الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 3 ] { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } " حديث شريف " بسم الله الرحمن الرحيم ( فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( الطلاق سني ) وهو الجائز ( وبدعي ) وهو الحرام فلا واسطة بينهما على أحد الاصطلاحين ، والمشهور خلافه ، وهو انقسامه إلى سني وبدعي ولا ولا ، إذ طلاق الصغيرة والآيسة والمختلعة ومن استبان حملها منه ومن لم يدخل بها لا سنة فيه ولا بدعة

                                                                                                                            ( ويحرم البدعي ) لإضرارها أو إضراره أو الولد به كما يأتي ( وهو ضربان ) أحدهما ( طلاق ) منجز ، وقول الشيخ ولو في طلاق رجعي ، وهي تعتد بالأقراء مبني على مرجوح وهو استئنافها العدة ( في حيض ) أو نفاس ( ممسوسة ) أي موطوءة ولو في الدبر أو مستدخلة ماءه المحترم وقد علم ذلك إجماعا ، ولخبر ابن عمر الآتي ولتضررها بطول العدة إذ بقية دمها غير محسوب منها ، ومن ثم لم يحرم في حيض حامل تعتد بوضعه ، وبحث الأذرعي حله في أمة قال لها سيدها إن طلقك الزوج اليوم فأنت حرة ، فسألت زوجها فيه لأجل العتق فطلقها لأن دوام الرق أضر بها من تطويل العدة وقد لا يسمح به السيد أو يموت بعد ، [ ص: 4 ] وشمل إطلاقه ما لو ابتدأ طلاقها في حال حيضها ولم يكمله حتى طهرت فيكون بدعيا ، وبه صرح الصيمري ، والأوجه خلافه لما يأتي من أنه لو قال أنت طالق مع آخر حيضك أو في آخره فسني في الأصح لاستعقابه الشروع في العدة ، واحترزنا بالمنجز عن المعلق بدخول الدار مثلا فلا يكون بدعيا ، لكن ينظر لوقت الدخول ، فإن وجد حالة الطهر فسني وإلا فبدعي لا إثم فيه هنا .

                                                                                                                            قال الرافعي : ويمكن أن يقال إن وجدت الصفة باختياره أثم بإيقاعه في الحيض كإنشائه الطلاق فيه . قال الأذرعي : إنه ظاهر لا شك فيه وليس في كلامهم ما يخالفه ( وقيل إن سألته ) أي الطلاق في الحيض ( لم يحرم ) لرضاها بطول العدة ، والأصح التحريم لأنها قد تسأله كاذبة كما هو شأنهن ، ولو علق الطلاق باختيارها فأتت به في حال الحيض مختارة . قال الأذرعي : فيمكن أن يقال هو كما لو طلقها بسؤالها : أي فيحرم أي حيث كان يعلم وجود الصفة حال البدعة وهو ظاهر ، ومن ثم لو تحققت رغبتها فيه لم يحرم كما قال ( ويجوز ) ( خلعها فيه ) أي الحيض بعوض لحاجتها إلى خلاصها بالمفارقة حيث افتدت بالمال وقد قال تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ويكون سنيا ولإطلاق إذنه لثابت بن قيس في الخلع على مال من غير استفصال عن حال زوجته ( لا ) خلع ( أجنبي في الأصح ) لأن خلعه لا يقتضي اضطرارها إليه ، والثاني يجوز وهو غير بدعي لأن بذل المال يشعر بالضرورة ، ولو أذنت له في اختلاعها اتجه أنه كاختلاعها نفسها إن كان بمالها وإلا فكاختلاعه ( ولو ) ( قال أنت طالق مع ) أو في أو عند مثلا ( آخر حيضك ) ( فسني في الأصح ) لاستعقابه الشروع في العدة ، والثاني بدعي لمصادفته الحيض ( أو ) أنت طالق ( مع ) ومثلها ما ذكر ( آخر طهر ) عينه كما دل عليه قوله ( لم يطأها فيه فبدعي على المذهب ) المنصوص كما في الروضة ، والمراد به الراجح لأنه لا يستعقب العدة . والثاني سني لمصادفته الطهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 3 ] فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( قوله : السني والبدعي ) أي وما يتبع ذلك ( قوله : فلا واسطة بينهما ) أي السني والبدعي ( قوله : ومن استبان ) أي ظهر ( قوله : ويحرم البدعي ) وهو ما وقع في حيض أو نحوه وإلا فظاهر العبارة لا يخلو عن مسامحة إذا فسر البدعي بالحرام لأنه يصير المعنى عليه ويحرم الحرام ( قوله : طلاق منجز ) أي لغير رجعية ليقابل قوله وقول الشارح إلخ ولو بسؤال منها أخذا من قول المصنف ، وقيل إن سألته إلخ ( قوله : أو مستدخلة ماءه ) هل ولو في الدبر أخذا مما قبله ا هـ سم على حج فيه نظر ، والأقرب نعم ، ثم رأيت في شرح الروض التصريح بما قاله شيخنا ، وعبارته : أو استدخلت ماءه المحترم ولو في حيض قبله أو الدبر ( قوله : يعتد بوضعه ) مفهومه أنها لو كانت حاملا من شبهة أو من وطء زنا حرم ، وسيأتي حكم ذلك في قوله ومنه أيضا ما لو نكح حاملا من زنا إلخ ( قوله وبحث الأذرعي إلخ ) معتمد ( قوله : فسألت زوجها ) مفهومه أنه لو علم الزوج بتعليق السيد فطلقها ليحصل لها العتق لم [ ص: 4 ] يجز ، وهو ظاهر لأنها قد لا يكون لها غرض ، وقوله فيه : أي الطلاق ( قوله : والأوجه خلافه ) وقياسه أنه لو ابتدأ طلاقها في الطهر وأكمله في الحيض كان بدعيا لأنه لا يستعقب الشروع في العدة وهو ظاهر وإن وقع في كلام الخطيب ما يخالفه ( قوله : إن وجدت الصفة باختياره ) أي كأن علق بفعله ثم فعل ( قوله : قال الأذرعي إلخ ) معتمد ( قوله : أي فيحرم ) هذا مخالف لمفهوم قوله السابق إذا وجدت الصفة باختياره أثم إلخ ، إلا أن يقال : ما هنا مصور بما لو علم وجود الصفة في الحيض ، وما تقدم مصور بما إذا لم يعلم كما يشعر بهذا قوله هنا : أي حيث كان يعلم إلخ ، ويبقى الكلام في الطريق المفيد لعلمه بوجودها في الحيض مع كون الفرض أن الصفة باختيارها وهي مستقبلة ، وقد يقال المراد بالعلم هنا الظن القوي ( قوله ومن ثم لو تحققت ) أي كأن دفعت له عوضا على الظن أو دلت قرينة قوية على ذلك ( قوله : إن كان بمالها ) أي إن كان الإذن في اختلاعها بمالها وإن اختلع من ماله لأن إذنها على الوجه المذكور محقق لرغبتها ( قوله : ومثلها ما ذكر ) أي في أو عند



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 3 ] فصل ) في بيان الطلاق السني والبدعي ( قوله : وقد علم ) إنما قيد به لقول المصنف ويحرم وإلا فاسم البدعة موجود ولو مع عدم العلم كما هو ظاهر [ ص: 4 ] قوله : والأوجه خلافه ) أي : فلا يسمى بدعيا ، وأما كونه يحرم عليه من حيث الإقدام مع عدم علمه بالانقطاع ، فينبغي الجزم به فليراجع ( قوله : ويكون سنيا ) أي : على اصطلاح المصنف لا على المشهور المار




                                                                                                                            الخدمات العلمية