الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتصح لعمارة ) نحو ( مسجد ) ورباط ومدرسة ، ولو من كافر إنشاء وترميما ; لأنها من [ ص: 48 ] أفضل القرب ولمصالحه لا لمسجد سيبنى إلا تبعا على قياس ما مر آنفا ( وكذا إن أطلق في الأصح ) بأن قال أوصيت به للمسجد ، وإن أراد تمليكه لما مر في الوقف أنه حر يملك : أي منزل منزلته ( وتحمل ) الوصية حينئذ ( على عمارته ومصالحه ) عملا بالعرف ويصرفه الناظر للأهم والأصلح باجتهاده وهي للكعبة والضريح النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام تصرف لمصالحهما الخاصة بهما كترميم ما وهي من الكعبة دون بقية الحرم ، والأوجه أخذا مما تقرر ، ومما قالوه في النذر للقبر المعروف بجرجان صحتها كالوقف على ضريح الشيخ الفلاني ، وتصرف في مصالح قبره والبناء الجائز عليه ومن يخدمه أو يقرأ عليه ، ويؤيد ذلك ما مر آنفا من صحتها ببناء قبة على قبر ولي أو عالم ، أما إذا قال الشيخ الفلاني ولم ينو ضريحه ونحوه فهي باطلة ، ومقابل الأصح تبطل كالوصية للدابة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وتصح لعمارة نحو مسجد ) بقي ما لو قال بعمارة مسجد كذا هل تصح الوصية أم لا ؟ فيه نظر . والأقرب الأول ، ويؤخذ من تركته ما يعمر به ما يسمى عمارة عرفا وهل يتوقف على إنشاء صيغة وقف منه أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني حيث كانت العمارة ترميما مما أوصى به ، أما لو أوصى بإنشاء مسجد فاشترى قطعة أرض وبناها مسجدا فالظاهر أنه لا بد من الوقف لها ولما فيها من الأبنية من القاضي أو نائبه مسجدا ، ولو كان المسجد غير محتاج لما أوصى له به حالا فينبغي حفظ ما أوصى له به حيث توقع زمان يمكن الصرف فيه ، فإن لم يتوقع كأن كان محكم البناء بحيث لا يتوقع له زمان يصرف فيه ما أوصى به ، فالظاهر بطلان الوصية وصرف ما عين لها للورثة ، ومراده بنحو المسجد ما فيه منفعة عامة كالقناطر والجسور والآبار المسبلة وغيرها .

                                                                                                                            ( قوله : لأنها ) أي [ ص: 48 ] عمارة المسجد ونحوه ( قوله : على قياس ما مر آنفا ) أي في قوله نعم قياس ما في الوقف إلخ ( قوله : ويصرفه الناظر للأهم والأصلح ) أي فليس للوصي الصرف بنفسه بل يدفعه للناظر أو لمن قام مقام الناظر ، ومنه ما يقع الآن من النذر لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه أو غيره من ذوي الأضرحة المشهورة فيجب على الناذر صرفه لمتولي القيام بمصالحه وهو يفعل ما يراه فيه ، ومنه أن يصنع بذلك طعاما أو خبزا لمن يكون بالمحل المنذور عليه التصدق من خدمته الذين جرت العادة بالإنفاق عليهم لقيامهم بمصالحه ( قوله : وهي للكعبة ) لو أوصى بدراهم لكسوة الكعبة أو الضريح النبوي وكانا غير محتاجين لذلك حالا وفيما شرط من وقفه لكسوتهما ما يفي بذلك ، فينبغي أن يقال بصحة الوصية ويدخر ما أوصى به أو تجدد به كسوة أخرى لما في ذلك من التعظيم ( قوله : ما وهي ) أي سقط منها ( قوله : أو يقرأ عليه ) هل المراد من اعتاد القراءة عليه كالأسباع التي اعتيد قراءتها في أوقات مخصوصة أو لكل من اتفقت قراءته عليه ، وإن لم يكن له عادة بها ؟ فيه نظر ، ولا يبعد الأول ( قوله : أما إذا قال للشيخ الفلاني ) أي أو للنبي صلى الله عليه وسلم ( قوله : ولم ينو ضريحه ) وتعلم بإخباره ( قوله : فهي باطلة ) شمل قوله ولم ينو ما لو أطلق ، وقياس الصحة عند الإطلاق في الوقف على المسجد الصحة هنا ، ويحمل على عمارته ونحوها .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 48 ] قوله : لا لمسجد سيبنى ) أي بالنسبة للمصالح كما هو ظاهر ( قوله : على ضريح الشيخ الفلاني ) متعلق بصحتها ، وعلى بمعنى اللام كما عبر بها في التحفة ، وقوله كالوقف اعتراض ( قوله : ومن يخدمه أو يقرأ عليه ) هذا لا ينافي ما قدمه أول الباب ; لأن ذاك مفروض فيما إذا أوصى على العمارة وهذا مفروض فيما إذا أوصى للضريح وأطلق كما هو ظاهر ( قوله : ويؤيد ذلك ما مر آنفا من صحتها ببناء قبة على قبر ولي أو عالم ) هو تابع في هذا لحج وهو الذي مر هذا في كلامه ، بخلاف الشارح ، فإن الذي مر له إنما هو فيما إذا أوصى على العمارة [ ص: 49 ] كما قدمناه




                                                                                                                            الخدمات العلمية