الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) الشرط السابع ( معرفة الأوصاف التي ) تتعلق بالمسلم فيه للمتعاقدين مع عدلين كما يأتي التي ينضبط المسلم فيه بها و ( يختلف بها الغرض [ ص: 199 ] اختلافا ظاهرا ) وليس الأصل عدمها لتقريبه من المعاينة ، ولأن القيمة تختلف بسببها ، إذ لا يخرج عن الجهل به إلا بذلك ، بخلاف ما يتسامح عادة بإهماله كالكحل والسمن ، وما الأصل عدمه ككتابة القن وزيادة قوته على العمل ، وما اعترض به بعض الشراح باشتراط ذكر البكارة أو الثيوبة مع أن الأصل عدم الثيوبة رد بأنه لما غلب وجودها صارت بمنزلة ما الأصل وجوده ، ولو شرط كونه سارقا أو زانيا مثلا صح بخلاف كونه مغنيا أو عوادا مثلا : والفرق أن هذه مع خطرها تستدعي طبعا قابلا وصناعة دقيقة فيعز وجودهما مع الصفات المعتبرة بخلاف الأول ( و ) يشترط ( ذكرها في العقد ) مقترنة به ليتميز المعقود عليه فلا يكفي ذكرها قبله ولا بعده ولو في مجلس العقد نعم لو توافقا قبل العقد وقالا أردنا في حالة العقد ما كنا اتفقنا عليه صح ما قاله الإسنوي ، وهو نظير من له بنات ، وقال لآخر زوجتك بنتي ونويا معينة لكن ظاهر كلامهم يخالفه ولا بد من كون ذلك ( على وجه لا يؤدي إلى عزة الوجود ) [ ص: 200 ] أي قلته لأن السلم غرر كما مر فلا يصح فيما لا يوثق بتسليمه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إذ لا يخرج عن الجهل به ) أي المسلم فيه ( قوله : إلا بذلك ) أي ذكر الأوصاف التي يختلف بها الغرض ( قوله : كالكحل والسمن ) أي ومع ذلك لو شرطه وجب العمل به ( قوله : صارت بمنزلة ما الأصل وجوده ) أي وما الأصل وجوده لا بد من ذكره في العقد إذا اختلف به الغرض ، وكل من الثيوبة والبكارة يختلف به الغرض فلا بد من ذكره ، فإذا شرط البكارة لا يجب قبول الثيب ، وإن شرط الثيوبة وجب قبول الثيب إذا أحضرها .

                                                                                                                            وقياس ما مر من وجوب قبول الأجود أنه لو أحضر له البكر وجب قبولها ولا نظر لكونه قد يتعلق غرضه بالثيب لضعف آلته لأن المدار على ما هو أجود عرفا ( قوله : ولو شرط كونه سارقا أو زانيا إلخ ) أي فلو أتى له بغير سارق ولا زان وجب قبوله لأنه خير مما شرطه ( قوله : أو عوادا ) أي أو قوادا ( قوله : صح على ما قاله الإسنوي ) هذا هو المعتمد واقتصر على ما نقله عن الإسنوي عميرة ولم يتعقبه سم ( قوله : لا يؤدي إلى عزة الوجود ) أفهم ذكر هذا في المسلم فيه مع سكوتهم عنه في رأس مال السلم ، [ ص: 200 ] وقد تقدم ذلك عن حج عند قول المصنف ويقبض بقبض العين إلخ ، وعليه فلعل الفرق بينهما أن المسلم فيه لا يشترط لقبضه زمن معين فيكون حالا ومؤجلا ، بخلاف رأس مال المسلم فإنه يشترط قبضه في المجلس والمجلس لا يدوم عرفا ، فعزة وجوده لا تؤدي إلى تنازع أصلا لأنه إن وقع القبض في المجلس صح السلم وإلا فلا ، على أنه إذا لم يتفق حضور رأس المال جاز الاعتياض عنه بخلاف المسلم فيه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : للمتعاقدين مع عدلين ) هذا مبني على ما فهمه فيما يأتي آخر الفرع الآتي ، أما على ما فهمه الشارح الجلال من أن مقصود المصنف مما ذكره هنا كون الأوصاف معروفة في نفسها فلا حاجة [ ص: 199 ] إلى قوله للمتعاقدين مع عدلين ( قوله : إذ لا يخرج عن الجهل به إلا بذلك ) هذه علة مستقلة للمتن ، بل هي التي اقتصر عليها في التحفة ، فكان ينبغي عطفها على ما قبلها . ( قوله : وما اعترض به بعض الشراح ) أي على قوله وما الأصل عدمه . ( قوله : باشتراط إلخ ) بدل من قوله به . ( قوله : والفرق أن هذه مع خطرها إلخ ) اعلم أن ما ذكره الشارح من هذا الفرق لفقه من فرقين ذكرهما في شرح الروض ، ونبه على أن قضية أحدهما تخالف قضية الآخر وعبارته ، وفرق بأنها صناعة محرمة وتلك أمور تحدث كالعمى والعور .

                                                                                                                            قال الرافعي : وهذا فرق لا يقبله ذهنك ، وقال الزركشي : بل الفرق صحيح إذ حاصله أن الغناء والضرب بالعود لا يحصل إلا بالتعلم وهو محظور وما أدى إلى المحظور محظور ، بخلاف الزنا والسرقة ونحوهما فإنها عيوب تحدث من غير تعلم فهو كالسلم في العبد المعيب ; لأنها أوصاف نقص ترجع إلى الذات فالعيب مضبوط فصح ، قال : لكن يفرق بوجه آخر وهو أن الغناء ونحوه لا بد فيه من التعلم من الطبع القابل لذلك وهو غير مكتسب ، فلم يصح كما لو أسلم في عبد شاعر بخلاف الزنا ونحوه ا هـ .

                                                                                                                            وعلى الفرق الثاني لا يعتبر كون الغناء محظورا : أي بآلة الملاهي المحرمة بخلافه على الأول ، وصرح [ ص: 200 ] الماوردي بالجواز فيما إذا كان الغناء مباحا ا هـ . ما في شرح الروض




                                                                                                                            الخدمات العلمية