الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وللقادر ) على القيام ( النفل قاعدا ) إجماعا راتبا كان أم غيره لأن النوافل تكثر ، فاشتراط القيام فيها يؤدي إلى الحرج أو الترك ، ولهذا لا يجوز القعود في العيدين والكسوفين والاستسقاء على وجه ضعيف لندورها ( وكذا ) له النفل ( مضطجعا في الأصح ) مع قدرته على القيام لخبر { من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما : أي مضطجعا فله نصف أجر القاعد } وهو وارد فيمن صلى النفل كذلك مع القدرة ، وهذا في حقنا ، أما في حقه صلى الله عليه وسلم فلا ، إذ من خصائصه أن تطوعه قاعدا مع قدرته كتطوعه قائما .

                                                                                                                            وأفهم قوله مضطجعا امتناع الاستلقاء وهو كذلك وإن أتم الركوع والسجود لعدم وروده ، بخلاف الانحناء فإنه لا يمتنع فيما يظهر خلافا للإسنوي لأنه أكمل من القعود .

                                                                                                                            نعم إذا قرأ فيه وأراد جعله للركوع اشترط كما هو ظاهر مضي جزء منه بعد القراءة وهو مطمئن ليكون عن الركوع إذ ما قارنها لا يمكن حسبانه عنه ، وإذا صلى مضطجعا وجب أن يأتي بركوعه وسجوده تامين ، ومقابل الأصح عدم صحته من اضطجاع لما فيه من انمحاق صورة الصلاة .

                                                                                                                            وسئل الوالد رحمه الله تعالى عمن يصلي النفل قائما هل يجوز له أن يكثر للإحرام حال قيامه قبل اعتداله وتنعقد به صلاته أو لا ؟ فأجاب بأنه يجوز له تكبيرته المذكورة وتنعقد بها صلاته لأنه يجوز له أن يأتي بها في حالة أدنى من حالته ولو في حال اضطجاعه ثم يصلي قائما ، ولا ينافي هذا ما أفتى به سابقا من إجزاء قراءته في هويه للجلوس دون عكسه ، لأنه هنا لم يدخل في الصلاة إذ لا يتم دخوله فيها إلا بتمام تكبيرة ، بخلاف مسألة القراءة فسومح هنا ما لم يسامح به ، ثم ولو أراد عشرين ركعة قاعدا وعشرا قائما ففيه احتمالان في الجواهر ، وأفتى بعضهم بأن العشرين أفضل لما فيها من زيادة الركوع وغيره ، ويحتمل خلافه لأنها أكمل ، [ ص: 472 ] وظاهر الحديث الاستواء ، والمعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تفصيل العشر من قيام عليها لأنها أشق ، فقد قال الزركشي في قواعده : صلاة ركعتين من قيام أفضل من أربع من قعود ، ويؤيده حديث { أفضل الصلاة طول القنوت } أي القيام ، وصورة المسألة ما إذا استوى الزمان كما هو ظاهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : امتناع الاستلقاء ) أي إذا كان قادرا على الاضطجاع ( قوله : لعدم وروده ) هذا يخالف ما مر له من أبي شكيل من أن من يصلي بالانحناء قاعدا في غير موضع الركوع تبطل صلاته إن كان عالما لا جاهلا ، إلا أن يقال : ما مر مفروض في الفرض وما هنا في النفل ، وهو يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره ، فلا تعارض على أن الكلام فيما مر عن أبي شكيل مصور بما إذا قرأ الفاتحة قبل انحنائه فلا تعارض ( قوله : بخلاف الانحناء ) محترز قوله امتناع الاستلقاء ( قوله : نعم إذا قرأ فيه ) أي الانحناء ( قوله : بركوعه وسجوده تأمين ) أي بأن يقعد ويأتي بهما ( قوله : قبل اعتداله ) أي انتصابه قائما ( قوله لأنه هنا لم يدخل في الصلاة إلخ ) يعني أنه لو أراد أن يصلي النفل من قيام فأحرم به جالسا ثم أراد القيام ليس له أن يقرأ في نهوضه للقيام لأنه صائر لأكمل مما هو فيه .

                                                                                                                            أقول : وفيه نظر ، لأنه وإن كان صائرا لما هو أكمل فليس بواجب عليه لجواز فعل النفل جالسا ، فصيرورته لما هو الأكمل لا تقتضي وجوب القراءة عليه في الأدون ، فالقياس جواز قراءته في النهوض

                                                                                                                            [ ص: 472 ] كما تجوز في الهوي إلى القعود ( قوله : من قيام عليها ) أي على العشرين من قعود ، أما لو كانت الكل من قيام واستوى زمن العشر والعشرين فالعشرون أفضل لما فيها من زيادة الركوعات والسجودات مع اشتراط الكل في القيام ( قوله كما هو ظاهر ) والكلام في النفل المطلق ، أما غيره كالرواتب والوتر فالمحافظة على العدد المطلوب فيه أفضل ، ففعل الوتر إحدى عشرة في الزمن القصير أفضل من فعل ثلاثة مثلا في قيام يزيد على زمن ذلك العدد ، لكون العدد فيما ذكر بخصوصه مطلوبا للشارع .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : في إجزاء قراءته في هويه للجلوس دون عكسه ) والصورة أنه في النفل كما هو فرض الإفتاء ، وفيه [ ص: 472 ] نظر ظاهر ; لأن الحالة التي منع القراءة فيها أكمل بكل حال من القعود الذي له القراءة فيه في الحال ( قوله : إذا استوى الزمان ) ينبغي أن المراد استواء زمن كل ركعة من ركعات القعود مع كل ركعة من ركعات القيام لتحصل المفاضلة بين نفس القيام ونفس تكثير الركوع والسجود ، وإلا بأن كان المراد أن الزمان الذي صرفه لمجموع العشر مساو للزمان الذي صرفه للعشرين ، فينبغي القطع بتفضيل العشر من قيام ، والتفضيل حينئذ عارض من تطويل القيام لا من ذاته فتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية