الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجب أن يطمئن ) لخبر المسيء صلاته : أي بجميع الأعضاء التي يجب وضعها فيه قياسا على الجبهة ، ولا بد أن يضعها حالة وضع الجبهة حتى لو وضعها ثم رفعها ثم وضع الجبهة [ ص: 513 ] أو عكس لم يكف لأنها أعضاء تابعة للجبهة ، أما خبر أبي داود وغيره { إن اليدين تسجدان كما تسجد الجبهة ، فإذا سجدتم فضعوهما وإذا رفعتم فارفعوهما } فبيان للأفضل ( وينال مسجده ) بفتح الجيم وكسرها محل سجوده ( ثقل رأسه ) للخبر المار وثقل فاعل ، ومعنى الثقل أن يكون يتحامل بحيث لو فرض أنه سجد على قطن أو نحوه لاندك لما مر من الأمر بتمكين الجبهة ولا يكتفي بإرخاء رأسه خلافا للإمام ، قال الأذرعي : لو كان لو أعين لأمكنه وضع الجبهة على الأرض ونحوها ، هل يجيء ما سبق في إعانته على القيام ؟ لم أر له ذكرا والظاهر مجيئه انتهى .

                                                                                                                            ومحل وجوب التحامل في الجبهة فقط فلا يجب بغيرها من بقية الأعضاء كما اقتضاه كلام الروضة وأصلها واعتمده الزركشي وغيره وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للشيخ في شرح منهجه تبعا لابن العماد ( وأن لا يهوي لغيره ) أي السجود بأن يهوي بقصده أو لا بقصد شيء ( فلو سقط لوجهه ) أي عليه من اعتداله ( وجب العود إلى الاعتدال ) ليهوي منه لانتفاء الهوي في السقوط ، فإن سقط من هويه لم يكلف العود بل يحسب له ذلك سجودا [ ص: 514 ] نعم إن سقط على جبهته وقصد الاعتماد عليها أو لجنبه فانقلب بنية الاستقامة فقط لم يجزه السجود فيهما فيعيده بعد الجلوس في الثانية ولا يقوم ، فإن قام عالما عامدا بطلت صلاته ، فإن انقلب بنية السجود أو لا بنية شيء أو بنيته ونية الاستقامة أجزأه على الصحيح حتى في الأخيرة خلافا لابن العماد ، وإن نوى صرفه عن السجود بطلت صلاته أيضا لزيادته فضلا فيها عامدا من غير عذر ، وإنما لم تنعقد صلاة من قصد بتكبيرة الإحرام الافتتاح والهوي لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ولكون الأصل عدم دخوله فيها ثم ، والأصل بقاؤه فيها هنا فلا يخرجه عنها عدم قصده ركنها ولا تشريكه مع غيره .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : حالة وضع الجبهة ) أي بأن تصير السبعة مجتمعة في الوضع في زمان واحد ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ثم لو رفع بعضها بعد صيرورتها كذلك قبل رفع البعض الآخر لا يضر .

                                                                                                                            وفي فتاوى الرملي الكبير ما نصه : سئل رحمه الله عن مصل حصل أصل السجود ثم طوله تطويلا كثيرا مع رفع بعض أعضاء السجود كيد أو رجل متعمدا هل تبطل به الصلاة لكونه تعمد [ ص: 513 ] فعل شيء من جنس الصلاة غير محسوب ؟ فأجاب بأنه طوله عامدا عالما بتحريمه بطلت صلاته وإلا فلا تبطل ا هـ .

                                                                                                                            وفيه وقفة ، والأقرب عدم البطلان لأن هذا استصحاب لما طلب فعله ( قوله فإذا سجدتم فضعوهما ) لا يظهر إيراد هذا الحديث معارضا لما قدمه من اعتبار وضعهما حالة وضع الجبهة ، بل الظاهر إيراده في استحباب رفع اليدين عن الأرض حالة جلوسه بين السجدتين .

                                                                                                                            وقد يقال : أشار به إلى أن الأفضل المبادرة بوضع بقية الأعضاء عند وضع الجبهة ، فلو تراخى وضع بعض الأعضاء عن بعض اكتفى به حيث اجتمعت في وقت واحد واطمأن بها مجتمعة ( قوله للخبر المار ) أي قوله إذا سجدت فمكن ، وقوله فاعل : أي قوله ثقل فاعل ، وفي نسخة وثقل فاعل ( قوله : على قطن أو نحوه لاندك ) والمراد من هذه العبارة أن يندك من القطن ما يلي جبهته عرفا ، وإلا فمعلوم أنه لو كان بين يديه مثلا عدل من القطن لا يمكن انكباس جميعه بمجرد وضع الرأس وإن تحامل عليه فتنبه له ( قوله : هل يجيء ما سبق ) أي من الوجوب ( قوله : والظاهر مجيئه ) هذا هو المعتمد ، وفي مجيئه ما مر في الركوع من أن مقتضاه وجوب الاستعانة ابتداء ودواما حيث أمكن وأنه يفرق بينه وبين القيام على ما فيه ( قوله : في شرح منهجه ) أي حيث قال بوجوب التحامل في الجميع ( قوله : أو لا بقصد شيء ) أي أو بقصدهما معا ، ثم رأيت في نسخة بعد قوله بقصده ولو مع غيره ( قوله : فلو سقط لوجهه ) أي مثلا ( قوله : من اعتداله ) قضيته أنه لو أراد الهوي وهو في الاعتدال فسقط وجب عليه العود للاعتدال ، ولكن قال ع : قول الشارح ولو هوى ليسجد إلخ مثل ذلك ما لو قصد الهوي ، ثم عرض له السقوط قبل فعل الهوي .

                                                                                                                            كذا رأيته في ابن شهبة وفيه نظر ا هـ .

                                                                                                                            وظاهر كلام الشارح موافق للنظر لأن قوله من اعتداله صادق بما لو تقدم على السقوط إرادة السجود ، وهو واضح لأن الهوي لم يحصل بفعله ( قوله : لانتفاء الهوي ) أشار به إلى دفع ما قد يقال إنه إذا سقط من الاعتدال صدق عليه أنه لم يقصد بفعله غير السجود ، وعليه فمقتضى ما قدمه الصحة لا عدمها .

                                                                                                                            وحاصل الدفع أن علة البطلان انتفاء الفعل منه وهو لا بد منه مع عدم قصد الغير ، وعبارة حج جوابا عن هذا الإيراد .

                                                                                                                            قلت : يوجه بأن الهوي للغير المفهوم من المتن أنه لا يعتد

                                                                                                                            [ ص: 514 ] به صادق بمسألة السقوط لأنه يصدق عليها أنه وقع هويه للغير وهو الإلجاء ( قوله : أو لجنبه ) انظر قولهم لو سقط لجنبه هل الجنب مثال ؟ الظاهر أنه مثال ، فلو سقط على ظهره وقفاه جرى فيه التفاصيل المذكورة في مسألة السقوط على الجنب ، ويغتفر عدم الاستقبال في هذه الأحوال للضرورة مع قصر الزمن فليراجع وليحرر ا هـ سم على منهج ( قوله لم يجزه السجود فيهما ) علله في شرح الروض بقوله لوجود الصارف ( قوله : بعد الجلوس في الثانية ) قال حج : وبعد أدنى رفع في الأولى ( قوله : وإن نوى صرفه ) أي الانقلاب ( قوله : لزيادته فعلا ) نقل سم على منهج هذا التعليل عن شرح الروض مع تعليل أن نيته الاستقامة فقط لا يجزيه معها السجود وهو قوله لوجود الصارف ثم قال : وقد تستشكل إحداهما بالأخرى ، لأنه إذا كان في نية الاستقامة صرف عن السجود فقد زاد فعلا لا يزاد مثله في الصلاة فقط ، ويجاب بأنه محتاج للاستقامة فيعذر في قصدها وبأنه وسيلة إلى السجود فاغتفر قصدها ، بخلاف قصد الصرف عن السجود فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                            وقد يشير إلى الجواب الأول قول الشارح من غير عذر إلخ ( قوله : وإنما لم تنعقد صلاة من قصد بتكبيرة الإحرام الافتتاح إلخ ) أي ولم يضر هنا تشريكه بين الاستقامة والسجود .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فبيان للأفضل ) سقط قبله كلام من النسخ ، فإنه جواب عن حكم جزم به ابن العماد في التعقبات التي ما مر في الشرح عبارتها ، وإلا أنه أسقط منها الذي هذا مرتب عليه ، ولفظه بعد ما مر في الشرح : وإذا رفع الجبهة من السجدة الأولى وجب عليه رفع الكفين أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم { وإن اليدين تسجدان } الحديث الذي أجاب عنه الشارح بأنه بيان [ ص: 514 ] للأفضل ( قوله : بنية الاستقامة فقط ) أي ولم يقصد صرفه عن السجود وإلا بطلت كما نبه عليه الشهاب حج ( قوله : بعد الجلوس في الثانية ) أي وبعد أدنى رفع في الأولى




                                                                                                                            الخدمات العلمية