الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 419 ] ( وتجب استتابة المرتد والمرتدة ) لاحترامهما بالإسلام ( وفي قول مستحب ) كالكافر الأصلي ( وهي ) على القولين ( في الحال ) لخبر { من بدل دينه فاقتلوه } ( وفي قول ثلاثة أيام ) لأثر فيه عن عمر رضي الله عنه ( فإن ) ( أصر ) أي الرجل والمرأة على الردة ( قتلا ) للخبر المار ، والنهي عن قتل النساء محمول على الحربيات وللسيد قتل قنه ، والقتل هنا بضرب العنق دون غيره ، ولا يتولاه سوى الإمام أو نائبه ، فإن افتات عليه أحد عزر ، ولو قال عند القتل عرضت لي شبهة فأزيلوها لأتوب ناظرناه بعد الإسلام لا قبله ، فإن شكا جوعا قبل المناظرة أطعم أولا ( وإن أسلم صح ) إسلامه ( وترك ) لقوله تعالى { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ولخبر { فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم } وشمل كلامه كفر من سبه عليه الصلاة والسلام أو سب نبيا غيره وهو كذلك على الأصح ، ولم يحتج للتثنية هنا لفوات المعنى السابق الحامل عليها ، وهو الإشارة للخلاف ، فاندفع القول بأن الأحسن أسلما ليوافق ما قبله ( وقيل لا يقبل إسلامه إن ارتد إلى كفر خفي كزنادقة وباطنية ) ; لأن التوبة عند الخوف عين الزندقة ، والزنديق من يظهر الإسلام ويخفي الكفر ، ويقرب منه من عبر عنه بأنه من لا ينتحل دينا ، والباطني من يعتقد أن للقرآن باطنا غير ظاهره وأنه المراد منه وحده أو مع الظاهر ، ولا بد في صحة الإسلام مطلقا من الشهادتين ولو بالعجمية ، وإن أحسن العربية ، ويعتبر ترتيبهما وموالاتهما كما جزم به الوالد رحمه الله في شروط الإمامة [ ص: 420 ] ثم الاعتراف برسالته صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب ممن ينكرها ، أو البراءة من كل دين يخالف دين الإسلام ، ولا بد من رجوعه عن اعتقاد ارتد بسببه ولا يعزر مرتد تاب على أول مرة ، ومن نسب إليه ردة وجاءنا يطلب الحكم بإسلامه يكتفى منه بالشهادتين ولا يتوقف على تلفظه بما نسب له .

                                                                                                                            ويؤخذ من كلام الشافعي أنه لا بد من تكرر لفظ أشهد في صحة الإسلام ، وهو ما يدل عليه كلامهما في الكفارة وغيرها لكن خالف فيه جمع

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وتجب استتابة المرتد والمرتدة ) أي فلو قتله أحد قبل الاستتابة عزر فقط ولا شيء عليه لإهداره

                                                                                                                            ( قوله : والقتل هنا بضرب العنق ) أي أما غير هذا فقد يكون قتله بغير رمي العنق كأن كان القتل قصاصا وقد قتل هو بغير ضرب العنق فيقتل بمثل فعله للمناسبة ( قوله : أطعم أولا ) أي وجوبا

                                                                                                                            ( قوله : وإن أسلم صح إسلامه ) أي من قامت به الردة ذكرا كان أو أنثى

                                                                                                                            ( قوله : وترك لقوله تعالى إلخ ) أي وإن تكررت ردته مرارا لكنه لا يعزر على أول مرة كما يأتي ، وظاهره أنه لا فرق في قبول الإسلام منه مع التكرر بين أن يطلب على الظن أنه إنما يسلم بعد الردة تقية أو لا

                                                                                                                            ( قوله : ولم يحتج للتثنية هنا ) أي في أسلم

                                                                                                                            ( قوله : وهو الإشارة للخلاف ) أي : لأن في قوله قتلا إشارة للرد على من قال إن المرأة لا تقتل وفي قوله السابق : والنهي عن قتل النساء إلخ تعريض بالرد على قائله

                                                                                                                            ( قوله : وباطنية ) قال ع : كان وجه دخول هذا في الخفي من حيث إنه خفي في ذاته وإن أظهره صاحبه

                                                                                                                            ( قوله : من عبر عنه بأنه ) أي من عرفه بأنه إلخ

                                                                                                                            ( قوله : من لا ينتحل دينا ) أي من لا ينتسب إلى دين ، قال في المختار : وفلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا إذا انتسب إليه انتهى

                                                                                                                            ( قوله : ولا بد في صحة الإسلام مطلقا ) أي سواء كان ممن ينكر رسالته صلى الله عليه وسلم للعرب ولغيرهم أو ينكرها لغيرهم خاصة

                                                                                                                            ( قوله : ولو بالعجمية ) أي عند من يعرفها فلا يجوز له قتله ، أما إذا نطق بها عند من لا يعرفها فقتله لظن بقائه على الكفر فلا إثم عليه وينفعه ذلك عند الله فلا يخلد في النار ، ثم إذا شهدت بينة بأن ما نطق به هو كلمة الشهادة لمعرفتها بلسانه دون القاتل فينبغي وجوب الدية على القاتل ; لأنه قتل مسلما في نفس الأمر ، وظن كفره إنما يسقط القصاص للشبهة

                                                                                                                            ( قوله : ويعتبر ترتيبهما وموالاتهما ) ظاهره وإن لم يأت بالواو [ ص: 420 ]

                                                                                                                            ( قوله : ولا بد من رجوعه ) أي كأن يقول برئت من كذا فيبرأ منه ظاهرا ، أما في نفس الأمر فالعبرة بما في نفسه

                                                                                                                            ( قوله : أنه لا بد من تكرر لفظ أشهد ) أي وعليه فلا يصح إسلامه بدونها وإن أتى بالواو

                                                                                                                            ( قوله : وهو ما يدل عليه كلامهما ) معتمد



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لخبر { من بدل دينه فاقتلوه } ) لعل وجه الدلالة منه ما أفادته الفاء من التعقيب ( قوله : فإن شكا جوعا قبل المناظرة أطعم ) انظر ما وقع هذا مع أنه إنما يناظر بعد الإسلام وبعد الإسلام لا شبهة في أنه يطعم ، وإنما يظهر هنا لو كان يناظر قبل الإسلام كما قيل به ( قوله : لفوات المعنى السابق ) أي السابقة الإشارة إليه بقوله والنهي عن قتل النساء إلخ . المشار به إلى الرد على المخالف في قتل النساء ( قوله : لفوات المعنى السابق ) أي وللإشارة [ ص: 420 ] بالمغايرة إلى الخلاف ، إذ لو ثنى هنا أيضا فاتت هذه الإشارة كما لا يخفى وحينئذ فما صنعه المصنف أحسن مما أشار إليه المعترض ، وإن قال الشهاب سم إن ما ذكر إنما هو مصحح للعبارة بتكلف لا دافع لأحسنية ما أشار إليه المعترض




                                                                                                                            الخدمات العلمية