الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا ) تملك الذمي في دار الحرب ولا ( الحربي ) ولو مستأمنا كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأن الأمان عارض والحرابة فيه متأصلة ( سلاحا ) وهو هنا كل ناقع في الحرب ولو درعا وفرسا ، بخلافه في صلاة الخوف لاختلاف ملحظهما أو بعضه

                                                                                                                            لأنه يستعين به على قتالنا ، فالمنع منه لأمر لازم لذاته فألحق بالذاتي في اقتضاء منع الفساد ، بخلاف الذمي بدارنا لكونه في قبضتنا ، وقيده بعضهم بما إذا لم يخش دسه إلى أهل الحرب ، ويغلب على الظن ذلك بقرينة والباغي وقاطع الطريق لسهولة تدارك أمرهما ، وأصل السلاح كالحديد لاحتمال أن يجعله غير سلاح ، فإن ظن جعله سلاحا حرم وصح [ ص: 391 ] كبيعه لباغ أو قاطع طريق ( والله أعلم )

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو مستأمنا ) أي معاهدا وظاهره ولو بدارنا ، ويدل عليه اقتصاره في بيان المفهوم على الذمي بدارنا الآتي في قوله بخلاف الذمي في دارنا .

                                                                                                                            [ فرع ] لو باع العبد الكافر من حربي فالظاهر امتناعه بقياس الأولى على آلة الحرب إلا أن يقال : الغرض الظاهر من الآلة والخيل القتال ولا كذلك العبد انتهى .

                                                                                                                            وهذا الثاني هو مقتضى تعليل صحة بيع الحديد بأنه لا يتعين جعله عدة حرب ، وقد جزم شيخنا ، في شرح الإرشاد بنقل الصحة ا هـ سم على منهج ( قوله : سلاحا ) كما ذكره الرافعي في الشرح في المناهي انتهى محلي .

                                                                                                                            أقول : نبه به على أنه من زيادته على المحرر لا على كلام الرافعي مطلقا بخلاف ما قبله .

                                                                                                                            وقال سم على حج : هل كالسلاح السفن لمن يقاتل في البحر أو لا لعدم تعينها للقتال ؟ فيه نظر ، ويتجه الأول كالخيل مع عدم تعينها للقتال انتهى .

                                                                                                                            ( قوله : بخلافه ) أي السلاح ( قوله : في صلاة الخوف ) أي فإن المراد به ثم ما يدفع لا ما يمنع ( قوله : أو بعضه ) أي شائعا ( قوله : لأنه يستعين ) أي مظنة الاستعانة ليكون لازما ا هـ سم على حج ، والمراد أنه إذا حملت الاستعانة على ظاهرها لم تكن لازمة للبيع ( قوله : وقيده بعضهم ) أي ما ذكر من الصحة .

                                                                                                                            قال حج : ويرده ما يأتي في جعل الحديد سلاحا فالمتجه أنه مثله ، وقد يفرق بأن الحديد لا يصلح بذاته للحرب ولا كذلك السلاح فإنه بذاته صالح .

                                                                                                                            وحيث خشي دسه لهم كان بمنزلة بيعه منهم ( قوله : ويغلب على الظن ذلك ) أي الدس ( قوله : والباغي ) عطف على الذمي ( قوله : وأصل ) أي وبخلاف ( قوله : لاحتمال إلخ ) يؤخذ من هذا جواب حادثة وقع السؤال عنها ، وهي أن طائفة من الحربيين أسروا جملة من المسلمين وجاءوا بهم إلى محلة قريبة من بلاد الإسلام وطلبوا من أهل تلك المحلة أن يفتدوا أولئك الأسرى بمال فوافوهم على قدر معلوم من الدراهم ، ثم لما شرعوا في إحضار الدراهم اختلفوا وامتنعوا من قبولها وقالوا لا نطلقهم إلا ببر ونحوه مما [ ص: 391 ] نستعين به على الذهاب إلى بلادنا ، وإلا فنذهب بهم حيث شئنا ، فوقع السؤال عن ذلك : هل يجوز أو يحرم لما فيه من إعانتهم على قتالنا ؟ وحاصل الجواب أن قياس ما هنا من جواز بيع الحديد لهم جواز الافتداء بما طلبوه من القمح ونحوه ; لأنه ليس من آلة الحرب ولا يصلح لها بل يؤخذ مما سيأتي في الجهاد من استحباب افتداء الأسرى بمال استحباب هذا وتوهم أنهم يستعينون به على قتالنا مفسدة متوهمة واستخلاص الأسرى مصلحة محققة فلا تترك للمفسدة المتوهمة فاحفظه فإنه مهم .

                                                                                                                            وقضية قوله لاحتمال أن يجعله إلخ أنه لو أخبر معصوم بجعلهم له عدة حرب عدم صحة بيعه لهم ، وهو محتمل ، وعليه فيفرق بينه وبين ما لو نام غير ممكن وأخبره معصوم بعدم خروج شيء منه حيث قيل فيه بالنقض بأن الشارع جعل النوم نفسه ناقضا إقامة للمظنة مقام اليقين ( قوله : وصح كبيعه ) ولعله لم ينظر إلى هذا الظن لعدم صلاحيته للحرب بهيئته ، بخلاف ما لو خيف دسه إليهم فإنه لا يصح لصلاحيته للحرب بتلك الهيئة




                                                                                                                            الخدمات العلمية