الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وغسل الكفين ثلاثا ، إلا أن يكون قائما من نوم الليل ) غسل اليدين عند ابتداء الوضوء ، لا يخلو : إما أن يكون عن نوم ، أو عن غير نوم . فإن كان عن غير نوم : فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب . ونص [ ص: 130 ] عليه أحمد استحباب غسلهما مطلقا ، وقيل : لا يغسلهما إذا تيقن طهارتهما ، بل يكره ، ذكره في الرعاية . وقال القاضي : إن شك فيهما سن غسلهما ، وإن تحقق طهارتهما خير ، وإن كان عن نوم ، فلا يخلو : إما أن يكون عن نوم الليل ، أو عن نوم النهار فإن كان عن نوم النهار ، فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم استحباب غسلهما . وعنه : يجب غسلهما ، واختاره بعض الأصحاب وهو من المفردات ، وحكاها في الفروع هنا قولا ، وإن كان عن نوم الليل فأطلق المصنف في وجوب غسلهما روايتين ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والتلخيص ، والبلغة ، والفائق ، وابن تميم ، وابن رزين ، وابن عبيدان ، والزركشي في شروحهم . إحداهما : يجب غسلهما ، وهو المذهب جزم به في مسبوك الذهب ، والإفادات ، ونظم المفردات ، وغيرهم . قال في الفروع والخلاصة : ويجب على الأصح واختاره أبو بكر ، وأكثر الأصحاب . قاله ابن عبيدان : قال الزركشي : اختاره أبو بكر ، والقاضي ، وعامة أصحابه ، بل وأكثر الأصحاب ، واختاره أيضا ابن حامد ، وأحمد بن جعفر المنادي ، وهو من مفردات المذهب . والرواية الثانية : لا يجب غسلهما ، بل يستحب ، وجزم به الخرقي ، والعمدة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، واختاره المصنف ، والشارح ، وابن عبدوس في تذكرته وصححه المجد في شرحه ، ومجمع البحرين ، والنظم ، وصححه في التصحيح . قال الشيخ تقي الدين : اختاره الخرقي ، وجماعة . انتهى . فعلى المذهب : قال ابن تميم ، قال صاحب النكت : وحيث وجب الغسل . فإنه شرط للصلاة . قلت : وقاله ابن عبدوس المتقدم وغيره . واقتصر عليه الزركشي . [ ص: 131 ] وقدم في الرعاية سقوط غسلهما بالنسيان مطلقا ; لأنها طهارة مفردة على ما يأتي وهو الصحيح .

فوائد

إحداها : يتعلق الوجوب بالنوم الناقض للوضوء ، على الصحيح من المذهب وعليه جمهور الأصحاب . وقيل : يتعلق بالنوم الزائد على النصف ، اختاره ابن عقيل ، كما تقدم . الثانية : غسلهما تعبد لا يعقل معناه ، على الصحيح من المذهب ، كغسل الميت . فعلى هذا : تعتبر النية والتسمية في أصح الأوجه ، والوجه الثاني : لا يعتبران والوجه الثالث : يعتبران إن وجب غسلهما ، وإلا فلا . والوجه الرابع : تعتبر النية دون التسمية . ذكره الزركشي ، وعلى الصحيح : لا تجزئ نية الوضوء عن نية غسلهما على المذهب المشهور . وأنها طهارة مفردة . لا من الوضوء . وقيل : تجزئ . وقيل : غسلهما معلل بوهم النجاسة ، كجعل العلة في النوم استطلاق الوكاء بالحدث ، وهو مشكوك فيه . وقيل : غسلهما معلل بمبيت يده ملابسة للشيطان . الثالثة : إنما يغسلان لمعنى فيهما على الصحيح من المذهب ، قدمه في الفروع . فلو استعمل الماء ، ولم يدخل يده في الإناء : لم يصح وضوءه . وفسد الماء . وذكر القاضي وجها إنما يغسلان لأجل إدخالهما الإناء : ذكره أبو الحسين رواية . فيصح وضوءه ، ولم يفسد الماء إذا استعمله من غير إدخال .

التالي السابق


الخدمات العلمية