الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولما تمم الكلام على أركانه الأربعة شرع في ذكر شروطه .

                                                                                                                            وهي : التأبيد ، والتنجيز وبيان المصرف ، والإلزام ، فقال ( ولو قال وقفت هذا ) على الفقراء أو على مسجد مثلا ( سنة ) مثلا ( فباطل ) وقفه لفساد الصيغة ، إذ وضعه على التأبيد وسواء في ذلك طويل المدة وقصيرها .

                                                                                                                            نعم ينبغي أن يقال لو وقفه على الفقراء ألف سنة أو نحوها مما يبعد بقاء الدنيا إليه صح كما بحثه الزركشي كالأذرعي لأن القصد منه التأبيد دون حقيقة التأقيت ، ولا أثر لتأقيت الاستحقاق كعلى زيد سنة ثم على الفقراء .

                                                                                                                            أو إلا أن يولد لي ولد كما نقله البلقيني عن الخوارزمي ، وجزم به ابن الصباغ وجرى عليه في الأنوار .

                                                                                                                            ولا للتأقيت الضمني في منقطع الآخر المذكور في قوله ( ولو قال وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله ) أو نحوهما مما لا يدوم ولم يزد على ذلك ( فالأظهر صحة الوقف ) لأن مقصوده القربة والدوام فإذا بين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير ( فإذا انقرض المذكور ) أو لم تعرف أرباب الوقف ( فالأظهر أنه يبقى وقفا ) لأن وضع الوقف الدوام كالعتق ولأنه صرفه عنه فلا يعود كما لو نذر هديا إلى مكة فرده فقراؤها .

                                                                                                                            والثاني يرتفع الوقف ويعود ملكا للواقف أو إلى ورثته إن كان مات ، لأن بقاء الوقف بلا مصرف متعذر ، وإثبات مصرف لم يذكره الواقف بعيد فتعين ارتفاعه ( و ) الأظهر ( أن مصرفه [ ص: 374 ] أقرب الناس ) رحما لا إرثا فيقدم وجوبا ابن بنت على ابن عم .

                                                                                                                            ويؤخذ منه صحة ما أفتى به العراقي أن المراد بما في كتب الأوقاف ثم الأقرب إلى الواقف أو المتوفى قرب الدرجة والرحم لا قرب الإرث والعصوبة فلا ترجيح بهما في مستويين في القرب من حيث الرحم والدرجة ، ومن ثم قال : لم يرجح عم على خالة بل هما مستويان ويعتبر فيهم الفقر ، ولا يفضل الذكر على غيره فيما يظهر ( إلى الواقف ) بنفسه ( يوم انقراض المذكور ) لأن الصدقة على الأقارب أفضل القربات ، فإذا تعذر الرد للواقف تعين أقربهم إليه لأن الأقارب مما حث الشرع عليهم في جنس الوقف لخبر أبي طلحة { أرى أن تجعلها في الأقربين } وبه فارق عدم تعينهم في نحو الزكاة على أن لهذه مصرفا عينه الشارع بخلاف الوقف ، ولو فقدت أقاربه أو كانوا كلهم أغنياء صرف الربع لمصالح المسلمين كما نص عليه البويطي في الأولى ، أو إلى الفقراء والمساكين على ما قاله سليم الرازي وابن الصباغ والمتولي وغيرهم ، أو قال ليصرف من غلته لفلان كذا وسكت عن باقيها فكذلك ، وصرح في الأنوار بعدم اختصاصه بفقراء بلد الوقف بخلاف الزكاة ، أما الإمام إذا وقف منقطع الآخر فيصرف للمصالح لا لأقاربه كما أفاده الزركشي وهو ظاهر ( ولو كان ) ( الوقف منقطع الأول كوقفته على من سيولد لي ) أو على مسجد سيبنى ثم على الفقراء مثلا ( فالمذهب بطلانه ) لتعذر الصرف إليه حالا ومن بعده فرعه .

                                                                                                                            والطريق الثاني فيه قولان : أحدهما الصحة ، وصححه المصنف في تصحيح التنبيه ، ولو لم يذكر بعد الأول مصرفا بطل قطعا لأنه منقطع الأول والآخر ، ولو قال وقفت على أولادي ومن سيولد لي على ما أفصله ففصله على الموجودين وجعل نصيب من مات منهم بلا عقب لمن سيولد له صح ، ولا يؤثر فيه قوله وقفت على أولادي ومن سيولد لي لأن التفصيل بعده بيان له ( أو ) كان الوقف ( منقطع الوسط ) بالتحريك ( كوقفته على أولادي ثم ) على ( رجل ) مبهم ، وبه يعلم أنه لا يضر تردد في صفة [ ص: 375 ] أو شرط أو مصرف دلت قرينة قبله أو بعده على تعينه إذ لا يتحقق الانقطاع إلا مع الإبهام من كل وجه ( ثم الفقراء فالمذهب صحته ) لوجود المصرف حالا ومآلا ، ومصرفا عند الانقطاع كمصرف منقطع الآخر ، لكن محله إن عرف أمد انقطاعه ، فإن لم يعرف كرجل صرف بعد موت الأول لمن بعد المتوسط كالفقراء كما أفاده ابن المقري ، وإطلاق الشارح ككثير محمول على ذلك ( ولو اقتصر على ) قوله ( وقفت ) كذا ولم يذكر مصرفا أو ذكر مصرفا متعذرا كوقفت كذا على جماعة ( فالأظهر بطلانه ) وإن قال لله لأن الوقف يقتضي تمليك المنافع فإذا لم يعين متملكا بطل كالبيع ولأن جهالة المصرف كعلى من شئت ولم يعينه عند الوقف أو من شاء الله يبطله فعدمه بالأولى ، وإنما صح أوصيت بثلثي ولم يذكر مصرفا حيث يصرف للمساكين القائل به مقابل الأظهر هنا لأن غالب الوصايا لهم فحمل الإطلاق عليه ، ولأنها أوسع لصحتها بالمجهول والنجس ، وما بحثه الأذرعي من أنه لو نوى المصرف واعترف به صح مردود كما قاله الغزي بأنه لو قال طالق ونوى زوجته لم يصح لأن النية إنما تؤثر مع لفظ يحتملها ولا لفظ هنا يدل على المصرف أصلا ، ويؤخذ منه أنه لو قال في جماعة أو واحد نويت معينا لا يصح قيل وهو متجه

                                                                                                                            ( ولا يجوز ) أي لا يحل ولا يصح ( تعليقه ) فيما لا يضاهي التحرير ( كقوله إذا جاء زيد فقد وقفت ) كذا على كذا لأنه عقد يقتضي نقلا لله تعالى أو للموقوف عليه حالا كالبيع والهبة ، أما ما يضاهيه كجعلته مسجدا إذا جاء رمضان فالظاهر صحته كما ذكره ابن الرفعة ، ومحل ذلك ما لم يعلقه بالموت ، فإن علقه به كوقفت داري بعد موتي على الفقراء فإنه يصح ، قاله الشيخان ، وكأنه وصية لقول القفال لو عرضها للبيع كان رجوعا ، ويفرق بينه وبين المدبر بأن الحق المتعلق به وهو العتق أقوى ، فلم يجز الرجوع عنه إلا بنحو البيع دون نحو العرض عليه ، ونقل الزركشي عن القاضي أنه لو نجزه وعلق إعطاءه للموقوف عليه بالموت جاز كالوكالة ، وعليه فهو كالوصية أيضا فيما يظهر ( ولو [ ص: 376 ] وقف ) شيئا ( بشرط الخيار ) له في الرجوع عنه ، أو في بيعه متى شاء ، أو في تغيير شيء منه بوصف ، أو زيادة أو نقص ، أو نحو ذلك ( بطل ) الوقف ( على الصحيح ) لما مر أنه كالبيع والهبة ، وفارق العتق حيث لم يفسد بالشروط الفاسدة ، كما قاله القفال واعتمده السبكي ، بل قال إن خلافه غير معروف بأنه مبني على السراية لتشوف الشارع إليه ، ومقابل الصحيح يصح الوقف ويلغو الشرط كما لو طلق على أن لا رجعة له ( والأصح أنه إذا وقف بشرط أن لا يؤجر ) أصلا أو سنة أو لا يؤجر من ذي شوكة كما قاله الأذرعي ، أو أن الموقوف عليه يسكن فيه بنفسه ( اتبع ) في غير حالة الضرورة ( شرطه ) كسائر شروطه التي لا تخالف الشرع وذلك لما فيه من وجود المصلحة .

                                                                                                                            والثاني لا يتبع شرطه لأنه حجر على المستحق في المنفعة ، وخرج بغير حالة الضرورة ما لو لم يوجد إلا من لا يرغب فيه إلا على وجه مخالف لذلك فيجوز لأن الظاهر أنه لا يريد تعطيل وقفه ، ولو انهدمت الدار المشروط عدم إجارتها إلا مقدار كذا ولم تمكن عمارتها إلا بإجارتها أكثر من ذلك أوجرت بقدر ما يفي بالعمارة فقط مراعيا مصلحة الواقف لا مصلحة المستحق ، ويجب أن يعدد العقود في منع أكثر من سنة مثلا وإن شرط منع الاستئناف كذا أفتى به ابن الصلاح ، وخالفه تلميذه ابن رزين وأئمة عصره فجوزوا ذلك في عقد واحد ، وقول بعض الشراح لا تجوز إجارته مدة طويلة لأجل عمارته لأن بها ينفسخ الوقف بالكلية كما يقع بمكة غير معول عليه ، لأن غرض الواقف بقاء عينه وإن تملك ظاهرا بقاء الثواب له ( و ) الأصح ( أنه إذا شرط في وقف المسجد اختصاصه بطائفة كالشافعية ) وزاد إن انقرضوا فللمسلمين مثلا أو لم يزد شيئا ( اختص بهم ) أي اتبع شرطه كما في المحرر وغيره فلا يصلي ولا يعتكف به غيرهم رعاية لغرضه وإن كره هذا الشرط والثاني لا يختص [ ص: 377 ] المسجد بهم لأن جعل البقعة مسجدا كالتحرير فلا معنى لاختصاصه بجماعة ولو خص المقبرة بطائفة اختصت بهم عند الأكثرين كما قاله الإمام ، ولو شغله شخص بمتاعه لزمته أجرته وهل تكون لهم الأقرب لا لأنهم ملكوا الانتفاع به لا المنفعة ، ولو انقرض من ذكرهم ولم يذكر أحدا بعدهم ، فالأوجه كما بحثه الإسنوي انتفاع سائر المسلمين به لأن الواقف لا يريد تعطل وقفه وليس أحد من المسلمين أولى به من أحد ( كالمدرسة والرباط ) والمقبرة إذا خصصها بطائفة فإنها تختص بهم قطعا لأن النفع هنا عائد إليهم ، بخلافه ثم فإن صلاتهم في ذلك المسجد كفعلها في مسجد آخر ( ولو وقف على شخصين ) كهذين ( ثم الفقراء ) مثلا ( فمات أحدهما فالأصح المنصوص أن نصيبه يصرف إلى الآخر ) لأن شرط الانتقال إلى الفقراء انقراضهما جميعا ولم يوجدوا إذا امتنع الصرف إليهم ، فالصرف لمن ذكره الواقف أولى .

                                                                                                                            والثاني يصرف إلى الفقراء كما يصرف إليهم إذا ماتا ، ومحل الخلاف ما لم يفصل ، وإلا بأن قال وقفت على كل منهما نصف هذا فهما وقفان كما ذكره السبكي فلا يكون نصيب الميت منهما للآخر بل الأقرب انتقاله للفقراء إن قال ثم على الفقراء ، فإن قال ثم من بعدهما على الفقراء فالأقرب انتقاله للأقرب إلى الواقف ، ولو وقف عليهما وسكت عمن يصرف له بعدهما فهل نصيبه للآخر أو لأقرباء الواقف ؟ وجهان أوجههما كما أفاده الشيخ الأول وصححه الأذرعي ، ولو رد أحدهما أو بان ميتا فالقياس على الأصح صرفه للآخر ، ولو وقف على زيد ثم عمرو ثم بكر ثم الفقراء فمات عمرو قبل زيد ثم مات زيد قال الماوردي والروياني : لا شيء لبكر وينتقل الوقف من زيد إلى الفقراء لأنه رتبه بعد عمرو وعمرو بموته أولا لم يستحق شيئا فلم يجز أن يتملك بكر عنه شيئا وقال القاضي في فتاويه : الأظهر أنه يصرف إلى بكر لأن استحقاق الفقراء مشروط بانقراضه ، كما لو وقف على ولده ثم ولد ولده ثم الفقراء فمات ولد الولد ثم الولد يرجع للفقراء ، ويوافقه فتوى [ ص: 378 ] البغوي في مسألة حاصلها أنه إذا مات واحد من ذرية الواقف في وقف الترتيب قبل استحقاقه للوقف لحجبه بمن فوقه يشارك ولده من بعده عند استحقاقه ، قال الزركشي : وهذا هو الأقرب ، ولو وقف على أولاده فإذا انقرض أولادهم فعلى الفقراء فالأوجه كما صححه الشيخ أبو حامد أنه منقطع الوسط لأن أولاد الأولاد لم يشرط لهم شيئا وإنما شرط انقراضهم لاستحقاق غيرهم ، واختار ابن أبي عصرون دخولهم وجعل ذكرهم قرينة على استحقاقهم واختاره الأذرعي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كما بحثه الزركشي ) قد يشكل على هذا ما قالوه في البيع والنكاح من عدم الصحة فيهما ، إلا أن يقال : الوقف لكون المقصود منه القربة المحضة نظروا لما يقصد من اللفظ دون مدلوله ( قوله : فإذا لم يبين مصرفه ) أي جميع مصرفه بل اقتصر على أوله .

                                                                                                                            أما لو لم يذكر مصرفا فباطل لما يأتي في قول المصنف الآتي ولو اقتصر على وقفت فالأظهر بطلانه ( قوله : فرده ) أي فلا [ ص: 374 ] يعود للناذر ( قوله : ويؤخذ منه صحة إلخ ) مثله في حج بالحرف ( قوله : بل هما مستويان ) وقضيته أن الأخ الشقيق والأخ للأب مستويان لكن ( قوله بنفسه ) أو بوكيله عن نفسه ا هـ حج ( قوله : صرف الريع إلخ ) معتمد ( قوله : فكذلك ) أي كمنقطع الآخر ، وظاهره أنه ولو كان المعين للصرف في الطبقة الأولى يكون منقطع الأول فيما زاد على من سماه بل يصرف لأقرب رحم الواقف تبعا للمعين . [ فرع ] في الزركشي لو وقف على الأقارب اختص بالفقير منهم أيضا خلاف الوقف على الجيران ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ولم يبين ما المراد بالجيران هنا ، والأقرب حمله على ما في الوصية لمشابهة الوقف لها في التبرع ( قوله : وهو ظاهر ) ولعل وجهه أن ما وقفه الإمام مبني على النظر لما فيه مصلحة المسلمين ، فحيث انقطع من وقفه عليهم لخصوص مصلحة تتعلق به ككونه عالما رجع إلى عموم مصلحتهم لا لأقاربه ، وهذا ظاهر فيما وقفه الإمام من بيت المال ، أما ما وقفه من مال نفسه فينبغي أنه كغيره في الصرف لأقاربه ( قوله : بالتحريك ) أي على الأفصح [ ص: 375 ] ويجوز فيه الإسكان ( قوله : دلت قرينة ) في عبارة الواقف ( قوله : قبله ) أي قبل ما فيه التردد ( قوله وإن قال لله ) قال السبكي : ومحل البطلان ما لم يقل لله وإلا فيصح ثم يعين المصرف ا هـ شرح الروض ا هـ سم على منهج ( قوله : لا يصح قيل وهو متجه ) عبارة حج قبل وهو متجه ا هـ .

                                                                                                                            والمراد منها ظاهر ، أما ما ذكره الشارح فلم يظهر المراد منه ، فإن عدم الصحة لم تؤخذ مما ذكر لأن قوله على جماعة أو واحد محتمل لما نواه وهو مقتض للصحة ، اللهم إلا أن يقال : إنه لما لم يكن فيه تعيين كان كما لو قال وقفت واقتصر عليه وحكمه ما مر من عدم الصحة وإن نوى معينا فيكون ما ذكر مثله ( قوله : ولا يجوز تعليقه إلخ ) ومن ذلك ما يقع في كتب الأوقاف من قولهم وأن ما سيحدث فيه من البناء يكون وقفا فإنه لا يصح لعدم تنجيز وقفيته وهو باق على ملك الباني ولو كان هو الواقف ، لكن سيأتي بعد قول المصنف بل يشتري بها عبدا إلخ أن ما يبنيه من ماله أو من ريع الوقف في الجدران الموقوفة يصير وقفا بالبناء لجهة الوقف ( قوله : أما ما يضاهيه ) عبارة الروض : فيصح مؤبدا كما لو ذكر فيه شرطا فاسدا ، قاله الإمام وتبعه غيره ا هـ .

                                                                                                                            وقضية ذلك استثناء ما يضاهي التحرير أيضا مما سيأتي في قوله ولو أوقف بشرط الخيار بطل على الصحيح ا هـ سم على حج . [ ص: 376 ] فرع ] وقع السؤال في الدرس عما لو قال وقفت داري كوقف زيد هل يصح الوقف أو يبطل ؟ فيه نظر ، والجواب عنه بأن الظاهر أن يقال فيه : إن علم شروط وقف زيد قبل قوله ذلك صح الوقف وإلا فلا ، ويحتمل صحته مطلقا .

                                                                                                                            وفي حالة جهله يبحث عنه لأنه معين في الواقع .

                                                                                                                            فإن عرف فذاك وإلا تبين البطلان ، والأول أقرب فليراجع .

                                                                                                                            وقول سم : فيصح مؤبدا : أي من الآن ( قوله : وخرج بغير حالة الضرورة ) يؤخذ منه أنه لو وجد من يأخذ بأجرة المثل ويستأجر على ما يوافق شرط الواقف ومن يطلبه بزيادة على أجرة المثل في إجارة تخالف شرط الواقف عدم الجواز فليتنبه له ، وأنه لو وجد من يأخذ بدون أجرة المثل ويوافق شرط الواقف في المدة ومن يأخذ بأجرة المثل ويخالف شرط الواقف عدم الجواز أيضا رعاية لشرط الواقف فيهما ( قوله : فجوزوا ذلك ) معتمد ( قوله : وإن كره هذا الشرط ) في فتاوى السيوطي المسجد الموقوف على معينين هل يجوز لغيرهم دخوله والصلاة فيه والاعتكاف بإذن الموقوف عليهم ؟ نقل الإسنوي في الألغاز أن كلام القفال في فتاويه يوهم المنع ، ثم قال الإسنوي من عنده : والقياس جوازه .

                                                                                                                            وأقول : الذي يترجح التفصيل ، فإن كان موقوفا على أشخاص معينة كزيد وعمر وبكر مثلا أو ذريته أو ذرية فلان جاز الدخول بإذنهم ، وإن كان على أجناس معينة كالشافعية والحنفية والصوفية لم يجز لغير هذا الجنس الدخول ولو أذن لهم الموقوف عليهم ، فإن صرح الواقف بمنع دخول غيرهم لم يطرقه خلاف ألبتة .

                                                                                                                            وإذا قلنا بجواز الدخول بالإذن في القسم الأول في المسجد والمدرسة والرباط كان لهم الانتفاع على نحو ما شرط الواقف للمعينين لأنهم تبع لهم وهم مقيدون بما شرطه الواقف ا هـ .

                                                                                                                            وتقدم في إحياء الموات في شرح قوله ولو سبق رجل إلى موضع من رباط سبل أو فقيه إلى مدرسة إلخ ما نصه : ولغير أهل [ ص: 377 ] المدرسة ما اعتيد فيها من نحو نوم بها وشرب وطهر من مائها ما لم ينقص الماء عن حاجة أهلها على الأوجه ا هـ .

                                                                                                                            وكأن هذا فيما إذا لم يشرط الاختصاص بخلاف ما تقدم عن السيوطي ، أو هذا فيما اعتيد وذاك في غيره فليحرر .

                                                                                                                            وعبارة العباب : وإن شرط في وقف المسجد اختصاص طائفة كالشافعية بالصلاة فيه صح وكره واختص بها فلا يجوز لغيرهم الصلاة فيه كما لو خص الرباط والمدرسة بطائفة ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            أقول : وينبغي حمل ما ذكر في الشق الثاني من المنع على ما إذا شوش على الموقوف عليهم فلا ينافي ما تقدم في إحياء الموات ( قوله ولو خص المقبرة بطائفة إلخ ) معتمد ، وعليه فلو دفن بها غير من اختصت به فقياس نبش المغصوب لإخراج من دفن به أنه هنا كذلك ، وهل من التخصيص ما لو اعتاد أهل بلد دفنا بمحل فيمتنع على غير أهله الدفن فيه أو يصير مقبرة من غير اختصاص بأحد ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني لأنه لم يسبق له اختصاص بمالك أزال ملكه عنه ، ومجرد العادة إنما اقتضت جواز الإقدام على الدفن ثم والأصل عدم الاختصاص ( قوله الأقرب لا ) وينبغي حفظها لمصالح الموقوف ( قوله ولو شغله ) أي المخصوص بطائفة ( قوله انتفاع سائر المسلمين ) أي على معنى أن لكل مسلم فيه حقا فهو كالمساجد التي لم يخصها واقفها بأحد فكل من سبق إلى محل منه فهو أحق به ( قوله : إلى الواقف ) أي ويكون كمنقطع الوسط ( قوله : فلم يجز ) أي بناء على ما تقتضيه القواعد التي بنيا عليها كلامهما ( قوله : وقال القاضي إلخ ) معتمد [ ص: 378 ] قوله عند استحقاقه ) وذلك عند صيرورته هو وبقية أهل الوقف في درجة واحدة وذلك بعد موت أعمام ولد الولد المذكور فيشارك أولادهم لكون الجميع صاروا في درجة واحدة ، ولا شيء له مع وجود الأعمام عملا بقول الواقف الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى ، وقوله وهذا إلخ معتمد ( قوله : أنه منقطع الوسط ) أي فيصرف بعد الأولاد إلى أقرب رحم الواقف إن كان غير أولاد الأولاد ، فإن لم يكن ثم غيرهم أخذوا من حيث إنهم أقرب رحم الواقف لا من حيث إنهم موقوف عليهم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 373 - 374 ] قوله بنفسه ) أو بوكيله بين به أن المراد من له الوقف لا من تعاطى الوقف كالوكيل ( قوله وصرح في الأنوار ) أي بناء على القول الثاني ( قوله فيصرف للمصالح لا لأقاربه ) أي إذا كان الوقف من أموال بيت المال كما هو ظاهر ( قوله أنه لا يضر تردد ) أي في عبارة الواقف بأن كانت مترددة بين أمرين وهناك من القرائن ما يدل على ظاهر ( قوله أنه لا يضر تردد ) أي في عبارة الواقف بأن كانت مترددة بين أمرين وهناك من القرائن ما يدل على [ ص: 375 ] إرادته أحدهما وليس المراد تردد الواقف لأنه مانع من صحة الوقف ( قوله فإن لم يعرف كرجل ) أي الذي هو صورة المتن ومثال ما يعرف أمد انقطاعه كأن يقول على أولادي ثم على عبد زيد ثم على الفقراء ( قوله كوقفت كذا على جماعة ) أي ولم ينو معينا كما يعلم مما يأتي قريبا ( قوله قاله الشيخان وكأنه وصيه ) قال الشارح في شرح البهجة والحاصل أنه يصح ويكون حكمه حكم الوصايا في اعتباره من الثلث وفي جواز الرجوع عنه وفي عدم صرفه [ ص: 376 ] للوارث وحكم الأوقاف في تأييده وعدم بيعه وهبته وإرثه ( قوله لما مر أنه كالبيع ) لعل المراد أنه كالبيع في مطلق عدم قبوله للشرط وإلا فقد مر أن البيع لا يبطل باشتراط الخيار [ ص: 377 ] قوله فإنها تختص بهم قطعا ) هذا ينافي ما قدمه قريبا من نسبته للأكثرين وهو تابع فيما ذكره هنا من القطع [ ص: 378 ] للمتولي وفيما قدمه من نسبته للأكثرين للإمام ( قوله يشارك ولده من بعده ) أي ممن هو في درجة الولد وقوله عند استحقاقه أي دخول وقت استحقاقه بانقراض من فوقه ولا يمنعه ترتب استحقاقه على استحقاق أبيه الذي تضمنه كلام الواقف وهو لم يستحق .




                                                                                                                            الخدمات العلمية