الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والجاري كراكد ) في تنجسه بالملاقاة وفيما يستثنى ، لكن العبرة في الجاري بالجرية نفسها لا مجموع الماء ، فإن الجريات متفاصلة [ ص: 86 ] حكما وإن اتصلت في الحس ; لأن كل جرية طالبة لما قبلها هاربة عما بعدها ، فإذا كانت الجرية وهي الدفعة التي بين حافتي النهر في العرض دون قلتين تنجست بملاقاة النجاسة سواء أتغير أم لا لمفهوم حديث القلتين المار فإنه لم يفصل فيه بين الجاري والراكد ، ويكون محل تلك الجرية من النهر نجسا ، ويطهر بالجرية بعدها وتكون في حكم غسالة النجاسة حتى لو كانت مغلظة فلا بد من سبع جريات عليها .

                                                                                                                            هذا في نجاسة تجري بجري الماء ، فإن كانت جامدة واقفة فذلك المحل نجس ، وكل جرية تمر بها نجسة إلى أن يجتمع قلتان منه في حوض أو موضع متراد ، ويلغز به فيقال ماء ألف قلة غير متغير وهو نجس ( وفي القديم لا ينجس بلا تغير ) لقوته بوروده على النجاسة فأشبه الماء الذي يطهرها به ، وعليه فمقتضاه أن يكون طاهرا لا طهورا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهي الدفعة ) قال في القاموس : الدفعة أي بالفتح المرة ، وبالضم الدفعة من المطر ا هـ بحروفه ، والمناسب هنا الضم ( قوله : فلا بد من سبع جريات عليها ) أي ومن التتريب أيضا في غير الأرض الترابية ( قوله : فإن كانت جامدة واقفة ) هل الجاري من المائع كالماء حتى لا يتعدى حكم كل جرية لغيرها كذا بخط شيخنا بر ، واعتمد شيخنا طب أنه مثله ، وإلا لزم فيما لو نزل خيط مائع من علو على أرض نجسة نجاسة جميع ما في العلو من المائع الذي نزل منه الخيط ولا يجوز القول بذلك ، وما قاله : أي من أن المائع كالماء لا محيص عنه ا هـ ابن قاسم على المنهج رحمه الله .

                                                                                                                            ثم رأيت في ابن حجر التصريح بأن الجاري مع المائع كالراكد فينجس جميعه بملاقاة النجاسة لا خصوص الجرية التي بها النجاسة ، وتقدم في الشارح ما يوافقه في قوله : ومثل الماء القليل كل مائع وتردد في مسألة الإبريق واستقرب أن ما في بطنه لا ينجس ، بل وما لم يتصل بالنجاسة من الخيط النازل ، قال : لأن الجاري من المائع كالجاري من الماء ، بل ; لأن الانصباب على الوجه المذكور يمنع من الاتصال عرفا ، فاقتضى قصر النجاسة على الملاقي لها دون غيره ، واستشهد لذلك بما نقله الإمام عن الأصحاب من أنه لو صب زيتا من إناء في آخر به فأرة حيث قالوا لا ينجس ما في هذا الثاني مما لم يلاق الفأرة وبكلام نقله عن شرح المهذب فيما لو جرح في صلاته وخرج منه دم لوث البشرة تلويثا قليلا حيث لم تبطل صلاته بسبب الدم البعيد عن البشرة ، وأطال في بيان ذلك فراجعه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ويطهر بالجرية بعدها وتكون في حكم غسالة النجاسة ) أي بالنسبة لغير ما تجري عليه من أجزاء النهر فلا يصح بها رفع حدث ولا إزالة خبث آخر ، أما بالنسبة لما تجري عليه من أجزاء النهر فلا ما دامت واردة كما هو ظاهر ، وإلا فلو حكمنا عليها بالاستعمال مطلقا بمجرد مرورها على محل جرية النجاسة كنا نحكم عليها بالنجاسة إذا مرت على محل ثان مرت عليه النجاسة ، إذ المستعمل لا يدفع النجاسة عن نفسه [ ص: 87 ] وكان ما بعدها يطهر محلها ، ويصير مستعملا ، فإذا انتقل إلى محل آخر تنجس وهكذا فتدبر




                                                                                                                            الخدمات العلمية