الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن ) ( قتل ) قتلا يوجب القود ( وأخذ مالا ) يقطع به في السرقة كما دل عليه كلامهما ، وإن نازع فيه البلقيني ( قتل ) بلا قطع ( ثم ) غسل وكفن وصلي عليه ، ثم ( صلب ) مكفنا معترضا على نحو خشبة ، ولا يقدم الصلب على القتل لكونه زيادة تعذيب ( ثلاثا ) من الأيام بلياليها وجوبا ، ولا تجوز الزيادة عليها ليشتهر الحال ويتم النكال ، وحذف التاء لحذف المعدود سائغ ( ثم ينزل ) إن لم يخف تغيره قبلها وإلا أنزل حينئذ .

                                                                                                                            قال الأذرعي : وكأن المراد بالتغير هنا الانفجار ونحوه ، وإلا فمتى حبست جيفة الميت ثلاثا حصل النتن والتغير غالبا ( وقيل يبقى ) وجوبا ( حتى ) يتهرى و ( يسيل صديده ) تغليظا عليه .

                                                                                                                            ومحل قتله وصلبه محل محاربته إلا أن لا يكون محل مرور [ ص: 7 ] الناس فأقرب محل إليه ، وظاهر أن هذا مندوب لا واجب ( وفي قول يصلب ) حيا ( قليلا ، ثم ينزل فيقتل ) ; لأن الصلب عقوبة فيفعل به حيا ، واعترض قوله قليلا بأنه زيادة لم تحك عن هذا القول ، فإن أريد به ثلاثة أيام كان أحد أوجه ثلاثة مفرعة على هذا القول لا أنه من جملته .

                                                                                                                            ويجاب بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ، فإذا حفظا أن قليلا من جملة هذا القول قدما ، ثم الذي يتجه أن المراد به أدنى زمن ينزجر به عرفا غيره ، وأفهم ترتيبه الصلب على القتل أنه يسقط بموته حتف أنفه وبقتله بغير هذه الجهة كقود في غير المحاربة إذ التابع يسقط بسقوط متبوعه ، وبما تقرر فسر ابن عباس رضي الله عنهما الآية ، فإنه جعل أو فيها للتنويع لا للتخيير حيث قال : المعنى أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوه فقط ، أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوه ، وهذا منه إما توقيف وهو الأقرب أو لغة وكل منهما من مثله حجة ; لأنه ترجمان القرآن ، ولأن الله تعالى بدأ فيه بالأغلظ فكان مرتبا ككفارة الظهار ، ولو أريد به التخيير لبدأ بالأخف ككفارة اليمين

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله وأخذ مالا ) قال في العباب عن الماوردي : ولو دون نصاب وغير محرز ا هـ .

                                                                                                                            وهو خلاف قول الشارح يقطع به إلخ ، فلعل ما في العباب تبع فيه منازعة البلقيني ( قوله : والانفجار ونحوه ) كسقوط بعض الأعضاء [ ص: 7 ] قوله : ثم الذي يتجه ) أي على هذا القول ( قوله : وكل منهما من مثله ) أي ابن عباس ( قوله : بدأ فيه بالأغلظ ) قد يشكل بأن الصلب مع القتل أغلظ من القتل وحده فلا يتم ما ذكر بالنسبة للأولين ، إلا أن يقال : إنه وإن كان المراد الصلب مع القتل ، لكن القتل مع الصلب لم يذكر في الآية فالمندوبة فيها هو الأغلظ نظرا لما فهم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 7 ] ( قوله : أو لغة ) قال ابن قاسم : لا يخفى أن كون أو ترد للتنويع مما لا شبهة فيه ولا يحتاج فيه إلى كونه من مثل ابن عباس حجة ، وإنما الكلام في إرادته في الآية ، ولا طريق لذلك إلا التوقيف ا هـ .

                                                                                                                            والظاهر أن مراد الشارح كابن حجر أن هذا المراد فهمه ابن عباس من الآية باعتبار اللغة لأنه يفهم من أسرارها ما لا يفهمه غيره




                                                                                                                            الخدمات العلمية