الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو تعيين سور ) أو سورة أو آيات من سورة كذا ويذكر من أولها أو آخرها أو وسطها للتفاوت في ذلك ، وشرط القاضي أن يكون في التعليم كلفة كأن لا يتعلم الفاتحة مثلا إلا في نصف يوم ، فإن تعلمها في مرتين لم يصح الاستئجار كما جزم به الرافعي بالنسبة للصداق ، والأوجه كون المدار على الكلفة عرفا كإقرائها ولو مرة خلاف ما يوهمه قوله نصف يوم ، وما جزم به الماوردي من عدم صحة الاستئجار لدون ثلاث آيات ، لأن تعيين القرآن يقتضي الإعجاز ودونها لا إعجاز فيه محل النظر ، والتحقيق أن ما دونها كذلك . ويمكن حمل كلامه على ما لو استأجره لتعليم قرآن مقدر بزمن فيعتبر حينئذ ما يحصل به الإعجاز ، ولا يشترط تعيين قراءة نافع مثلا لأن الأمر قريب في ذلك ، فإن عين شيئا تعين ، فلو أقرأه غيره اتجه عدم استحقاقه أجرة [ ص: 284 ] خلافا لبعضهم ، ولا بد من تعيين المتعلم وإسلامه أو رجاء إسلامه ، ويفارق منع بيع نحو مصحف ممن يرجى إسلامه بأن ما يترتب على خلف الرجاء فيه من الامتهان أفحش مما يترتب على التعليم هنا ، ولا يشترط رؤيته ولا اختيار حفظه . نعم لو وجده خارجا عن عادة أمثاله تخير كما بحثه ابن الرفعة ويعتبر علمهما بالمعقود عليه وإلا وكلا من يعلمه ، ولا يكفي فتح المصحف وتعيينهما قدرا منه لاختلاف المشار إليه صعوبة وسهولة ، وفارق الاكتفاء بمشاهدة الكفيل في البيع كما مر بأنه محض توثق للعقد لا معقود عليه فكان أمره أخف .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والأوجه كون المدار على الكلفة ) أي ولو حرفا واحدا كأن نقل عليه النطق به فعالجه ليعرفه له ( قوله : عرفا ) أي ويستحق الأجرة ولو لم يقرئه بالأحكام لأنه يسمى قراءة عرفا ، وينبغي أن مثل ذلك في الاستحقاق ما لو استأجره لقراءة على قبر أو قراءة ليلة مثلا عنده ( قوله : وما جزم به الماوردي إلخ ) .

                                                                                                                            [ فرع ] لو استأجره لحفظ كذا من القرآن هل يفسد العقد لأن الحفظ ليس بيده كما لو شرط الشفاء في المداواة أو يصح لأنه المقصود من التعليم به ويفرق ؟ فيه نظر سم على حج . ولا يبعد الصحة بما علل به من أن المقصود من التعليم الحفظ ، وقوله ويفرق : أي بين المداواة والحفظ ، ولعله أن التعليم مستلزم للحفظ عادة مطردة غايته أنه يختلف شدة وضعفا باعتبار قوة فهم المتعلم وضعفه ، ولا كذلك الشفاء فإنه لا يلزم المداواة إذ كثيرا ما توجد ولا يوجد الشفاء ، وعليه فلو علمه مدة تقتضي العادة معها بالحفظ للبليد فضلا عن غيره فينبغي استحقاق الأجرة لأن التعليم على الوجه المذكور هو المقصود كما مر ( قوله لأن تعيين القرآن إلخ ) أي ومع ذلك لا يخلو عن نظر لأن القرآن يطلق على الكثير والقليل والمدار على الكلفة الحاصلة بالتعليم ، ثم رأيت في سم على حج بعد مثل ما ذكر الشارح وأقول : فيه نظر أيضا لأن بعض القرآن قرآن وإن لم يتصف بالإعجاز استقلالا ولهذا يحرم على الجنب قراءة كلمة بل حرف مثلا ( قوله : أن ما دونها كذلك ) أي يصح الاستئجار له ، وليس المراد أن ما دون الثلاث معجز ( قوله : ولا يشترط تعيين إلخ ) أي فلو أطلقها صح وحمل على الغالب في بلده إن كان وإلا أقرأه ما شاء ، فإن تنازعا فيما يعلمه أجيب المعلم لأنه حق توجه عليه فيؤديه من أي جهة أرادها قياسا على ما إذا كان في البلد نقدان مستويان فيخرج في الزكاة وفي أداء قيمة التلف ما شاء ( قوله فلو أقرأه غيره إلخ ) هل المراد أنه لا يستحق أجرة للكلمات التي فيها الخلاف مثلا بين نافع وغيره أو جميع ما علمه إياه ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الأول وإن كان المتبادر من كلامه الثاني . [ ص: 284 ]

                                                                                                                            [ فرع ] وقع السؤال في الدرس عن الاستئجار لتعليم القراءة الشاذة هل يصح أم لا ؟ فأجبنا عنه بأنه إن كان مراده من تعلمها الاستشهاد بها على قواعد النحو أو الاحتراز عن القراءة بها صحت الإجارة ، وإن كان مراده القراءة بها المحرمة لم تصح الإجارة ( قوله : خلافا لبعضهم ) هو حج فإنه يقول يستحق أجرة المثل ( قوله : ولا بد من تعيين المتعلم ) أي لصحة الإجارة ( قوله : على خلف الرجاء فيه ) أي البيع ( قوله : ولا يشترط رؤيته ) أي المتعلم ( قوله نعم لو وجده ) أي المعلم ( قوله : ويعتبر علمهما بالمعقود عليه ) ولا يبعد أن يعتبر بيان أن التعليم من أول القرآن أو من آخره أو من وسطه لأن الغرض مختلف جدا بذلك ا هـ سم على حج . ثم رأيت قول الشارح السابق ويذكر من أولها إلى آخرها ( قوله وإلا وكلا ) لا يقال : كيف يجهله المعلم ؟ لأنا نقول : يجوز أنه ألزم ذمته التعليم وهو ممكن بإحضار غيره له وبأنه يمكن أن يعلم من المصحف ولا يلزم منه معرفة السورة التي يريد العقد عليها .

                                                                                                                            [ فرع ] قال حج : لو كان ينسى ما يتعلمه لوقته فيه وجوه أصحها اعتبار العرف : أي إن اطرد ، وإلا فالذي يظهر وجوب البيان في العقد ، فإن طرأ كونه ينسى بعده احتمل أن يقال يخير الأجير وأن يقال لا يلزمه التحديد لما حفظ سواء فيما ذكر نسيه قبل كمال الآية أو بعدها ثم رأيت شيخنا إلخ فراجعه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 283 ] قوله : فيعتبر حينئذ ما يحصل به الإعجاز ) انظر هل المراد اعتبار ذلك لوجوب الأجرة حتى إذا لم يحصل ذلك لا يستحق أجرة أو اعتباره لماذا ؟ ثم رأيت الشهاب ابن قاسم نظر في هذا الحمل بأن بعض القرآن يسمى قرآنا وإن لم [ ص: 284 ] يتصف بالإعجاز استقلالا ، ولهذا يحرم على الجنب قراءة كلمة بل حرف مثلا ( قوله : ولا بد من تعيين المتعلم ) أي : فلا يصح استأجرتك لتعلم أحد عبدي




                                                                                                                            الخدمات العلمية