الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وليست العلقة ) وهي دم غليظ يستحيل إليه المني ، سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تلاقيه ( والمضغة ) وهي لحمة منعقدة من ذلك .

                                                                                                                            سميت به لأنها بقدر ما يمضغ ( ورطوبة الفرج ) وهي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق كما في المجموع وفيه أن الخارجة من باطن الفرج نجسة .

                                                                                                                            والحاصل أنها متى خرجت من محل لا يجب غسله فهي نجسة لأنها حينئذ [ ص: 247 ] رطوبة جوفية ، وهي إذا خرجت إلى الظاهر يحكم بنجاستها فلا ينجس ذكر المجامع عند الحكم بطهارتها ، ولا يجب غسل الولد المنفصل في حياة أمه ، والأمر بغسل الذكر محمول على الاستحباب ، ولا تنجس مني المرأة على ما مر ( بنجس في الأصح ) من كل حيوان طاهر ولو غير مأكول من آدمي أو غيره ، وقول الشارح من الآدمي أفاد به مع قوله آخر المقالة والثلاثة من غير الآدمي أولى بالنجاسة أن الخلاف في الثلاثة جار ، سواء أكانت من الآدمي أم من غيره ، وأن مقابل الأصح في الثلاثة من غير الآدمي أقوى من مقابله فيها من الآدمي ، فما ذكره ليس تقييدا مخرجا للثلاثة من غير الآدمي من الطهارة .

                                                                                                                            هكذا أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه ، وخرج بالطاهر النجس ككلب ونحوه .

                                                                                                                            ومن المحكوم بنجاسته البخار الخارج من النجاسة المتصاعد عنها بواسطة نار ، إذ هو من أجزائها تفصله النار منها لقوتها لأنه رماد منتشر لكن يعفى عن قليله ، وشمل ذلك دخان الند المعجون بالخمر وإن جاز التبخر به لأن المتنجس هنا كالنجس ، وما لو انفصل دخان من لهب شمعة وقودها نجس أو من دخان خمر أغليت ولم يبق فيها شدة مطربة لنجاسة عينها ، أو من دخان حطب أوقد بعد تنجسه بنحو بول .

                                                                                                                            وأما النوشادر وهو مما عمت به البلوى فإن تحقق أنه انعقد من دخان النجاسة أو قال عدلان خبيران إنه لا ينعقد إلا من دخانها فنجس ، وإلا فالأصل الطهارة ، ويعفى عن يسير شعر نجس من غير نحو كلب ، وعن كثيره من مركوب لمشقة الاحتراز عنه ، وعن روث سمك فلا ينجس الماء لتعذر الاحتراز عنه إلا أن يغيره فينجس ، ولما يغلب ترشحه كدمع وبصاق ومخاط حكم حيوانه طهارة وضدها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تعلق ) من باب طرب ا هـ مختار ( قوله : ورطوبة الفرج ) وقع السؤال في الدرس عما يلاقيه باطن الفرج من دم الحيض هل يتنجس بذلك فيتنجس به ذكر المجامع أو لا ؟ لأن ما في الباطن لا ينجس أقول : الظاهر أنه نجس كالنجاسات التي في الباطن فإنها محكوم بنجاستها ، ولكنها لا تنجس ما أصابها إلا إذا اتصلت بالظاهر ، ومع هذا فينبغي أن يعفى عن ذلك ، فلا ينجس ذكر المجامع لكثرة الابتلاء به ، وينبغي أن مثل ذلك أيضا ما لو أدخلت أصبعها لغرض ، لأنه وإن لم يعم الابتلاء به كالجماع لكنها قد تحتاج إليه كأن أرادت المبالغة في تنظيف المحل .

                                                                                                                            وينبغي أيضا أنه لو طال ذكره وخرج عن الاعتدال أنه لا ينجس بما أصابه من الرطوبة المتولدة من الباطن الذي لا يصل إليه ذكر المجامع المعتدل لعدم إمكان التحفظ منه ، فأشبه ما لو ابتلي النائم بسيلان الماء من فمه فإنه يعفى عنه لمشقة الاحتراز عنه فكذا هذا ( قوله : والحاصل ) يتأمل هذا مع قوله بعدم وجوب غسل ذكر المجامع فإنه يصل إلى ما لا يجب غسله من المرأة ، وعليه فكان القياس نجاسته .

                                                                                                                            نعم في كلام سم على بهجة ما يفيد أنا وإن قلنا بنجاسته يعفى عنه .

                                                                                                                            ونقل بالدرس عن ابن العماد أن محل نجاسة ما يخرج مما لا يجب غسله من الفرج حيث خرج بنفسه كأن سال .

                                                                                                                            أما ما يخرج على ذكر المجامع أو على أصبع المرأة إذا أدخلته في فرجها فطاهر ا هـ .

                                                                                                                            وفيه نظر .

                                                                                                                            والقياس أنه نجس غايته أنه يعفى عنه فلا ينجس ذكر المجامع كما فهم من حاشية البهجة لسم ( قوله : فهي نجسة ) خلافا لحج حيث قال بطهارتها إن خرجت مما يصل إليه ذكر المجامع ، وهو الأقرب : أي فلا [ ص: 247 ] ينجس كما تقدم عن شرح العباب له ( قوله : بنجس في الأصح ) أي ومع ذلك فلا يجوز أكل المضغة والعلقة من المذكاة فيما يظهر ، ثم رأيت شرح الروض صرح بذلك في الأطعمة والأضحية ( قوله : لكن يعفى عن قليله ) ولو من مغلظ وظاهره ولو بفعله ، ويمكن توجيهه باغتفار ذلك لكثرة الابتلاء به فلا ينافي ما مر من أنه لو ألصق بثوبه ذبابة متنجسة بنحو غائط لم يعف عنه وإن لم يدرك الطرف ما أصابه منها لأنه بفعله ولو شك في القلة وعدمها لم ينجس عملا بالأصل ( قوله : وما لو انفصل دخان ) أفهم أنه لو نشف شيئا رطبا على اللهب المجرد عن الدخان لا يتنجس وهو ظاهر .

                                                                                                                            ثم رأيت في ابن العماد من كتابه [ رفع الإلباس عن وهم الوسواس ] ما نصه : السابع إذا أوقد بالأعيان النجسة تصاعدت النار وتصاعد من النار الدخان ، وقد سبق حكم الدخان .

                                                                                                                            وأما النار المتصاعدة في حال الوقود فليست من نفس الوقود ، وإنما هي تأكل الوقود ويخرج منه الدخان ، والدخان أجزاء لطيفة تنفصل من الوقود ، ولهذا يجتمع منه الهباب ، والذي يظهر أن النار المتصاعدة طاهرة حتى لو صعدت صافية من الدخان ومست ثوبا رطبا لم يحكم بتنجسه ، إلا أنها في الغالب تختلط بالدخان بدليل أن الدخان يصعد من أعلاها في حال التلهب والدخان يختلط بها ، ولهذا إذا لاقت النار شيئا رطبا أسود من الدخان الذي هو مختلط بها ، فعلى هذا إذا لاقاها شيء رطب تنجس ا هـ .

                                                                                                                            ومنه يعلم أن الهباب المعروف المتخذ من دخان السرجين أو الزيت المتنجس إذا أوقد به نجس كالرماد ، وقد يقال بالعفو عن قليله أخذا من قول الشارح السابق .

                                                                                                                            إذ من القواعد أن المشقة تجلب التيسير ( قوله : نحو كلب ) أي أما هو فلا يعفى منه وإن احتاج إلى ركوبه لغلظ أمره وندرة وقوع مثله ( قوله : لمشقة الاحتراز ) أي من شأنه ذلك حتى لو كان يمكنه التحرز عنه وأصابه لم يضر



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 246 - 247 ] قوله : ولا تنجس مني المرأة ) الضمير في تنجس راجع إلى الرطوبة ( قوله : ومن المحكوم بنجاسته البخار ) يعني الدخان ( قوله : إلا أن يغيره ) أي وإلا أن يضع السمك في الماء عبثا كما قدمه في أوائل كتاب الطهارة




                                                                                                                            الخدمات العلمية