدم المانع أو لا يصح ; لأن الإسلام شرط في صحة هذا البيع ، وهو مشكوك فيه ; ولأن الظاهر أنه محكوم بكفر من بدار الكفر بدليل أنه يحكم بكفر اللقيط إذا لم يعلم بها مسلم فيه نظر ، ولعل المتجه الثاني فليتأمل ا هـ ( قوله : المصحف ) خرج جلده المنفصل عنه فإنه وإن حرم مسه للمحدث يصح بيعه للكافر كما أفتى به شيخنا الرملي .

                                                                                                                            [ فرع ] اشترى مسلم وكافر مصحفا فالمعتمد صحته للمسلم في نصفه مر ا هـ سم على حج ( قوله : ما فيه قرآن ) ولو تميمة ، ثم قال : وهل يشمل ما فيه قرآن ولو حرفا .

                                                                                                                            ويحتمل أن الحرف إن أثبت فيه بقصد القرآنية امتنع البيع حينئذ ، وإلا فلا ا هـ سم على حج ( قوله : نعم يتسامح إلخ ) هل يأتي مثل ذلك في الخاتم ؟ فيه نظر ، وينبغي أن يقال إن قصد به التمييز جاز بيعه له وإلا فلا ( قوله : للحاجة إلى ذلك ) أي لحاجتهم إلى ذلك والمنع لهم من التعامل بها إضرار لهم وقد أمرنا بعدمه ، وظاهره ولو كان في البلد غيرها وتيسرت المعاملة به لما في المنع من الإضرار لهم في الجملة ( قوله : من شراء أهل الذمة إلخ ) خلافا لحج هنا ، لكنه وافق مر في شرح الإرشاد سم حيث قال بالبطلان فيما كتب عليه قرآن منها دون غيره تفريقا للصفقة ( قوله : وقد كتب في سقفها ) أي أو جدرها للعلة المذكورة ( قوله : فيكون متغفرا ) أي وعليه فلو أراد البائع محو الآيات بعد البيع فهل يحرم عليه ذلك أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الحرمة لأنه بالبيع امتنع عليه التصرف فيها ، ويثبت للمشتري الخيار إن فعل ذلك قبل قبض المشتري له ، ولو كان ذلك بعد قبض المشتري له لزمه أرش نقصه إن نقصت قيمته بذلك ( قوله : للمسامحة ) وينبغي أن مثل ذلك الثوب المكتوب عليه القرآن لعدم قصد القرآنية بما يكتب عليه إلا أن يقال : الغالب فيما يكتب على الثياب أن يقصد به [ ص: 389 ] التبرك للابس فأشبه التمائم ، على أن في ملابسته لبدن الكافر امتهانا له ، ولا كذلك ما يكتب على السفوف .

                                                                                                                            وفي حج ما نصه : أو على نحو ثوب أو جدار ما عدا النقد للحاجة ( قوله : ومثل القرآن الحديث ) ولا فرق في القرآن بين كونه منسوخ التلاوة ولو مع نسخ الحكم وغيره ، قال سم : ومثل المصحف التوراة والإنجيل فيمتنع إذا لم يعلم تغييرهما ( قوله : ولو ضعيفا ) أي وذلك ; لأنا لم نقطع بنفي نسبته عنه صلى الله عليه وسلم وخرج بالتضعيف الموضوع ( قوله : وكتب العلم التي بها آثار السلف ) كالحكايات المأثورة عن الصالحين ا هـ زيادي .

                                                                                                                            وفي سم على حج : ولا يبعد أن أسماء الأنبياء سيما نبينا كالآثار ا . هـ .

                                                                                                                            ونقل عن العلامة شيخنا سليمان البابلي تخصيص ذلك بمن لا يعتقد تعظيم ذلك النبي كالنصارى بالنسبة لسيدنا موسى انتهى .

                                                                                                                            أقول : وفيه وقفة وينبغي الأخذ بإطلاقهم ، وينبغي أن مثل ذلك أسماء صلحاء المؤمنين حيث وجد ما يعين المراد بها كأبي بكر بن أبي قحافة ( قوله : لتعريضها للامتهان ) يؤخذ من هذا بالأولى أنه يحرم على المسلم إذا استفتاه ذمي أن يكتب له في السؤال والجواب لفظ الجلالة فتنبه له فإنه يقع كثيرا الخطأ فيه ( قوله : ككتب نحو ) أي إن خلت عن بسم الله كما هو ظاهر ( قوله : خلافا لبعضهم ) تبعه حج ( قوله : لتجليده ) ظاهره وإن احتيج للتجليد وانحصر في الكافر ، وهو ظاهر لأن غاية ما يترتب على عدم تمكينه منه نقصان ورقه أو تلفه ولم ينظروا له في غير هذه الصورة ( قوله : بخلاف تمكينه من القراءة ) أي إذا رجي إسلامه بأن فهم ذلك من حاله .

                                                                                                                            أما إذا لم يرج إسلامه فإنه يمنع منها ، والمخاطب بالمنع الحاكم لا الآحاد لما فيه من الفتنة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 387 - 388 ] ( قوله إذ لا يقصد به القرآنية ) قضيته أنه لا يبطل إلا بيع ما قصد به القرآنية ، ويرد عليه ما مر من القرآن المكتوب في ضمن علم أو نحوه ، ثم إن كون ما ذكر لم يقصد به القرآنية في مقام المنع إذ لا صارف له عن القرآنية ، بل إنما كتب للتبرك بالقرآن من حيث إنه قرآن كما لا يخفى .

                                                                                                                            نعم هو لم يقصد به الدراسة فلو علل به لكان له وجه [ ص: 389 ] قوله : نعم الجزية ) صوابه نعم الصدقة ، وقوله بذكر الله الأوضح باسم الله ( قوله : ككتب نحو ولغة ) أي وفقه كما في شرح الروض




                                                                                                                            الخدمات العلمية