الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وأكمله ) أي السجود ( يكبر ) المصلي ( لهويه ) لثبوته في الصحيحين ( بلا رفع ) ليديه لورود عدمه عنه صلى الله عليه وسلم فيه كما رواه البخاري ( ويضع ركبتيه ) وقدميه ( ثم يديه ) أي كفيه للاتباع رواه أبو داود ( ثم ) يضع ( جبهته وأنفه ) مكشوفا للاتباع أيضا أبو داود ، ويكره مخالفة الترتيب المذكور وعدم وضع الأنف ويضع الجبهة والأنف معا كما في أصل الروضة والمحرر والمجموع عن البندنيجي وغيره ، لكن في موضع آخر منه عن الشيخ أبي حامد أنهما كعضو واحد يقدم أيهما شاء ، وإنما لم يجب وضع الأنف كالجبهة مع أن خبر { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } ظاهره الوجوب للأخبار الصحيحة المقتصرة على الجبهة .

                                                                                                                            قالوا : وتحمل أخبار الأنف على الندب . قال في المجموع وفيه ضعف لأن روايات الأنف زيادة ثقة ولا منافاة بينهما انتهى .

                                                                                                                            ويجاب عنه بمنع عدم المنافاة إذا لو وجب وضعه لكانت الأعظم ثمانية فينافي تفصيل العدد مجمله وهو قوله سبعة أعظم ( ويقول ) بعد ذلك الإمام وغيره : ( سبحان ربى الأعلى ثلاثا ) للاتباع ( ولا يزيد الإمام ) على ذلك تخفيفا على المقتدين ( ويزيد المنفرد ) وإمام من مر { اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين } للاتباع رواه مسلم ، زاد في الروضة قبل تبارك : بحوله وقوته ، قال فيها : ويستحب فيه سبوح [ ص: 516 ] قدوس رب الملائكة والروح .

                                                                                                                            قال في المجموع : وكذا { اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره وعلانيته وسره ، اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك } .

                                                                                                                            ويأتي المأموم بما يمكنه من غير تخلف ، وخص الوجه بالذكر لأنه أكرم جوارح الإنسان وفيه بهاؤه وتعظيمه ، فإذا خضع وجهه لشيء خضع له سائر جوارحه ، ولو قال سجدت لله في طاعة الله لم تبطل صلاته ، ويكثر كل من المنفرد وإمام من مر الدعاء فيه لخبر مسلم { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه الدعاء } وهو محمول على ما ذكر ،

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وقدميه ) أي أطرافهما ( قوله : ظاهره الوجوب ) أي لأنه صلى الله عليه وسلم حين ذكر الحديث أشار عند ذكر الجبهة إلى أنفه ، وعبارة شرح البهجة الكبير بعد قول المتن ووضعه القدم إلخ نصها لخبر الصحيحين { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة ، وأشار بيده إلى أنفه } ا هـ وفي شرح الروض مثله فاستفادة وجوب وضع الأنف بواسطة إشارته صلى الله عليه وسلم إليه لا من اللفظ المجرد ( قوله : سبحان ربي الأعلى ) زاد حج وبحمده ( قوله : ويستحب فيه سبوح ) أي أنت منزه عن سائر النقائص [ ص: 516 ] أبلغ تنزيه ومتطهر منها أبلغ تطهير ، ولعله يأتي به قبل الدعاء لأنه أنسب بالتسبيح بل هو منه ( قوله : رب الملائكة والروح ) والمراد به : أي الروح جبريل ، وقيل ملك له ألف رأس لكل رأس مائة ألف وجه في كل وجه مائة ألف فم في كل فم مائة ألف لسان تسبح الله تعالى بلغات مختلفة .

                                                                                                                            وقيل خلق من الملائكة يرون الملائكة ولا تراهم ، فهم للملائكة كالملائكة لبني آدم ا هـ دميري ( قوله : وكذا اللهم اغفر لي ) ويقول بعد قوله أحسن الخالقين ( قوله أوله وآخره ) كالتأكيد لما قبله وإلا فقوله كله يشمل جميع الأجزاء ( قوله : وأعوذ بك منك ) معناه أستعين بك على رفع غضبك ( قوله كما أثنيت على نفسك ) تقدم عن حج في أذكار الركوع أنه يزيد فيه كالسجود : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ،

                                                                                                                            وينبغي أن محله قبل قوله اللهم لك سجدت ( قوله : من غير تخلف ) أي بقدر ركن فيما يظهر ( قوله : وتعظيمه ) تفسيري ( قوله : ولو قال سجدت لله إلخ ) ظاهره وإن لم يقصد به الدعاء ، وينبغي أن محل ذلك إذا قصد به الدعاء فليراجع .

                                                                                                                            ونقل عن شيخنا الزيادي بالدرس أن مثل ذلك سجد الفاني للباقي .

                                                                                                                            أقول : وقد يتوقف فيه بأن هذا اللفظ إخبار محض ، وليس الفاني مخصوصا بالوجه حتى يكون لفظه مساويا للوارد وهو سجد وجهي للذي خلقه إلخ كما قيل ( قوله : وهو ساجد ) عبارة حج : إذا كان ساجدا فلعلهما روايتان ( قوله وهو محمول على ما ذكر ) أي من المنفرد وإمام من مر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 515 ] ( قوله : مع أن خبر { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم } ظاهره الوجوب ) أي في بعض رواياته المذكور فيها الأنف بدليل [ ص: 516 ] ما بعده




                                                                                                                            الخدمات العلمية