الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو بلغ فيها ) أي الصلاة بالسن كما في المحرر ، ولا يتصور بالاحتلام إلا في صورة واحدة وهي ما إذا نزل المني إلى ذكره فأمسكه حتى رجع المني فإنه يحكم ببلوغه وإن لم يبرز منه إلى خارج كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ( أتمها ) وجوبا ( وأجزأته على الصحيح ) لأنه مأمور بها مضروب على فعلها وقد شرع فيها بشرائطها فلزمه إتمامها وأجزأته ، وإن تغير حاله إلى الكمال في أثنائها كالعبد إذا شرع في الظهر يوم الجمعة ثم عتق قبل إتمام [ ص: 397 ] الظهر وفوات الجمعة ووقوع أولها نفلا لا يمنع وقوع باقيها واجبا كحج التطوع ، وكما لو شرع في صوم التطوع ثم نذر إتمامه أو في صوم رمضان وهو مريض ثم شفي ، لكن تستحب الإعادة ليؤديها في حال الكمال ، وهذا ما نقله الرافعي عن الجمهور ، والثاني لا يجب إتمامها بل يستحب ولا يجزئه لأن ابتداءها وقع في حال النقصان ( أو ) بلغ ( بعدها فلا إعادة ) لازمة له ( على الصحيح ) وإن كانت جمعة لأنه أدى وظيفة الوقت كما أمر فلم تلزمه الإعادة كما إذا صلت الأمة مكشوفة الرأس ثم عتقت ، والثاني أنها تجب سواء أكان الباقي من الوقت قليلا أو كثيرا لأن المأتي به نفل فلا يسقط به الفرض كما لو حج ثم بلغ .

                                                                                                                            وأجاب الأولون بأن المأتي به مانع من الخطاب بالفرض لا مسقط له ، والفرق بين الصلاة والحج أن الصبي مأمور بالصلاة مضروب عليها كما مر ، بخلاف الحج ، وأيضا فلأن الحج لما كان وجوبه مرة واحدة في العمر اشترطنا وقوعه في حال الكمال ، بخلاف الصلاة ، وسواء في عدم وجوب الإعادة على الأول أكان نوى الفرضية أم لا بناء على ما سيأتي أن الأرجح عدم وجوبها في حقه .

                                                                                                                            نعم لو صلى الخنثى الظهر ثم بان رجلا وأمكنته الجمعة لزمته ( ولو حاضت ) أو نفست ( أو جن ) أو أغمي عليه ( أول الوقت ) واستغرق المانع باقيه ( وجبت تلك ) الصلاة لا الثانية التي تجمع معها ( إن أدرك قدر الفرض ) من عرض له ذلك قبل عروضه ، فالأول في كلامه نسبي بدليل ما أعقبه به فلا اعتراض عليه ، والمعتبر أخف ما يمكن لأنه [ ص: 398 ] أدرك من الوقت ما يمكن فيه فعل الفرض فلا يسقط بما يطرأ بعده ، كما لو هلك النصاب بعد الحول وأمكن الأداء فإن الزكاة لا تسقط ، ويجب الفرض الذي قبلها أيضا إن كان يجمع معها وأدرك قدره كما مر لتمكنه من فعل ذلك ، وإنما لم تجب الصلاة الثانية التي تجمع معها إذا خلا من الوقت ما يسعها لأن وقت الأولى لا يصلح للثانية إلا إذا صلاهما جمعا بخلاف العكس ، وأيضا وقت الأولى في الجمع وقت للثانية تبعا بخلاف العكس ، بدليل عدم جواز تقديم الثانية في جمع التقديم وجواز تقديم الأولى بل وجوبه على وجه في جمع التأخير ، ولا يعتبر قدر الطهارة على الأصح إلا إذا لم يجز تقديمها كالمتيمم ودائم الحدث فلا بد منه ، فإن لم يلبث حينئذ ما يسع ذلك فلا لزوم إلا أن يسع الفرض الثاني فيجب فقط لأن الوقت له ، أو الأول بأن لم يجز له القصر وأدرك ثلاث ركعات ففي التهذيب يجوز أن تجب المغرب وكان القاضي يتوقف فيه لسقوط التابع بسقوط متبوعه ا هـ . والأوجه كما قاله الشيخ عدم وجوبه ( وإلا ) أي وإن لم يدرك قدر الفرض كما مر ( فلا ) تجب عليه كما لو هلك النصاب قبل التمكن ، ومعلوم أنه لا يمكن طريان الصبا لاستحالته ولا الكفر الأصلي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فأمسكه ) أي بحائل ( قوله : وإن لم يبرز منه إلى خارج ) أي كما يحكم ببلوغ الحبلى وإن لم يبرز منيها ، ومن صورها بفاقد الطهورين إذا خرج منه المني في أثناء الصلاة لم يصب لأنه بناه على مردود ، بل الصواب وجوب استئنافها لأنه يجب التحرز في دوامها عن المبطل ، قاله الأقفهسي ا هـ سم على منهج ( قوله : وأجزأته ) أي وإن كان متيمما كما اختاره طب وم ر ، وإن لم يكن نوى [ ص: 397 ] الفريضة بناء على عدم اشتراط نيتها في حقه كما سيأتي م ر وهو متعين ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ثم رأيت ما سيأتي في قوله وسواء في عدم وجوب الإعادة إلخ ( قوله : وقوع باقيها واجبا ) قضية ذلك أن يثاب على ما قبل البلوغ ثواب النفل وعلى ما بعده ثواب الفرض ( قوله : ثم نذر إتمامه ) أي فإن أوله يقع نفلا وباقيه واجبا ، وعليه فيثاب على ما قبل النذر ثواب النفل وعلى ما بعده ثواب الواجب ويجزئه ذلك ( قوله : لكن تستحب الإعادة ) ظاهره أنه يحرم قطعها واستئنافها لكونه أحرم بها مستجمعة للشروط لأنه جعل استحباب القطع مقابلا للصحيح ، وعليه فيفرق بين هذا وما مر فيما لو وجد المتيمم الماء في صلاة تسقط بالتيمم حيث قيل إن قطعها ليتوضأ أفضل بأنه ثم قيل بحرمة إتمامها فكان القطع أفضل خروجا من خلافه : أي من خلاف من أوجب القطع ولا كذلك هنا وظاهره أيضا ولو منفردا ( قوله : وهذا ) أي وجوب الإتمام ( قوله : وأمكنته الجمعة لزمته ) لتبين كونه أهلها من وقت عقدها ا هـ ا هـ حج ، ومفهوم قول الشارح وأمكنته الجمعة أنه لا تلزمه إعادة الظهر إذا لم تمكنه ، وهو مشكل ، فإن مقتضى تبين كونه من أهلها وقت الفعل بطلان ظهره مطلقا ، وذلك يقتضي وجوب الإعادة : أي للظهر سواء أمكنته الجمعة أم لا ولو بعد خروج الوقت ، ولا يختص ذلك بالجمعة التي اتضح في يومها بل جميع ما فعله من صلاة الظهر قبل فوت الجمعة القياس وجوب إعادته على مقتضى هذا التعليل .

                                                                                                                            وقد يجاب بأن التي وقعت باطلة هي الأولى وما بعد الأولى من صلوات الظهر كل صلاة واحدة تقع قضاء عما قبلها قياسا على مسألة البارزي في الصبح ويأتي هنا ما نقل عن م ر من نية الأداء والإطلاق ( قوله ونفست ) أي خرج منها الدم بعد الولادة .

                                                                                                                            واختلف في فعله فقيل مبني للفاعل أو للمفعول ، وتقدم ما في ضبطه في باب الحيض فليراجع ( قوله : فالأول ) أي لفظ الأول ، وقوله في كلامه : أي المصنف ، وقوله نسبي : أي إذ المراد به ما قابل الآخر دون حقيقة الأول لأن حقيقة الأول لا يمكن أن يدرك معها فرضا ولا ركعة ( قوله : والمعتبر أخف ما يمكن ) أي من فعل نفسه فيما يظهر ا هـ . وعبارة [ ص: 398 ] المحلي أخف ما يمكنه ا هـ ، وهي صريحة فيما قلناه ( قوله : وأدرك قدره ) لا يقال : لا حاجة إلى إدراك قدر الفرض الثاني من وقت العصر لأنه وجب بإدراكه في وقت نفسه ، إذ الفرض أن المانع إنما طرأ في وقت الثانية فيلزم الخلو منه في وقت الأولى .

                                                                                                                            لأنا نقول : لا يلزم ذلك لجواز أن يكون المانع قائما به في وقت الأولى كله كما لو أسلم الكافر أو بلغ الصبي بعد دخول وقت العصر مثلا ثم جن أو حاضت فيه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 397 ] قوله : أو في صوم رمضان ، وهو مريض ثم شفي ) فيه وقفة إذ أوله ليس بنفل وإن كان جائز الترك للعذر كما لا يخفى [ ص: 398 ] قوله : ما يسع ذلك ) أي ما قدر ما تجمع معها أيضا .




                                                                                                                            الخدمات العلمية