الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وفي ) ( زوال ملكه عن ماله بها ) أي بالردة ( أقوال ) أحدها نعم مطلقا حقيقة ، ولا ينافيه عوده بالإسلام ; لأنه مجمع عليه . ثانيها وثالثها وهو ( أظهرها إن هلك مرتدا بان زوال ملكه بها وإن أسلم بان أنه لم يزل ) ; لأن بطلان عمله يتوقف على موته مرتدا فكذا زوال ملكه ، ومحل الخلاف في غير ما ملكه في الردة بنحو اصطياد فهو إما فيء أو باق على إباحته ، [ ص: 421 ] وفي مال معرض للزوال لا نحو أم ولد ومكاتب والأصح على القول ببقاء ملكه أنه لا يصير محجورا بمجرد الردة بل لا بد من ضرب الحاكم عليه خلافا لما اقتضاه ظاهر كلامه وأنه يكون كحجر الفلس لأجل حق أهل الفيء ( وعلى الأقوال ) كلها ( يقضى منه دين لزمه قبلها ) أي الردة بإتلاف أو غيره أو فيها بإتلاف كما يأتي ، أما على بقاء ملكه فظاهر وأما على زواله فهي لا تزيد على الموت ، والدين مقدم على حق الورثة فعلى حق الفيء أولى ومن ثم لو مات مرتدا وعليه دين وفي ، ثم ما بقي فيء ، وظاهر كلامهم انتقال جميع المال لبيت المال متعلقا به الدين ، كما أنه لا يمنع انتقال جميع التركة للوارث وهو الأوجه وإن ادعى بعضهم أنه لا ينتقل إليه إلا ما بقي ( وينفق عليه منه ) مدة الاستتابة كما يجهز الميت من ماله وإن زال ملكه عنه بموته ( والأصح ) بناء على زوال ملكه ( أنه يلزمه غرم إتلافه فيها ) كمن حفر بئرا تعديا فإنه يضمن ما تلف بها بعد موته ( ونفقة ) يعني مؤنة ( زوجات وقف نكاحهن ) نفقة الموسرين ( وقريب ) أصل أو فرع وإن تعدد وتجدد بعد الردة وأم ولد لتقدم سبب وجوبها . والثاني لا يلزمه ذلك بناء على قول زوال ملكه ( وإذا وقفنا ملكه فتصرفه ) فيها ( إن احتمل الوقف ) بأن قبل التعليق ( كعتق وتدبير ووصية موقوف إن أسلم نفذ ) بالمعجمة : أي بان نفوذه ( وإلا فلا )

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : في غير ما ملكه ) في التعبير به مسامحة لما يأتي من أنه إذا مات على الردة كان باقيا على إباحته ، والأولى أن يقول فيما وضع يده عليه في الردة إلخ ( قوله : وإن عاد إلى الإسلام استقر ملكه ) وعليه فلو انتزع منه قبل إسلامه ما صاده في الردة فهل يملكه الآخذ لعدم استقرار ملكه عليه حين الأخذ فلا يؤمر برده له بعد الإسلام أو لا ، ويجب رده عليه إذا أسلم ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ، فإن عدم الملك غايته أنه يقتضي حرمة [ ص: 421 ] التعرض لا عدم ملك الآخذ ، ونظير هذا ما تحجره المسلم من الموات ولم يحيه

                                                                                                                            ( قوله : لا نحو أم ولد ومكاتب ) أي أما هما فلا يزول ملكه عنهما اتفاقا لثبوت حق العتق لهما قبل ردته ( قوله : على القول ببقاء ملكه ) أي على القول الضعيف

                                                                                                                            ( قوله : وأنه يكون ) أي إذا حجر عليه يكون إلخ

                                                                                                                            ( قوله : فهي لا تزيد على الموت ) انظر على هذا أي فائدة في بقاء ملكه حيث كان ماله يجعل تحت يد عدل وينفق منه على زوجاته وتقضى منه ديون لزمته بعد الردة ، وأي فرق بينه وبين وقف ملكه ، اللهم إلا أن يقال : إذا قلنا بزوال ملكه ومضى عليه حول في الردة ثم عاد إلى الإسلام لا تجب عليه زكاة لعدم ملكه . ومن فوائده أنا إذا قلنا بالوقف أنفق على زوجاته وأقاربه قطعا ، وإذا قلنا بزوال ملكه ففيه في الخلاف الآتي قوله والأصح يلزم غرم إتلافه إلخ

                                                                                                                            ( قوله : وإن ادعى بعضهم إلخ ) وفائدة الخلاف تظهر في فوائد التركة . فإن قلنا لا يمنع الدين انتقالها لم يتعلق بالزوائد وإن قلنا يمنع تعلق

                                                                                                                            ( قوله : وينفق عليه منه مدة الاستتابة ) هو ظاهر على القول الثاني .

                                                                                                                            أما على الراجح من وجوب الاستتابة حالا فكجواز التأخير لعذر قام بالقاضي أو بالمرتد كجنون عرض عقب الردة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : في غير ما ملكه في الردة ) [ ص: 421 ] يعني : ما حازه في الردة ( قوله : خلافا لما اقتضاه ظاهر كلامه ) انظر ما وجه اقتضاء ظاهر كلامه ذلك ( قوله : بناء على زوال ملكه ) يعني : أن الخلاف الأصح ومقابله مبني على زوال ملكه لا خصوص الأصح وقد أعاد هذا فيما يأتي في حكاية المقابل والأولى عدم إعادته




                                                                                                                            الخدمات العلمية