الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولا تستحب التسمية أول التشهد في الأصح ، والحديث فيه ضعيف ، والتحيات جمع تحية : ما يحيى به من سلام وغيره ، والقصد بذلك الثناء على الله تعالى بأنه مالك لجميع التحيات من خلقه ، وجمعت لأن كل ملك كان له تحية معروفة يحيى بها ، ومعنى المباركات الناميات ، والصلوات : الصلوات الخمس ، وقيل غير ذلك ، والسلام قيل معناه اسم السلام : [ ص: 527 ] أي اسم الله عليك ، وقيل غير ذلك ، وعلينا : أي الحاضرين من إمام ومقتد وملائكة وغيرهم ، والعباد جمع عبد والصالحين جمع صالح وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده ، والرسول مبلغ خبر مرسله . ولا يشترط ترتيب التشهد كما اقتضاه كلام المصنف حيث لم يغير معناه ، فإن غير لم يصح وتبطل صلاته إن تعمد .

                                                                                                                            أما موالاته فشرط كما في التتمة وقال ابن الرفعة : إنه قياس ما مر في قراءة الفاتحة وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ( وقيل يحذف وبركاته ) للغنى عنه برحمة الله ( وقيل ) يحذف ( الصالحين ) للاستغناء عنه بإضافة العباد إلى الله تعالى لانصرافه للصالحين ، وما اعترض به البلقيني على المصنف من أن ما صححه هنا في أقل التشهد من لفظة وبركاته يخالف قوله من أنه لو تشهد بتشهد ابن مسعود أو غيره جاز ، إذ ليس في تشهد عمر وبركاته رد بأن المراد به أنه لو تشهد بتشهد عمر بكماله أجزأه ، فأما كونه يحذف بعض تشهد عمر اعتمادا على أنه ليس في تشهد غيره ويحذف وبركاته لأنها ليست في تشهد عمر فقد لا يكفي لأنه لم يأت بالتشهد على حالة من الكيفيات المروية ( و ) قيل ( يقول وأن محمدا رسوله ) بدل وأشهد إلخ ، لأنه يؤدي معناه ، وأشار المصنف لرد ما قاله الرافعي من أن القول بإسقاط أشهد الثانية ضعيف لكونها ثابتة في صحيح مسلم بقوله ( قلت : الأصح ) يقول ( وأن محمدا رسول الله وثبت في صحيح مسلم والله أعلم ) وقول الشارح لكن بلفظ وأن محمدا عبده ورسوله فالمراد إسقاط أشهد أشار به إلى رد اعتراض الإسنوي من أن الثابت في ذلك ثلاث كيفيات : إحداها وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، رواه الشيخان من حديث ابن مسعود الثانية [ ص: 528 ] وأشهد أن محمدا رسول الله ، رواه مسلم .

                                                                                                                            الثالثة وأن محمدا عبده ورسوله بإسقاط أشهد أيضا كما رواه مسلم من رواية أبي موسى ، فليس ما قاله واحدا من الثلاثة لأن الإسقاط إنما ورد مع زيادة العبد انتهى .

                                                                                                                            وأفاد الأذرعي أن الصواب إجزاء وأن محمدا رسوله لثبوته في تشهد ابن مسعود بلفظ عبده ورسوله ، وقد حكوا الإجماع على جواز التشهد بالروايات كلها ، ولا أعلم أحدا اشترط لفظة عبده انتهى .

                                                                                                                            وهذا هو المعتمد كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى لما ذكر ، واستفيد من كلام المصنف أن الأفضل تعريف السلام وأنه لا يجوز إبدال لفظ من هذا الأقل ولو بمرادفه كالنبي بالرسول وعكسه ومحمد بأحمد أو غيره ، ويفرق بينهما وبين ما يأتي في محمد في الصلاة عليه بأن ألفاظها الواردة كثر فيها اختلاف الروايات ، فدل على عدم التقييد بلفظ محمد فيها ، بخلاف لفظ الصلاة لما فيها من الخصوصية التي لا توجد في مرادفها ، ومن ثم اختص بها الأنبياء صلى الله وسلم عليهم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا تستحب التسمية أول التشهد ) عبارة حج : ولا يسن أوله بسم الله وبالله قبل والخبر فيه ضعيف ا هـ ( قوله : بأنه مالك لجميع التحيات من خلقه ) أي مما فيه تعظيم شرعا ليخرج بذلك ما لو اعتادوا نوعا منهيا عنه في الشرع ككشف العورة والطواف بالبيت عريانا ( قوله : الصلوات الخمس ) أي هي الصلوات إلخ ( قوله : وقيل غير ذلك ) منه كل صلاة ، وقيل الرحمة ، وقيل الدعاء ، وقيل المراد بها الأعمال الصالحة للثناء على الله

                                                                                                                            [ ص: 527 ] تعالى ا هـ عميرة ( قوله أي اسم الله عليك ) أي من حيث البركة والرحمة فكأنه قيل : بركة هذا الاسم محيطة بك ( قوله : وحقوق عباده إلخ ) أي فمن ترك صلاة واحدة فقد ظلم النبي صلى الله عليه وسلم وجميع عباد الله الصالحين بمنع ما وجب لهم من السلام عليهم ، وببعض الهوامش : أن هذا معنى خاص له ، ومعناه العام المسلم وهو المراد هنا ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال بل الظاهر ما في الأصل لأنه إذا أريد عموم المسلمين يقتضي طلب الدعاء للعصاة وهو غير لائق في مقام طلب الدعاء ( قوله : والرسول مبلغ خبر مرسله ) قضيته بعد الأمر وقبل التبليغ ليس رسولا ، وتعريفهم الرسول بأنه إنسان أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه يقتضي خلافه ، إلا أن يؤول قوله مبلغ بأن المراد من شأنه التبليغ أو بأن ذاك تفسير للرسول بالمعنى اللغوي أو نحوه ( قوله : الثابت في ذلك ) أي في تشهده صلى الله عليه وسلم ( قوله : ثلاث كيفيات ) أي في تشهده صلى الله عليه وسلم ، وانظر ما كان يقول صلى الله عليه وسلم في التشهد إذا صلى [ ص: 528 ] على نفسه .

                                                                                                                            ثم رأيت في تخريج العزيز للحافظ العسقلاني ما نصه : قوله يعني العزيز { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في تشهده : أشهد أنى رسول الله } : كذا قال ، ولا أصل لذلك بل ألفاظ التشهد متواترة عنه أنه كان يقول : { أشهد أن محمدا رسول الله أو عبده ورسوله } ا هـ .

                                                                                                                            وعبارة حج في الأذان نصها : ونقل عنه في تشهد الصلاة أنه كان يأتي بأحدهما تارة وبالآخر أخرى على ما يأتي ثم ا هـ .

                                                                                                                            وعبارته هنا : ووقع في الرافعي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في تشهده : { وأشهد أنى رسول الله } ، وردوه بأن الأصح خلافه ا هـ .

                                                                                                                            ومنه يعلم أنه صحح خلاف ما نقل في الأذان ، بل أشار إلى التوقف فيما نقله في الأذان بقوله على ما يأتي ثم ( قوله : فليس ما قاله ) أي المصنف ( قوله : وهذا ) أي ما أفاده الأذرعي من أن الصواب إجزاء وأن محمدا رسوله .

                                                                                                                            ويستفاد من هذا مع قول المتن قلت : الأصح وأن محمدا رسول الله إلخ ومع ما نقله من رواية مسلم عن أبي موسى من إجزاء وأن محمدا عبده ورسوله أن الصيغ المجزئة بدون أشهد ثلاث ، ويستفاد إجزاؤها مع أشهد بالطريق الأولى فتصير الصور المجزئة ستا .

                                                                                                                            وعبارة شيخنا الزيادي : والحاصل أنه يكفي وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أن محمدا رسوله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن محمدا رسوله على ما في أصل الروضة ، وذكر الواو بين الشهادتين لا بد منه ( قوله : واستفيد من كلام المصنف ) أي حيث جعل سلام من الأقل ( قوله : أن الأفضل تعريف السلام ) تقدم له التصريح به قريبا وذكره هنا لبيان أنه يفهم من كلام المصنف ( قوله : ويفرق بينهما ) أي بين التشهد وسلام التحلل ( قوله : فدل على عدم التقييد بلفظ محمد ) أي بل يتجاوزه إلى غيره مما سيأتي من قوله على رسوله أو على النبي لا مطلقا خلافا لما قد توهمه هذه العبارة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : والحديث فيه ضعيف ) لا يخفى أن ضعفه لا يمنع العمل به في فضائل الأعمال كما هو مقرر فلعله شديد الضعف ( قوله : الصلوات الخمس ) هذا التفسير ظاهر على رواية ابن مسعود التي فيها العطف . أما على رواية ابن عباس ، فلا إلا أن يكون [ ص: 527 ] على حذف العاطف ، إذ لا يصح أن يكون وصفا للتحيات لكونه أخص ، ولا بدل بعض ; لأنه على نية طرح المبدل منه ( قوله : كما اقتضاه كلام المصنف ) لعله في غير هذا الكتاب أو فيه حيث لم يشترطه فيه مع اشتراطه له في الفاتحة كما مر ( قوله : وقيل يحذف الصالحين ) الموجود في نسخ الشارح إثبات واو الصالحين بالحمرة بعد قوله ، وقيل يحذف ، وهو يفيد أن صاحب هذا القيل يقول بحذف وبركاته أيضا ، وهو خلاف ما يفيده حل الجلال المحلي والشهاب حج حيث أدخلا واو المتن على قولهما قيل ( قوله : رد بأن المراد به ) لا يخفى ما في هذا الرد لمن تأمل كلامهم في هذا المقام ، فإن أحدا لم يذهب إلى وجوب التزام رواية بخصوصها وكلامهم كالصريح في أنه يجوز بعض إسقاط ما ورد إسقاطه في الروايات مطلقا ، ثم قضيته أنه إذا تشهد بالتشهد الذي ورد فيه إسقاط وبركاته يكفيه ، وهو خلاف المذهب كما علم من كلام المصنف ، على أن الذي في الروضة كالصريح في أن تشهد عمر فيه وبركاته فليراجع ( قول المصنف ، ويقول وأن محمدا رسوله ) سيأتي للشارح اعتماده قريبا تبعا للأذرعي ( قوله : وقول الشارح إلخ ) يعلم منه أن الشارح جعل استدراك المصنف راجعا لما مر في أقل التشهد تبعا للشارح الجلال ، بخلاف الشهاب حج ، فإنه جعله راجعا إلى القيل قبله




                                                                                                                            الخدمات العلمية