الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو كان لأمته ثلاثة أولاد ولم تكن فراشا له ولا مزوجة فقال أحدهم ولدي ، فإن عين الأوسط لم يكن إقراره يقتضي الاستيلاد فالآخران رقيقان وإن اقتضاه بأن اعترف بإيلادها في ملكه لحقه الأصغر أيضا للفراش ، وإن مات قبل التعيين عين الوارث ، فإن تعذر فالقائف ، فإن تعذر فالقرعة ، ثم إن كان إقراره لا يقتضي إيلادا وخرجت القرعة لواحد عتق وحده ولم يثبت نسبه ، ولا يوقف نصيب ابن ، وإن اقتضاه فالصغير نسيب على كل تقدير ويدخل في القرعة ليرق غيره إن خرجت القرعة له ، فإن خرجت لغيره عتق معه . وقال المحب الطبري : اختلف أهل العلم في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين : قيل لا يثبت لها حكم السقط والوأد ، وقيل لها حرمة ولا يباح إفسادها ولا التسبب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم ، بخلاف العزل فإنه قبل حصولها فيه ، قال الزركشي : وفي تعاليق بعض الفضلاء قال الكرابيسي : سألت أبا بكر بن أبي سعيد الفراتي عن رجل سقى جاريته شرابا لتسقط ولدها فقال : ما دامت نطفة أو علقة فواسع له ذلك إن شاء الله تعالى ا هـ .

                                                                                                                            وقد أشار الغزالي إلى هذه المسألة في الإحياء فقال بعد أن قرر أن العزل خلاف الأولى ما حاصله : وليس هذا كالاستجهاض والوأد لأنه جناية على موجود حاصل ، فأول مراتب الوجود وقع النطفة في الرحم فيختلط بماء المرأة فإفسادها جناية ، فإن صارت علقة أو مضغة فالجناية أفحش ، فإن نفخت الروح واستقرت الخلقة زادت الجناية تفاحشا ، ثم قال : ويبعد الحكم بعدم تحريمه .

                                                                                                                            وقد يقال : أما حالة نفخ الروح فما بعده إلى الوضع فلا شك في التحريم ، وأما قبله فلا يقال إنه خلاف الأولى بل محتمل للتنزيه والتحريم ، ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه حريمه ، ثم إن تشكل في صورة آدمي وأدركته القوابل وجبت الغرة . نعم لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز . فلو تركت حتى نفخ فيها فلا شك في التحريم ، ولو كان الوطء زنا والموطوءة حربية فلا شك أنه غير محترم من الجهتين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 442 ] قوله : فقال أحدهم ولدي ) أي فقال السيد أحدهم إلخ ( قوله والوأد ) أي قتل الأطفال ( قوله : فواسع ) أي جائز



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 442 ] ( قوله : فإن عين الأوسط ) ومثله هنا ما لو عين غيره كما هو ظاهر ، وإنما تظهر فائدته في قوله وإن اقتضاه إلخ ( قوله : وإن مات قبل التعيين ) هذا مقابل قوله فإن عين الأوسط ، وسكت عما إذا عين الأكبر أو الأصغر والحكم فيهما ظاهر مما ذكره ( قوله : عتق وحده ) أي حكم بعتقه : أي عملا بقوله هذا ابني إذ هو من صيغ العتق كما مر في بابه ، وقوله ولم يثبت نسبه : أي لأن القرعة لا دخل لها في النسب ( قوله : ويبعد الحكم بعدم تحريمه ) انظر مرجع الضمير ( قوله : ويقوى التحريم ) أي احتمال التحريم ( قوله : فقد يتخيل الجواز ) أي من غير كراهة بقرينة السياق ( قوله : من الجهتين ) لعل محل هذا قبل نفخ الروح وإلا فينافي ما قبله .




                                                                                                                            الخدمات العلمية