الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وحد المحصن ) رجلا أو امرأة ( الرجم ) إلى موته بالإجماع ; لأنه { عليه الصلاة والسلام رجم ماعزا والغامدية } ، ولا يجمع بين الجلد والرجم عند جمهور العلماء رضي الله تعالى عنهم والإحصان لغة : المنع ، وورد في الشرع لمعان : الإسلام والعقل والبلوغ ، وفسر بكل منها قوله تعالى { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة } والحرية كما في قوله تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } والتزويج كما في قوله تعالى { والمحصنات من النساء } والعفة عن الزنا كما في قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } والإصابة في النكاح كما في قوله تعالى { محصنين غير مسافحين } وهو المراد هنا ( وهو مكلف ) وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء فاستدامه ، نعم لو أولج ظانا أنه غير بالغ فبان كونه بالغا [ ص: 427 ] وجب الحد في أصح الوجهين ، ومعنى اشتراط التكليف في الإحصان بعد اشتراطه في مطلق وجوب الحد أن حذفه يوجب اشتراطه لوجوب الحد لا تسميته محصنا فبين بتكريره أنه شرط فيهما ، ويلحق بالمكلف هنا أيضا السكران ( حر ) كله ، فمن به رق غير محصن ( ولو ) هو ( ذمي ) ; لأنه { صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين و كانا قد أحصنا } فالذمة شرط لحده لما مر أن نحو الحربي لا يحد لا لإحصانه إذ لو وطئ نحو حربي في نكاح فهو محصن لصحة أنكحتهم . فإذا عقدت له ذمة وزنى

                                                                                                                            رجم ( غيب حشفته ) كلها أو قدرها من فاقدها بشرط كونها من ذكر أصلي عامل ( بقبل في نكاح صحيح ) ولو مع نحو حيض وعدة شبهة ; لأن حقه بعد أن استوفى تلك اللذة الكاملة اجتنابها ، بخلاف من لم يستوفها أو استوفاها في دبر أو ملك أو وطء شبهة أو نكاح فاسد كما قال ( لا فاسد في الأظهر ) لحرمته لذاته فلم يحصل به صفة كمال ، وكما يعتبر ذلك في إحصان الواطئ يعتبر في إحصان الموطوءة ، والثاني ينظر إلى النكاح ، نعم لو كان له زوجة ولها منه ولد وثبت زناه بالبينة وأنكر وطء زوجته صدق بيمينه ، ولا يؤثر ذلك في نسب الولد ; لأنه يثبت بالإمكان ( والأصح اشتراط التغييب حال حريته وتكليفه ) فلا إحصان لصبي أو مجنون أو قن وإن وطئ في نكاح صحيح ; لأن شرط الإصابة كونها بأكمل الجهات فاشترط من كامل أيضا ولا يرد على اعتبار التكليف حصول الإحصان مع تغييبها حالة النوم ; لأن التكليف موجود حينئذ بالقوة ، وإن لم يكن النائم مكلفا بالفعل لرجوعه إليه بأدنى تنبيه ، وقضية كلامه اشتراط ذلك حال التغييب لا الزنى ، فلو أحصن ذمي ثم حارب وأرق ثم زنى رجم ، والذي صرح به القاضي أنه لا يرجم ، قال ابن الرفعة : وعليه فيجب أن يقال : المحصن الذي يرجم من وطئ في نكاح صحيح ، وهو حر مكلف حالة الوطء والزنى ، فعلم أن من وطئ ناقصا ثم زنى كاملا لا يرجم ، بخلاف من كمل في الحالين وإن تخللهما نقص كجنون ورق ، والثاني يكتفى به في غير الحالين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهو مكلف ) أي المحصن الذي يرجم

                                                                                                                            ( قوله : وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء فاستدامه ) [ ص: 427 ] يتأمل هذا فإن الظاهر منه أنه لو زنى صبيا وبلغ في أثناء الوطء واستدامه يرجم وليس مرادا فإنه يشترط لوجوب الرجم سبق الإحصان ، ولا يتحقق إلا بإيلاج حشفته مكلفا في النكاح الصحيح كما يأتي ، وعليه فلا يتصور زناه صبيا بعد إحصانه ثم يبلغ ويستديم الوطء فلعل ما هنا تصوير لمجرد وجوب الحد أو لتحصيل الإحصان وهو الظاهر ، نعم يمكن تصويره بما لو جن بعد تزوجه ثم وطئ حال جنونه فأفاق في أثناء الوطء واستدامه ، وهذا كله بناء على أن قوله مكلف معتبر في وجوب الحد وهو غير مراد ، فإن التكليف المعتبر في وجوب الحد تقدم في قوله وشرطه : أي الحد التكليف ، فما هنا إنما هو بيان لما يحصل به الإحصان الذي يترتب عليه أنه إذا زنى بعده يرجم .

                                                                                                                            [ فرع ] نص الشافعي على أن الكافر إذا أسلم سقط عنه حد الزنى ، وهذا مبني على أن التوبة تسقط الحد والمعتمد عدم السقوط فيكون المعتمد وجوب الحد

                                                                                                                            ( قوله : صدق بيمينه ) أي فلا يكون محصنا

                                                                                                                            ( قوله : في نسب الولد ; لأنه ) أي نسب الولد

                                                                                                                            ( قوله : قال ابن الرفعة إلخ ) معتمد .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : رجلا أو امرأة ) لا يناسب قول المصنف الآتي غيب حشفته على أنه سيأتي قوله : وكما يعتبر ذلك في إحصان الواطئ يعتبر في إحصان الموطوءة ( قوله : بكل منها ) المعنى بجميعها ( قوله : وهو المراد هنا ) فيه نظر لا يخفى ( قوله : وإن طرأ تكليفه أثناء الوطء ) أي وطء زوجته وكان المناسب ذكر هذه الغاية عقب قول المصنف الآتي ، والأصح اشتراط التغييب حال حريته وتكليفه ( قوله : نعم لو أولج ظانا إلخ . ) هذا الاستدراك لا محل له هنا ، وإنما محله عند قول المصنف المار .

                                                                                                                            وشرطه التكليف لأن صورة الوجهين أن من زنى جاهلا بالبلوغ ثم بان أنه كان وقت الزنى بالغا هل يلزمه الحد أو لا .

                                                                                                                            وعبارة العباب وفيمن زنى جاهلا ببلوغه ثم بان بالغا وقته وجهان انتهت وكأن الشارح ظن أن قوله ، وإن طرأ تكليفه إلخ . الذي تبع فيه غيره معناه ، وإن طرأ التكليف في أثناء الزنى [ ص: 427 ] مع أنه غير متأت على أن الاستدراك على هذا الفهم ليس له موقع أيضا كما لا يخفى ( قوله : يوجب اشتراطه إلخ . ) عبارة التحفة يوهم اشتراطه إلخ . ( قوله : أصلي عامل ) انظره مع ما تقدم له استيجاهه وعبارة التحفة : ويتجه أن يأتي في نحو الزائد ما مر آنفا ( قوله : أو استوفاها ) يعني : مطلق اللذة




                                                                                                                            الخدمات العلمية