الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والأصح حل ) ( النظر بلا شهوة ) ولا خوف فتنة ( إلى الأمة ) ولو أم ولد وخرج بها المبعضة فكالحرة قطعا وقيل على الأصح : والثاني يحرم إلا ما يبدو في المهنة إذ لا حاجة ، والثالث يحرم نظرها كلها كالحرة وسيأتي ترجيحه ( إلا ما بين سرة وركبة ) فلا يحل ; لأنه عورتها في الصلاة فأشبهت الرجل والنظر بشهوة حرام قطعا لكل منظور إليه من محرم وغيره غير زوجته وأمته والتعرض له هنا في بعض المسائل ليس للاختصاص بل لحكمة تظهر بالتأمل قاله الشارح رحمه الله تعالى ، والبعض الذي تعرض له المصنف هو مسألة الأمة والصغيرة والأمرد ، وأفاد بمفهوم تعرضه أن تحريم نظر الأمة والصغيرة بشهوة متفق عليه بين الرافعي والمصنف رحمهما الله ، وأن محل الخلاف بينهما في الأمة والأمرد عند انتفائها ، والحكمة مع ما ذكرته أن الأمة لما أن كانت في مظنة الامتهان والابتذال في الخدمة ومخالطة الرجال وكانت عورتها في الصلاة ما بين سرتها وركبتها فقط كالرجل ربما توهم جواز النظر إليها ولو بشهوة للحاجة ، وأن الصغيرة لما أن كانت ليست مظنة للشهوة لا سيما عند عدم تمييزها ربما توهم جواز النظر إليها ولو بشهوة ، وأن الأمرد لما أن كان من جنس الرجال وكانت الحاجة داعية إلى مخالطتهم في أغلب الأحوال ربما توهم جواز نظرهم إليه ولو بشهوة للحاجة بل للضرورة ، فدفع تلك التوهمات بتعرضه المذكور ، وأفاد به تحريم نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر بشهوة إذا لم تكن بينهما زوجية ولا محرمية ولا سيدية بطريق الأولى ، وتحريم نظر كل من الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة والمحرم إلى محرمه بشهوة بطريق المساواة وناهيك بحسن تعرضه المذكور ( و ) الأصح حل النظر ( إلى صغيرة ) لا تشتهي ; لأنها غير مظنة للشهوة لجريان الناس عليه في الأعصار والأمصار ، ومن ثم قيل حكاية الخلاف فيها : أي فضلا عن الإشارة لقوته يكاد أن يكون خرقا للإجماع ، وتجويز الماوردي النظر لمن لا تشتهي ، وإن بلغت تسع سنين غير حاصر ، إذ الوجه ضبطه بما مر ; لأن المدار على الاشتهاء وعدمه عند أهل الطباع السليمة فإن لم تشته لهم لتشوه بما قدر فيما يظهر زوال تشوهها ، فإن كانت مشتهاة لهم حينئذ حرم نظرها وإلا فلا [ ص: 190 ] وفارقت العجوز بسبق اشتهائها ولو تقديرا فاستصحب ولا كذلك الصغيرة ( إلا ) ( للفرج ) فلا يحل نظره ، قال الرافعي : كصاحب العدة اتفاقا ، ورد المصنف دعوى الاتفاق بأن القاضي جوزه جزما فليس ذلك اتفاقا بل فيه خلاف لا أنه رد للحكم كما فهمه ابن المقري ككثير فصرح بالجواز .

                                                                                                                            وأما فرج الصغير فكفرج الصغيرة على المعتمدة ، وإن صرح المتولي وتبعه السبكي بجواز النظر إليه إلى التمييز ، فقد روى الحاكم { أن محمد بن عياض قال : رفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغري وعلي خرقة وقد كشفت عورتي فقال : غطوا عورته فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير ، ولا ينظر الله إلى كاشف عورته } واستثنى ابن القطان الأم زمن الرضاع والتربية لمكان الضرورة وهو ظاهر ، ويلحق غير الأم ممن يرضع بها فيما يظهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وسيأتي ترجيحه ) أي في قوله والأصح عند المحققين إلخ ( قوله : لكل منظور إليه ) يشمل عمومه الجمادات فيحرم النظر إليها بشهوة ( قوله : والتعرض له ) أي النظر بشهوة ( قوله : ضبطه بما مر ) أي من قوله بلغت حدا تشتهي فيه إلخ

                                                                                                                            [ ص: 190 ] قوله : وفارقت العجوز إلخ ) دفع به ما قد يقال قضيته أن العجوز لو كانت شوهاء من صغرها واستمر ذلك بها إلى أن صارت عجوزا أنه لا يحرم نظرها لعدم سبق الشهوة لها ، ووجه الدفع ما سبقت الإشارة إليه في كلامه من أن الشوهاء إذا بلغت سنا تشتهي فيه يفرض زوال الشهوة ( قوله : إلا الفرج ) أي قبلا أو دبرا ، وينبغي أن مثل الفرج محله إذا خلق بلا فرج أو قطع ذكره فيحرم النظر إليه إعطاء له حكم الفرج ( قوله : على المعتمد ) خلافا لحج ( قوله : لمكان الضرورة ) إضافة بيانية : أي للضرورة ، والتعبير به يشعر بأنه كغيرها عند عدم الحاجة وليس من الحاجة مجرد ملاعبة الصبي ( قوله : ممن يرضع بها ) التعبير بالإرضاع جرى على الغالب وإلا فالمدار على من يتعهد الصبي بالإصلاح ولو ذكرا كإزالة ما على فرجه من النجاسة مثلا وكدهن الفرج بما يزيل ضرره ، ثم لا فرق في ذلك بالنسبة لمن يتعاطى إصلاحه بين كون الأم قادرة على كفالته واستغنائها عن مباشرة غيرها وعدمه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 189 ] قوله : والثاني يحرم إلا ما يبدو في المهنة إلخ ) محل ذكر الثاني والثالث بعد الاستثناء في كلام المصنف الذي هو جزء من الوجه الأول ( قوله : فدفع تلك التوهمات بتعرضه المذكور ) قال الشهاب سم : وأقول : قد يشكل على هذا التقرير أن ما ذكر في توجيه التقييد في النظر إلى الأمرد مقتضاه أن التعرض له في نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة أولى من التعرض له في نظر الأمرد كما لا يخفى ، فكان ينبغي التعرض له فيما ذكر ، ويفهم منه حكم نظر الأمرد بالأولى فليتأمل . ا هـ .

                                                                                                                            واعلم أن قول الشارح والبعض الذي تعرض له المصنف إلى آخر السوادة هو عبارة فتاوى والده بالحرف ، لكن في الشارح إسقاط بعض ألفاظ من الفتاوى لا بد منها لعله من الكتبة ( قوله : ولا محرمية ) [ ص: 190 ] الصواب حذفه ( قوله : لجريان الناس عليه إلخ ) ينبغي ذكر الواو قبله ( قوله : وفارقت ) أي الصغيرة في المتن ( قوله : لا أنه رد للحكم ) معطوف على ما فهم من قوله فليس ذلك اتفاقا إذ هو تفسير لما أراده المصنف بالرد ، فكأنه قال المصنف المذكور : إنما هو رد لدعوى الاتفاق فقط لا أنه رد للحكم




                                                                                                                            الخدمات العلمية