الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتقطع يمينه ) أي السارق الذي له أربع إذ هو الذي يتأتى فيه الترتيب الآتي بالإجماع وإن كانت شلاء حيث أمن نزف الدم ولأن البطش بها أقوى فكانت البداءة بها أردع ، وإنما لم يقطع ذكر الزاني ; لأنه ليس له مثله وبه يفوت النسل المطلوب بقاؤه ، وقاطعها في غير القن هو أو نائبه ، فلو فوضه للسارق لم يقع الموقع ( فإن سرق ثانيا بعد قطعها ) واندمال القطع الأول وفارق توالى القطع في الحرابة ; لأنهما ثم حد واحد ( فرجله اليسرى ) هي التي تقطع ( و ) إن سرق ( ثالثا ) قطعت ( يده اليسرى و ) إن سرق ( رابعا ) قطعت ( رجله اليمنى ) لخبر الشافعي بذلك وله شواهد ، وصح ما ذكر في الثالثة عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من غير مخالف ، وحكمة قطع اليد والرجل أنهما آلة السرقة بالأخذ والنقل وقطع ما ذكر في الثالثة والرابعة أن السرقة مرتين تعدل الحرابة شرعا وهما يقطعان في مرة منها كما يأتي ، أما قبل قطعها فسيأتي ومحله في العضو الأصلي ، فلو كان له يدان مثلا وعلمت الأصلية قطعت دون الزائدة ، وإلا اكتفى بقطع إحداهما ولا يقطعان بسرقة واحدة ، فإن لم تكن له إلا [ ص: 467 ] زائدة قطعت وإن فقدت أصابعها ، وتعرف الزائدة بنحو نقص أصبع وضعف بطش وفحش قصر ( وبعد ذلك ) أي قطع الأربع إذا سرق أو سرق أولا ، ولا أربع له ( يعزر ) لعدم ورود شيء فيه وخبر قتله منكر وبتقدير صحته يكون منسوخا أو محمولا على قتله بزنى أو استحلال ، أما إذا لم يكن له إلا بعض الأربع فيقطع في الأولى ما يقطع في الثانية بل الرابعة بأن لم يكن له إلا رجل يمنى ; لأنه لما لم يوجد ما قبلها تعلق الحق بها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : حيث أمن نزف الدم ) أي فإن لم يؤمن نزف الدم قطعت رجله اليسرى ، بخلاف ما سيأتي آخر الباب أنه لو شلت بعد السرقة ولم يؤمن نزف الدم فإن القطع يسقط ; لأنه بالسرقة تعلق بعينها ، فإذا تعذر قطعها سقط بخلافه هنا ، فإن الشلل موجود ابتداء ، فإذا تعذر قطعها لم يتعلق القطع بها بل بما بعدها م ر ا هـ سم على حج ( قوله : وقاطعها في غير القن ) أي من حر ومبعض ومكاتب ، أما القن فقاطعها السيد والإمام ( قوله : فلو فوضه ) أي الإمام أو نائبه

                                                                                                                            ( قوله : للسارق ) وخرج بالسارق ما لو فوضه للمسروق منه فيقع الموقع وإن امتنع التفويض له مخافة أن يردد عليه الآلة فيؤدي إلى إهلاكه ، وخرج بفوض إليه ما لو فعله بلا إذن من الإمام أو نائبه فلا يقع حدا ، وإن امتنع القطع لفوات المحل ( قوله : لم يقع الموقع ) في الروض في باب استيفاء القصاص قبيل الطرف الثاني ما نصه : ولو أذن الإمام للسارق : أي في قطع يده فقطع يده جاز ويجزي ا هـ قال في شرحه وما ذكره كأصله من الجواز ناقضه في أول الباب الثاني من أبواب الوكالة ا هـ سم على حج : أي فما في الوكالة هو المعتمد .

                                                                                                                            وكتب أيضا حفظه الله : قوله لم يقع الموقع : أي ويكون كالسقوط بآفة وسيأتي ما فيه ومنه سقوط القطع ، وعليه فيشكل الفرق بين القول بوقوع الموقع وعدمه ; لأن كلا منهما يسقط القطع ، إلا أن يقال : إذا قلنا بوقوع الموقع كان قطعها حدا جابرا للسرقة من حيث حق الله تعالى ، وحيث قلنا لا يقع الموقع لم يكن سقوطها حدا لكنه تعذر الحد لفوات محله فلا يكون سقوطها جابرا للسرقة ، وإن اشتركت الصورتان في عدم لزوم شيء للسارق بعد

                                                                                                                            ( قوله : واندمال القطع الأول ) أي فلو والى بينهما فمات المقطوع بسبب ذلك فلا ضمان أخذا مما تقدم في الحدود [ ص: 467 ]

                                                                                                                            ( قوله : وبعد ذلك يعزر ) في العباب يعزر ويحبس حتى يموت ، وظاهر المتن أنه لا يحبس .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : واندمال القطع ) كان ينبغي التعبير بغير هذا لأنه يوهم أنه لا تقطع رجله اليسرى إلا إن سرق بعد قطع اليمنى واندمالها ، بخلاف ما لو سرق بعد القطع وقبل الاندمال ( قوله : وقطع ما ذكر بالثالثة ) لعله بالثانية فليتأمل ( قوله : بسرقة واحدة ) أفهم أن [ ص: 467 ] الثانية تقطع بسرقة ثانية وقد شمله ما بعده وصرح به الزيادي ( قوله : منكر ) عبارة شرح الروض .

                                                                                                                            وقال ابن عبد البر : منكر لا أصل له انتهت .

                                                                                                                            وهي قد تفيد أنه ليس المراد بالمنكر المصطلح عليه عند أئمة الحديث وهو الذي انفرد به غير الثقة ، بل المراد أنه موضوع لكن قول الشارح بعد وبتقدير صحته ولم يقل وبتقدير ثبوته قد يفيد أن المراد المنكر بالمعنى المصطلح عليه




                                                                                                                            الخدمات العلمية