الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ولدت من زوج أو زنا فالولد للسيد يعتق بموته كهي ) لأن الولد يتبع أمه في الرق والحرية وكذا في سببها اللازم ، وعلم من قوله يعتق بموته أنه لا فرق بين أن تكون موجودة أم لا ، فلو ماتت قبل موت السيد بقي حكم الاستيلاد في حق الولد ، وهذا أحد المواضع الذي يزول فيها حكم المتبوع ويبقى حكم التابع كما في نتاج الماشية في الزكاة ، والولد الحادث بين أبوين مختلفي الحكم على أربعة أقسام : الأول ما يعتبر بالأبوين جميعا كما في الأكل وحل الذبيحة والمناكحة والزكاة والتضحية به وجزاء الصيد واستحقاقهم سهم الغنيمة . والثاني ما يعتبر بالأب خاصة وذلك في سبعة أشياء : النسب وتوابعه ، والحرية إذا كان من أمته أو من أمة غر بحريتها أو ظنها زوجته الحرة أو أمته أو من أمة فرعه ، والكفاءة والولاء فإنه يكون على الولد لموالي الأب ، وقدر الجزية ومهر المثل ، وسهم ذوي القربى .

                                                                                                                            والثالث ما يعتبر بالأم خاصة وهو شيئان . والحرية إذا كان أبوه رقيقا ، والرق إذا كان أبوه حرا وأمه رقيقة إلا في صور ولد أمته ومن غر بحريتها ومن ظنها زوجته الحرة أو أمته وولد أمة فرعه وحمل حربية من مسلم وقد سبقت ، والرابع ما يعتبر بأحدهما غير معين وهو ضربان : أحدهما ما يعتبر بأشرفهما [ ص: 438 ] كما في الإسلام والجزية يتبع من له كتاب ، وثانيهما ما يتبع فيه أغلظهما كما في ضمان الصيد والدية والغرة . والضرب الثاني ما يعتبر بأخسهما كالمناكحة والذبيحة والأطعمة والأضحية والعقيقة واستحقاق سهم الغنيمة وولد المدبرة والمعلق عتقها بصفة لا يتبعها في العتق إلا إن كانت حاملا عند العقد أو وجود الصفة وولد المكاتبة الحادث بعد الكتابة يتبعها رقا وعتقا بالكتابة ، ولا شيء عليه للسيد ، وولد الأضحية والهدي الواجبين بالتعيين له أكل جميعه كما مر في الكتاب تبعا لأصله ، وجرى جماعة على أنه أضحية وهدي فليس له أكل شيء منه بل يجب التصدق بجميعه ، وولد المبيعة يتبعها ويقابله جزء من الثمن .

                                                                                                                            وولد المرهونة والجانية والمؤجرة والمعارة والموصى بها أو بمنفعتها ، وقد حملت به في الصورتين بين الوصية وموت الموصي سواء أولدته قبل الموت أم بعده ، وولد الموقوفة وولد مال القراض والموصى بخدمتها ، والموهوبة إذا ولدت قبل القبض لا يتبعها ، أما إذا كانت الموصى بها أو بمنفعتها حاملا به عند الوصية فإنه وصيه ، أو حملت به بعد موت الموصي أو وولدته الموهوبة بعد القبض وقد حملت به بعد الهبة فإنه يتبعها ، لحصول الملك فيها للقابل حينئذ ، فإن كانت الموهوبة حاملا به عند الهبة فهو هبة ، ولو رجع الأصل في الموهوبة لا يرجع في الولد الذي حملت به بعد الهبة وولدته بعد القبض وولد المغصوبة والمعارة والمقبوضة بيع فاسد أو بسوم ، والمبيعة قبل القبض يتبعها في الضمان لأن وضع اليد عليه تابع لوضع اليد عليها ، ومحمل الضمان في ولد المعارة إذا كان موجودا عند العارية أو حادثا وتمكن من رده فلم يرده وولد المرتد إن انعقد في الردة وأبواه مرتدان فمرتد .

                                                                                                                            وإن انعقد قبلها أو فيها أو أحد أصوله مسلم فمسلم وقد علم أنه لو نجز عتق أم الولد أو المدبرة لم يتبعها ولدها بخلاف المكاتبة ، وأنه لو كان ولد أم الولد أنثى لم يجز للسيد وطؤها لأنه إنما شبهه بها في العتق بموت سيده ، ومحل ما ذكره المصنف إذا لم تبع ، فإن بيعت في رهن وضعي أو شرعي أو في جناية ثم ملكها المستولد هي وأولادها فإنها تصير أم ولد على الصحيح ، وأما أولادها فأرقاء لا يعطون حكمها لأنهم ولدوا قبل الحكم باستيلادها ، أما الحادثون بعد إيلادها وقبل بيعها فلا يجوز له بيعهم وإن بيعت أمهم للضرورة لأن حق المرتهن والمجني عليه مثلا لا تعلق له بهم فيعتقون بموته دون أمهم ، بخلاف الحادثين بعد البيع لحدوثهم في ملك غيره ، وفي قوله كهي جر ضمير الغائبة بالكاف وهو شاذ

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 438 ] ( قوله : في النجاسة ) أي وذلك في النجاسة إلخ ( قوله : وولد المبيعة ) أي الذي لم ينفصل ( قوله لا يرجع في الولد ) أي لا ينفذ رجوعه فيه ( قوله : وأما أولادها ) أي الذين وجدوا منها بعد البيع وقبل عودها إلى ملكه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وجزاء الصيد ) أي ما يجعل جزاء لصيد فيما إذا كان أحد أبويه يجزي في الجزاء والآخر لا يجزي ( قوله : واستحقاق سهم الغنيمة ) أي بالنسبة للمركوب كما إذا كان متولدا بين ما يسهم له وما يرضخ له ( قوله : لموالي الأب ) أي حيث أمكن فلا يرد أنه قد يكون لموالي الأم قبل عتق الأب ( قوله : وقدر الجزية ) يتأمل [ ص: 438 ] قوله : وثانيهما ) ظاهره ثاني الضربين وليس كذلك فإن الضرب الثاني سيأتي ولعل في العبارة سقطا ، وأنه قسم الضرب الأول إلى قسمين أو نوعين مثلا فسقط من الكتبة أولهما وهذا ثانيهما ( قوله : والضرب الثاني ما يعتبر بأخسهما إلخ ) هذا يغني عنه ما مر في القسم الأول وهو ما يعتبر بالأبوين جميعا لأنه إذا اعتبر في حله أو في إجزائه كل من الأبوين علم أنه لا يحل أو لا يجزي إذا كان أحدهما ليس كذلك . وقد زاد هنا النجاسة والعقيقة فكان عليه أن يزيد هناك الطهارة والعقيقة ، على أن ما ذكره في هذه الأقسام يغني عنه القاعدة التي قدمها عند قول المصنف أو أمة غيره بنكاح فالولد رقيق ( قوله : في النجاسة ) أي وذلك في النجاسة ( قوله : عند العقد ) أي عقد التدبير . وقوله أو وجود الصفة : أي في المعلق عتقه ففيه لف ونشر مرتب ( قوله وولد المبيعة ) يعني حملها بخلافه فيما بعده فإن المراد فيه الولد المنفصل ( قوله : وولد مال القراض ) يراجع ( قوله : فإن كانت الموهوبة ) يعني التي قبضت ، فقوله والموهوبة إذا ولدت قبل القبض لا يتبعها على إطلاقه ، وانظر ما يترتب على الحكم بكون ولدها موهوبا أو تابعا ( قوله : وأبواه مرتدان ) أي وليس له أصل مسلم ( قوله : لأنه إنما شبهه إلخ ) يرد عليه نحو حرمة بيعها ( قوله : هي وأولادها ) أي [ ص: 439 ] الحادثين بعد البيع كما يعلم مما بعده والصورة أنه بعد انفصالهم إذ مسألة الحمل ستأتي ( قوله : الغائبة ) لا حاجة إليه بل الأولى حذفه لإيهامه .




                                                                                                                            الخدمات العلمية