الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) نذر ( يوما بعينه ) أي صومه ( لم يصم قبله ) فإن فعل أثم ولم يصح كتقديم الصلاة على وقتها ، ويحرم تأخيره عنه من غير عذر ، فإن فعل صح وكان قضاء ، ولو نذر صوم يوم خميس ولم يعين كفاه أي خميس كان ، وإذا مضى خميس : أي يمكنه صومه أخذا مما مر في الصوم استقر في ذمته حتى لو مات فدي عنه ( أو ) نذر ( يوما من أسبوع ) بمعنى جمعة ( ثم نسيه ) ( صام آخره وهو الجمعة فإن لم يكن ) .

                                                                                                                            المنذور ( هو ) أي يوم الجمعة ( وقع قضاء ) وإن كان فقد وفى بما التزمه وهذا صحيح في صحة انعقاد نذر صوم الجمعة ، ولا ينافيه قولهم لا ينعقد النذر في مكروه مع كراهة إفراد الجمعة بصوم لأن محل ذلك إذا صامه نفلا فإن نذره لم يكن مكروها ، وقد أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى ، ويوجه أيضا بأن المكروه إفراده بالصوم لا نفس صومه ، وبه فارق عدم صحة نذر صوم الدهر إذا كره ، وعلم من صريح كلامه أيضا أن أول الأسبوع السبت وهو كذلك ( ومن ) نذر إتمام كل نافلة دخل فيها لزمه الوفاء بذلك لأنه قربة ومن ثم لو ( شرع في صوم نفل ) بأن نوى ولو قبل الزوال ( فنذر إتمامه لزمه على الصحيح ) لأن صومه صحيح فيصح التزامه بالنذر ويلزمه الإتمام والثاني المنع لأنه نذر صوم بعض يوم ( وإن نذر بعض يوم لم ينعقد ) نذره لانتفاء كونه قربة ( وقيل يلزمه يوم ) لأن صوم بعض يوم لا يمكن شرعا فلزمه يوم كامل ويجري ذلك في نذر بعض ركعة ( أو ) نذر ( يوم قدوم زيد ) أي صومه ، فالأظهر انعقاده لإمكان الوفاء به بأن يعلم أنه يقدم غدا فينوي صومه ليلا والثاني المنع لأنه لا يمكنه الصوم بعد القدوم لأن التبييت شرط في صوم الفرض وإن لم يكن الوفاء بالملتزم يلغو الالتزام ( فإن قدم ليلا أو يوم عيد ) أو تشريق ( أو في رمضان ) أو حيض أو نفاس ( فلا شيء عليه ) لأنه قيد باليوم ولم يوجد القدوم في زمن قابل للصوم ، نعم يندب في الأولى صوم صبيحة ذلك الليل خروجا من خلاف من أوجبه .

                                                                                                                            قال الرافعي : أو يوم آخر شكرا لله ( أو ) قدم ( نهارا ) قابلا للصوم ( وهو مفطر أو صائم قضاء أو نذرا وجب يوم آخر عن هذا ) أي نذره لقدومه كما لو نذر صوم يوم معين ففاته ، واستحب الشافعي رضي الله عنه أن يعيد صوم الواجب الذي هو فيه لأنه بان أنه صام يوما مستحق الصوم لكونه يوم قدوم زيد وخرج بقضاء وما بعده ما لو صامه عن القدوم بأن ظن قدومه فيه : أي بإحدى الطرق السابقة فيما لو تحدث برؤية رمضان ليلا فنوى كما هو ظاهر فبيت النية ليلته فيصح ولا شيء عليه لأنه بناه على أصل صحيح ( أو ) قدم ولو قبل الزوال ( وهو صائم نفلا فكذلك ) يلزمه صوم آخر عن نذره لأنه لم يأت بالواجب عليه بالنذر ( وقيل يجب تتميمه ) بقصد كونه عن النذر ( ويكفيه ) عن نذره بناء على أنه لا يجب عليه إلا من وقت القدوم ، والأصح أنه بقدومه يتبين وجوبه من أول النهار لتعذر [ ص: 228 ] تبعيضه ، وبه يفرق بين هذا وما لو نذر اعتكاف يوم قدومه ، فإن الصواب كما في المجموع ونقله عن النص واتفاق الأصحاب أنه لا يلزمه إلا من حين القدوم ، ولا يلزمه قضاء ما مضى منه لإمكان تبعيضه فلم يجب غير بقية يوم قدومه ( ولو ) قال إن قدم زيد فلله علي صوم اليوم التالي ليوم قدومه ) من تلوته وتليته تبعته وتركته فهو ضد والتلو بالكسر ما يتلو الشيء والمراد بالتالي هنا التابع من غير فاصل ( وإن قدم عمرو فلله علي صوم أول خميس بعده ) أي يوم قدومه ( فقدما ) معا أو مرتبا ( في الأربعاء ) بتثليث الباء والمد ( وجب صوم ) يوم ( الخميس عن أول النذرين ) لسبقه ( ويقضي الآخر ) لتعذر الإتيان به في وقته ، نعم يصح مع الإثم صوم الخميس عن ثاني النذرين ويقضي يوما آخر عن النذر الأول ، ولو قال إن قدم فعلي أن أصوم أمس يوم قدومه لم يصح نذره على المذهب كما في المجموع ، ووهم بعض الشراح في عزوه له الصحة ، أو إن شفى الله مريضي فعلي عتق هذا ، ثم قال : إن قدم غائبي فعلي عتقه فحصل الشفاء والقدوم معا فالأرجح انعقاد النذر الثاني وعتقه عن السابق منهما ، ولا يجب للآخر شيء إذ لا يمكن القضاء فيه ، بخلاف الصوم فإن وقعا معا أقرع بينهما ، ويؤخذ من صحة بيع المعلق عتقه بدخول مثلا صحة بيعه قبل وجود الصفة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 227 ] ( قوله فدى عنه ) أي ولا إثم عليه لعدم عصيانه بالتأخير ( قوله : نذر صوم الجمعة ) أي يوم الجمعة ( قوله بأن يعلم أنه يقدم غدا ) أي بسؤال أو بدونه ، والظاهر أنه يلزمه البحث عن ذلك وإن سهل عليه بل إن اتفق بلوغ الخبر له وجب وإلا فلا ( قوله : فبيت النية ) عطفه على فتوى عطف مفصل على مجمل [ ص: 228 ] قوله : فلم يجب غير بقية يوم قدومه ) أي وإن قل جدا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بمعنى جمعه ) أي حتى يتأتى قول المصنف صام آخره وهو الجمعة ( قوله ومن ثم إلخ ) الظاهر أن هذا الترتيب على خصوص العلة وإلا فما في المتن لا يظهر ترتبه على ما مهده من قوله ومن نذر إتمام كل نافلة إلخ فتأمل . ( قوله : فيصح التزامه بالنذر إلخ ) الظاهر في التعبير فصح التزام إتمامه بالنذر فليتأمل [ ص: 228 ] قوله : تبعته وتركته ) هو تفسير لمطلق التلو ، وإلا فالمأخوذ منه ما هنا تلوته بمعنى تبعته خاصة ( قوله : لم يصح نذره على المذهب ) هلا يقال بالصحة إذا علم يوم قدومه نظير ما مر في نذر صوم يوم قدومه أول المسألة




                                                                                                                            الخدمات العلمية