الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو بعث هدية ) لم يعده بالباء لجواز الأمرين كما قاله أبو علي خلافا لتصويب الحريري تعين تعديته بها ( في ظرف ) أو وهب شيئا في ظرف من غير بعث ( فإن لم تجر العادة برده كقوصرة ) بتشديد الراء في الأفصح ( تمر ) أي وعائه الذي يكنز فيه من ، نحو خوص ولا يسمى بذلك إلا وهو فيه وإلا فزنبيل وكعلبة حلوى ( فهو هدية ) أو هبة ( أيضا ) تحكيما للعرف المضطرد ، وكتاب الرسالة يملكه المكتوب إليه إن لم تدل قرينة على عوده .

                                                                                                                            قاله المتولي ، وهو أوجه من قول غيره هو باق على ملك الكاتب ويملك المكتوب له الانتفاع به على وجه الإباحة ( وإلا ) بأن اعتيد رده أو اضطربت العادة كما اقتضاه كلام ابن المقري ( فلا ) يكون هدية بل أمانة في يده كالوديعة ( ويحرم استعماله ) لأنه انتفاع بملك غيره بغير إذنه ( إلا في أكل الهدية منه إن اقتضته العادة ) عملا بها ويكون عارية حينئذ ، ويسن رد الوعاء حالا لخبر فيه ، قال الأذرعي : وهذا في مأكول ، أما غيره فيختلف رد طرفه باختلاف عادة النواحي فيتجه في كل ناحية بعرفهم وفي كل قوم عرفهم باختلاف طبقاتهم ، ولو ختن ولده وحملت له هدايا ملكها الأب ، وقال جمع للابن فيلزم الأب قبولها : أي عند انتفاء [ ص: 425 ] المحذور كما لا يخفى ، ومنه قصد التقرب للأب وهو نحو قاض فيمتنع عليه القبول كما بحثه بعض الشراح وهو ظاهر ومحل الخلاف حيث لم يقصد المهدي واحدا منهما وإلا فهي لمن قصده بالاتفاق ، ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية فيكون له عند الإطلاق أو قصده ولهم عند قصدهم وله ولهم عند قصدهما : أي فيكون له النصف فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوصية لزيد الكاتب والفقراء مثلا .

                                                                                                                            وقضية ذلك أن ما جرت به عادة بعض أهل البلاد من وضع طاسة بين يدي صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم ثم يقسم على المزين ونحوه يجري فيه ذلك التفصيل ، فإن قصد المزين وحده أو مع نظرائه المعاونين له عمل بالقصد ، وإن أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن يشاء ، وبهذا يعلم عدم اعتبار العرف هنا ، أما مع قصد خلافه فظاهر ، وأما مع الإطلاق فلأن حمله على من ذكر من الأب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع فيقدم على العرف المخالف له ، بخلاف ما لا عرف للشرع فيه فيحكم بالعادة فيه ، ولهذا لو نذر لولي ميت بمال فإن قصد تمليكه لغا أو أطلق وكان على قبره ما يحتاج للصرف في مصالحه صرف لها ، وإلا فإن كان عنده قوم اعتيد قصدهم بالنذر للولي صرف لهم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لجواز الأمرين ) في المصباح بعثت رسولا بعثا أرسلته وأبعثته كذلك ، وفي المطاوع فانبعث مثل كسرته فانكسر ، وكل شيء ينبعث بنفسه فيقال بعثته ، وكل شيء لا ينبعث بنفسه كالكتاب والهدية فإن الفعل يتعدى إليه بالباء فيقال بعثت به ، وأوجز الفارابي فقال بعثه : أي أهبه وبعث به وجهه ا هـ .

                                                                                                                            وذلك يقتضي تعين الباء هنا ( قوله : فهو هدية أو هبة أيضا ) [ تنبيه ] أيضا من آض إذا رجع فهو مفعول مطلق لكن عامله يحذف وجوبا سماعا ، ويجوز كونه حالا حذف عاملها وصاحبها ، وقد يقع بين العامل ومعموله كيحل أكل الهدية ، ويحل أيضا استعمال ظرفها في أكلها : أي ارجع إلى الإخبار عنهم بذكر حل الأكل من ظرفها رجوعا أو أخبر بما تقدم من حل أكلها حال كوني راجعا إلى الإخبار عنهم بحل الأكل من ظرفها ، وقد لا كما هنا : أي ارجع إلى الإخبار عنهم بحكم المظروف رجوعا أو أخبر بما تقدم من حكم المظروف حال كوني راجعا إلى الإخبار بحكم الظرف فعلم أنها لا تستعمل إلا مع شيئين ولو تقديرا ، بخلاف جاء زيد أيضا وبينهما توافق في العامل ، بخلاف جاء ومات أيضا ، ويمكن استقلال كل منهما بالعامل بخلاف اختصم زيد وعمرو أيضا ا هـ حج .

                                                                                                                            ( قوله : إن لم تدل قرينة على عوده ) كأن كتب له فيه رد الجواب بظهره وكتب أيضا ، قوله على عوده : أي أو إخفائه .

                                                                                                                            ( قوله : ويكون عارية حينئذ ) قال في شرح الروض : فيجوز [ ص: 425 ] تناولها منه ويضمه بحكمها ، وقيده في بابها بما إذا لم تقابل بعوض وإلا فهو أمانة في يده بحكم الإجارة الفاسدة ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : المعاونين له ) هل يقسم بينه وبين المعاونين له بالسوية أو بالتفاوت وما ضابطه ولا يبعد اعتبار العرف في ذلك .

                                                                                                                            [ فرع ] ما تقرر من الرجوع في النقوط لا فرق فيه بين ما يستهلك كالأطعمة وغيره ، ومدار الرجوع على عادة أمثال الدافع لهذا المدفوع إليه فحيث جرت بالرجوع رجع وإلا فلا م ر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ( قوله : أما مع قصد خلافه ) أي العرف ( قوله فيحكم بالعادة فيه ) .

                                                                                                                            [ تنبيه ] يؤخذ مما تقرر في بعض النواحي أن محل ما مر من الاختلاف في النقوط المعتاد في الأفراح ما يعتاد أخذه لنفسه ، أما إذا اعتيد أنه لنحو الخاتن ، وأن معطيه إنما قصده فقط فيظهر الجزم بأنه لا رجوع للمعطي على صاحب الفرح وإن كان الإعطاء إنما هو لأجله ، لأن كونه لأجله من غير دخول في ملكه لا يقتضي رجوعا عليه بوجه فتأمله ا هـ حج .




                                                                                                                            الخدمات العلمية