الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجب إخراج زكاة الحب مصفى ، والثمر يابسا ) هذا المذهب مطلقا ، وعليه جماهير الأصحاب . قال في الفروع ، وأطلق ابن تميم عن ابن بطة : له أن يخرج رطبا وعنبا . قال وسياق كلامه إنما هو فيما إذا اعتبرنا نصابه كذلك ، وقال في الرعاية : وقيل يجزئ رطبه ، وقيل : فيما لا يثمر ولا يزبب . قال في الفروع : كذا قال ، ثم قال : وهذا وأمثاله لا عبرة به ، وإنما يؤخذ منها بما انفرد به بالتصريح ، وكذا يقدم في موضع الإطلاق ، ويطلق في موضع التقديم ، ويسوى بين شيئين المعروف التفرقة بينهما وعكسه . قال : فلهذا وأمثاله حصل الخوف وعدم الاعتماد ، فعلى المذهب : لو خالف وأخرج سنبلا رطبا وعنبا : لم يجزه ووقع نفلا ، ولو كان الآخذ الساعي ، فإن جففه وجاء بقدر الواجب أجزأ ، وإلا أعطى إن زاد أو أخذ إن نقص ، وإن كان بحالة رديئة ، وإن تلف رد مثله . على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب . قاله المجد ، وقال : عندي لا يضمنه ويأخذه منه باختياره ولم يتعد ، واختاره ابن تميم أيضا ، وقدم يضمنه قيمته . قال : وفيه وجه بمثله . قال في الفروع : كذا قال .

قوله ( فإن احتيج إلى قطعه قبل كماله لضعف الأصل ونحوه ) كخوف العطش ، أو لتحسين بقيته ، أو كان رطبا لا يجيء منه تمر أو عنبا [ ص: 105 ] لا يجيء منه زبيب . زاد في الكافي : أو يجيء منه زبيب رديء انتهى . قلت : وعلى قياسه إذا جاء منه تمر رديء أخرج منه رطبا وعنبا . يعني جاز قطعه ، وإخراج زكاة منه ، قال في المغني ، والشرح : وإن كان يكفي التجفيف لم يجز قطع الكل . قال في الفروع : وفي كلام بعضهم إطلاق ، فقدم المصنف هنا جواز إخراج الرطب والعنب ، والحالة هذه ، فله أن يخرج من هذا رطبا وعنبا مشاعا ، أو مقسوما بعد الجداد ، أو قبله بالخرص ، فيخير الساعي بين قسمه مع رب المال قبل الجداد بالخرص ، ويأخذ نصيبهم شجرات مفردة ، وبعد الجداد بالكيل . وهذا الذي قدمه المصنف هنا : اختاره القاضي وجماعة من الأصحاب . قاله في الفروع ، وصححه ابن تميم ، وابن حمدان وغيرهما ، وقدمه في الفروع ، والمحرر ، والفائق ، والنظم ، وتجريد العناية ، فأول كلام القاضي الذي ذكره المصنف وهو تخيير الساعي موافق لما قدمه المصنف ، وباقي كلامه مخالف للنص ، والمنصوص : أنه لا يخرج إلا يابسا ، اختاره أبو بكر في الخلاف ، وجزم به في الإفادات ، والوجيز ، والمنور ، وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، وابن تميم ، وهو من المفردات . قلت : هذا المذهب ، لأنه المنصوص ، واختاره أكثر الأصحاب ، وأطلقهما في المذهب ، وعنه يجوز إخراج القيمة هنا ، وإن منعنا من إخراجها في غير هذا الموضع .

تنبيه : أفادنا المصنف رحمه الله تعالى وجوب الزكاة في ذلك مطلقا ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب قاطبة ، والأئمة الأربعة . قال في الفروع : ويتوجه احتمال يعتبر بنفسه ; لأنه من الخضر ، وهو قول محمد بن الحسن ، واحتمال فيما لا يتمر ولا يصير زبيبا ، وهو رواية مالك . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية