الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولوارث في الأظهر إن أجاز باقي الورثة ) المطلقين التصرف ، وقلنا بالأصح إن إجازتهم تنفيذ لا ابتداء عطية ، وإن كانت الوصية ببعض الثلث للخبر بذلك ، وإسناده صالح ، وبه يخص الخبر الآخر { لا وصية لوارث } والحيلة في أخذه من غير توقف على إجازة أن يوصي لفلان بألف : أي وهو ثلث فأقل إن تبرع لولده بخمسمائة أو بألفين كما هو ظاهر ، فإذا قبل وأدى للابن ما شرط عليه أخذ الوصية ولم يشارك بقية الورثة الابن فيما حصل له ، ومقابل الأظهر لا تصح له ، وقيد بعض الشراح الوارث في كلام المصنف بالخاص احترازا عن العام كوصية من لا يرثه ، إلا بيت المال بالثلث فأقل فتصح قطعا ولا يحتاج إلى إجازة الإمام ، ورد بأن الوارث جهة الإسلام لا خصوص الموصى له فلا يحتاج للاحتراز عنه كما يعلم مما مر في إرث بيت المال ، وسيأتي أن الإمام يتعذر إجازته ما زاد على الثلث ; لأن الحق للمسلمين ، وإجازة ولي المحجور باطلة كما بحثه بعضهم وهو ظاهر ، ولا يضمن بها إلا إن أقبض .

                                                                                                                            نعم توقف إلى تأهله كما جرى عليه جمع وهو المعتمد ، وإن قال الأذرعي قد أفتيت بالبطلان فيما لا أحصي وانتصر له غيره لعظم ضرر الوقف ، لا سيما فيمن أوصى بكل ماله وله طفل محتاج فقد رد بأن التصرف وقع صحيحا فلا مسوغ لإبطاله ، وليس في هذا إضرار لإمكان الاقتراض عليه ولو من بيت المال إلى كماله ، وظاهر أن القاضي في حالة الوقف يعمل في بقائه وبيعه ، وإيجاره بالأصلح ، ومن الوصية إبراؤه وهبته والوقف عليه . نعم لو وقف عليهم ما يخرج [ ص: 50 ] من الثلث على قدر نصيبهم نفذ من غير إجازة فليس لهم نقضه كما مر في الوقف ، ولا بد لصحة الإجازة من معرفة قدر المجاز أو عينه ، فإن ظن كثرة التركة فبان قلتها فسيأتي ، فلو أجاز عالما بمقدار التركة ثم ظهر له مشارك في الإرث وقال إنما أجزت ظانا حيازتي له بطلت الإجازة في نصيب شريكه ويشبه بطلانها في نصف نصيب نفسه وللموصى له تحليفه على نفي علمه بشريكه فيه ( ولا عبرة بردهم ، وإجازتهم في حياة الموصي ) إذ لا حق لهم حينئذ لاحتمال برئه وموتهم بل بعد موته في الواقع ، وإن ظنه قبله كما يعلم مما مر فيمن باع مال أبيه ظانا حياته فجزم بعضهم ببطلان القبول قبل العلم بموت الموصي ، وإن بان بعده غير ظاهر .

                                                                                                                            ( والعبرة في كونه وارثا بيوم الموت ) أي وقته فلو أوصى لأخيه فحدث له ابن قبل موته فوصية لأجنبي أو له ابن ثم مات الابن قبله أو معه فوصية لوارث ( والوصية لكل وارث بقدر حصته ) مشاعا من نصف وربع ونحوهما بحسب فرضه ( لغو ) ; لأنه يستحق ذلك بدونها ( وبعين هي قدر حصته ) كأن ترك ابنين ودارا وقنا قيمتهما سواء فخص كلا بواحد ( صحيحة وتفتقر إلى الإجازة في الأصح ) لاختلاف الأغراض بالأعيان ولذا صحت ببيع عين من ماله لزيد ، وسواء أكانت الأعيان مثلية أم لا ، والثاني لا تفتقر لذلك ، ولو أوصى للفقراء بشيء امتنع على الوصي إعطاء شيء منه لورثة الميت ولو فقراء كما نص عليه في الأم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والحيلة في أخذه ) أي الوارث ، وقوله : من غير توقف على إجازة : أي من بقية الورثة ( قوله : إن تبرع لولده ) أي لولد الموصي ( قوله : كوصية من لا يرثه ) أي لأجنبي ( قوله : فلا يحتاج للاحتراز عنه ) ; لأنه ليس بوارث ، فالوصية وصية لغير وارث ، وهي إذا خرجت من الثلث لا تتوقف على إجازة ( قوله : ولا يضمن بها ) أي الإجازة ( قوله : ومن الوصية إبراؤه ) أي الوارث ( قوله : والوقف عليه ) أي فتتوقف صحتها على [ ص: 50 ] إجازة الورثة والكلام في التبرعات المنجزة في مرض الموت أو المعلقة به .

                                                                                                                            أما ما وقع منه في الصحة فينفذ مطلقا ولا حرمة ، وإن قصد به حرمان الورثة كما يأتي في أول الفصل الآتي ( قوله : ويشبه بطلانها في نصف نصيب نفسه ) يتأمل وجهه ، ولعله أنه لما تبين له مشارك بطل في حصة المشارك لعدم صحة تصرفه في مال غيره وفي نصف حصته لتبين أن ظن استحقاقه للكل غير مطابق للواقع وأنه يملك النصف فقط فقلنا بالبطلان فيما زاد على ما ظنه ( قوله : وإن ظنه ) أي ما ذكر من الرد والإجازة قبله إلخ ( قوله : فحدث له ) أي للموصي ( قوله : فوصية لأجنبي ) أي فتصح إن خرجت من الثلث بلا إجازة وتتوقف عليها وعليه إن لم تخرج منه ( قوله : لأنه يستحق ذلك بدونها ) ويظهر أنه لا يأثم بذلك ; لأنه مؤكد للمعنى الشرعي لا مخالف له بخلاف تعاطي العقد الفاسد . ا هـ حج ( قوله : ولذا صحت ببيع عين من ماله ) أي ويتعين على الوارث ذلك حيث قبل زيد الشراء لاحتمال أن يتعلق بالوصية له غرض الموصي كالرفق به أو بعد ماله عن الشبهة ( قوله : وسواء أكانت الأعيان مثلية أم لا ) عبارة الزيادي : وإنما يظهر الافتقار إلى الإجازة إذا كانت العين من ذوات القيمة .

                                                                                                                            أما المثليات كثلاثة آصع حنطة أوصى بصاع منها لابنته وبصاعين لابنه ولا وارث له سواهما فتصح ، ويظهر أنه لا يفتقر إلى الإجازة إذا كانت الآصع مختلطة متحدة النوع وقسمها ثم أوصى أو كانت غير مختلطة ولكنها متحدة الجهة . ا هـ . وهو مخالف لكلام الشارح إلا أن يحمل قوله : مثلية على ما لو اختلفت صفتها بحيث تختلف الأغراض فيها .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : كوصية من لا يرثه إلا بيت المال بالثلث ) أي لمستحق في بيت المال كما يؤخذ مما بعده ويصرح به كلام الشهاب سم في حواشي التحفة ، وإن كان في حواشيه على شرح المنهج أن الصورة أنه أوصى لبيت المال إذ يتحد حينئذ الموصى له والمجيز ( قوله : لا خصوص الموصى له ) قال الشهاب سم : إن أراد لا خصوصه فقط مع تسليم أنه وارث لم يفد أولا خصوصه مطلقا فهو ممنوع ، قال : نعم يمكن الاعتذار بأن الموصى له لما لم يجب الصرف إليه كان بمنزلة الأجنبي ( قوله : نعم توقف ) يعني الوصية ( قوله : يعمل في بقائه وبيعه وإجارته بالأصلح ) أي وإذا باع أو أجر أبقى الثمن أو الأجرة إلى كمال المحجور ، فإن أجاز دفع ذلك للموصى له وإلا قسم [ ص: 50 ] على الورثة كما هو ظاهر ( قوله : في نصف نصيب نفسه ) لعله مفروض فيما إذا كان الموصى به النصف والمشارك مشارك بالنصف ( قوله : وإن بان ) أي القبول بعده أي الموت




                                                                                                                            الخدمات العلمية