الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويقول في تعزية المسلم بالمسلم : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وغفر لميتك ) ، ولا يتعين ذلك . بل إن شاء ، قاله ، وإن شاء قال غيره فإنه لا يتعين فيه شيء فقد عزى الإمام أحمد رجلا ، فقال " آجرنا الله وإياك ، في هذا الرجل " وعزى أبا طالب فقال " أعظم الله أجركم ، وأحسن عزاءكم " قوله ( وفي تعزية عن كافر : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ) يعنيإذا عزى مسلم مسلما عن ميت كافر فأفادنا المصنف رحمه الله : أنه [ ص: 566 ] يعزيه عنه ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره ، وقيل : لا يعزيه عن كافر ، وهو رواية في الرعاية قال في الرعاية ، وقيل : يقول : أعظم الله أجرك ، وأحسن عزاءك ، وصار لك خلفا عنه . قوله ( وفي تعزية الكافر بمسلم : أحسن الله عزاءك وغفر لميتك ، وفي تعزيته عن كافر : أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك ، أو أكثر عددك ) فيدعو لأهل الذمة بما يرجع إلى طول العمر وكثرة المال والولد ، ولا يدعو لكافر حي بالأجر ، ولا لكافر ميت بالمغفرة ، وقال أبو حفص العكبري : ويقول له أيضا : وأحسن عزاءك ، وقال أبو عبد الله بن بطة يقول : أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحدا من أهل دينك ، وقال في الفائق : قلت : لا ينبغي تعزيته عن كافر ، ولا الدعاء بالإخلاف عليه ، وعدم تنقيص عدده ، بل المشروع [ الدعاء ] بعدم الكافرين وإبادتهم ، كما أخبر الله تعالى عن قوم نوح . انتهى .

تنبيه : يحتمل أن يكون مراد المصنف بتعزية الكافر بمسلم ، أو عن كافر حيث قيل : بجواز ذلك من غير نظر إلى أن المصنف اختار ذلك أو لا ، ويحتمل أن مراده : جواز التعزية عنده فيكون قد اختار جواز ذلك ، والأول : أولى ، واعلم أن الصحيح من المذهب : تحريم تعزيتهم ، على ما يأتي في كلام المصنف في باب أحكام الذمة ، ولنا رواية بالكراهة قدمها في الرعايتين ، والحاويين ، ورواية بالإباحة فعليها يقول ما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية