الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ونكاح عبد ) ولو مدبرا ومبعضا ومكاتبا ومعلقا عتقه بصفة ( بلا إذن سيده ) ولو أنثى أو كافرا ( باطل ) للحجر عليه ، وللحجر الصحيح { أيما مملوك تزوج بغير إذن [ ص: 268 ] سيده فهو عاهر } وقول الأذرعي : يستثنى من ذلك ما لو منعه سيده فرفعه إلى حاكم يرى إجباره فأمره فامتنع فأذن له الحاكم ، أو زوجه فإنه يصح جزما كما لو عضل الولي محل نظر لأنه إن أراد صحته على مذهب ذلك الحاكم لم يصح الاستثناء ، أو على قولنا فلا وجه له ، وإذا بطل لعدم الإذن تعلق مهر المثل بذمته فقط ، والأوجه أن محله في غير نحو صغيرة وإلا تعلق برقبته نظير ما مر في السفيه كما بحثه الأذرعي وجزم في الأنوار كالإمام في وطئه أمة غير ما دونه أيضا بتعلقه برقبته ، وإن قال الزركشي وغيره إنه بذمته ( و ) نكاحه ( بإذنه ) أي السيد الرشيد غير المحرم كما قاله ابن القطان وهو المعتمد نطقا ولو أنثى بكرا ( صحيح ) لمفهوم الخبر ( وله إطلاق الإذن ) فينكح حرة أو أمة ببلده وغيرها ، نعم للسيد منعه من الخروج إليها ( وله تقييده بامرأة ) معينة ( أو قبيلة ، أو بلد ولا يعدل عما أذن فيه ) وإلا بطل ولو كان مهر المعدول إليها أقل من مهر المعينة ، نعم لو قدر له مهرا فزاد عليه ، أو زاد على مهر المثل عند الإطلاق صحت الزيادة ولزمت ذمته فيتبع بها بعد عتقه لصحة ذمته بخلاف ما مر في السفيه ، ويؤخذ منه أن الكلام في العبد الرشيد ، ومحل ما ذكر في صورة التقدير إن لم ينهه عن الزيادة وإلا بطل النكاح لأنه غير مأذون فيه حينئذ ولا يحتاج لإذن في الرجعة بخلاف إعادة البائن ، ولو نكح فاسدا نكح صحيحا بلا إنشاء إذن لأن الفاسد لم يتناوله الإذن الأول ورجوعه عن الإذن كرجوع الموكل ، وكذا ولي السفيه كما هو ظاهر ( والأظهر أنه ليس للسيد إجبار عبده ) غير المكاتب والمبعض ولو صغيرا ومخالفا في الدين ( على النكاح ) لأنه يلزم به ذمته مالا كالكتابة ولأنه لا يملك رفع النكاح بالطلاق فكيف يجبر على ما لا يملك رفعه وإنما أجبر الأب الابن [ ص: 269 ] الصغير لأنه قد يرى تعين المصلحة له حينئذ الواجب عليه رعايتها .

                                                                                                                            والثاني له إجباره كالأمة ( ولا عكسه ) بالجر والرفع أي لا يجبر السيد على نكاح قنه بأقسامه السابقة أيضا إذا طلبه منه ( في الأظهر ) لأنه يشوش عليه مقاصد الملك وفوائده كتزويج الأمة .

                                                                                                                            والثاني يجبره عليه ، أو على البيع لأن المنع من ذلك يوقعه في الفجور .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإلا تعلق برقبته ) أي وإلا بأن كانت صغيرة ، أو مجنونة ، أو كبيرة لم تمكن مختارة ( قوله : بتعلقه برقبته ) وهو ظاهر لوجوبه بغير رضا مستحقه ( قوله : من الخروج إليها ) الضمير راجع إلى قوله ببلده وغيرها ( قوله : وإلا بطل ) ظاهره ولو كانت المعدول إليها خيرا من المعينة نسبا وجمالا ودينا ، وعليه فيمكن أن يفرق بينه وبين ما تقدم في السفيه عن ابن أبي الدم من الصحة بأن حجر الرق أقوى من حجر السفه بدليل أن ولي السفيه إذا امتنع من الإذن له حيث احتاج إلى النكاح أثم وأجبر على الإذن في نكاح السفيه من تليق ، بخلاف سيد العبد ، فإنه لا يجبر على تزويجه وإن خاف العنت على ما مر ( قوله : ولو كان ) غاية ( قوله : ولو نكح فاسدا ) أي بأن أذن له السيد في النكاح وأطلق فنكح نكاحا فاسدا لفقد شرط من شروطه ( قوله نكح صحيحا ) أي جاز له أن ينكح ثانيا نكاحا صحيحا ( قوله : ورجوعه ) أي السيد ، وقوله كرجوع الموكل أي يعتد به ( قوله : غير المكاتب والمبعض ) أما هما فلا قطعا ( قوله : ولأنه ) أي السيد ( قوله : وإنما أجبر الأب الابن ) أي بأن يزوجه بغير رضاه .

                                                                                                                            قال البغوي : أو يكرهه على القبول لأنه إكراه بحق وخالفه المتولي [ ص: 269 ] والثالث له إجبار الصغير دون الكبير انتهى محلي .

                                                                                                                            وكتب أيضا لطف الله به : وإنما أجبر الأب الابن الصغير : أي بقبوله النكاح له ( قوله والثاني له إجباره كالأمة ) وعلى هذا الثاني لو طلق السيد مثلا زوجته ثلاثا ثم زوجها وليها بإذنها بعد انقضاء عدتها لهذا العبد بإجبار سيده صح النكاح ، ثم إذا ملكها إياه سيده بعد وطئه لها انفسخ النكاح فلا يحتاج إلى تطليق من العبد وتحل المرأة بذلك لزوجها الأول بعد انقضاء عدتها من العبد .

                                                                                                                            قال بعض أهل العصر : والعمل بهذا القول حيث أمكن أولى مما يفعل الآن في التحليل بالصبي قال : لسلامة ما ذكر من الاحتياج إلى المصلحة في تزويج الصغير فإنه حيث كان المزوج السيد لا يتوقف صحة النكاح على مصلحة انتهى .

                                                                                                                            وفيه بعد تسليمه أنه عمل بمقابل الأظهر ، وقد صرح الشارح كحج في شرح الخطبة بأنه لا يجوز العمل به ولو لنفسه ، وأنه يحتاج مع ذلك إلى عدالة ولي المرأة والشهود وأتى بذلك ليكون العقد صحيحا عند الشافعية تأمل ولا تغتر بما قيل .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 268 ] قوله : لم يصح الاستثناء ) قال الشهاب المذكور أيضا : في عدم صحته نظر ، فإن عبارة المصنف شاملة لهذه الحالة وهذا كاف في صحته ( قوله : تعلق مهر المثل بذمته ) أي إن وطئ ( قوله : نظير ما مر في السفيه ) أي من حيث مطلق الوجوب وبه يندفع ما في حواشي التحفة ( قوله : من الخروج إليها ) أي الزوجة إذا كانت بغير بلده ( قوله نعم لو قدر له إلخ ) الاستدراك على قول المصنف ولا يعدل عما أذن فيه ( قوله : وكذا ولي السفيه ) أي رجوعه كرجوع الموكل ( قوله : غير المكاتب والمبعض ) أخرجهما ; لأنهما ليسا من محل الخلاف فلا يجبران جزما ( قوله : ; ولأنه لا يملك رفع النكاح ) عبارة القوت ; لأنه يملك رفعه فكيف يجبر عليه ، وعبارة شرح الروض : ; ولأن العبد [ ص: 269 ] يملك رفعه بالطلاق ( قوله : بالجر ) لم يظهر لي وجهه فليتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية