الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث ، أو الربع ) بحسب اجتهاد الساعي ، بحسب المصلحة ، فيجب على الساعي فعل ذلك ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب . وقال القاضي في شرح المذهب : الثلث كثير لا يتركه ، وقال الآمدي ، وابن عقيل : يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد . قال ابن تميم : وهو أصح . قال في الرعاية ، وقيل : هو أصح . انتهى . وقال ابن حامد : إنما يترك في الخرص إذا زادت الثمرة على النصاب ، فلو كانت نصابا فقط لم يترك شيئا .

تنبيهان أحدهما : هذا القدر المتروك للأكل لا يكمل به النصاب ، على الصحيح ، من المذهب ، نص عليه ، وقدمه في الفروع ، وابن تميم ، والرعاية ، وغيرهم ، واختار المجد : أنه يحتسب به من النصاب ، فيكمل به ، ثم يأخذ زكاة الباقي سواه .

الثاني : لو لم يأكل رب المال المتروك له بلا خرص . أخذ منه زكاته ، على الصحيح ، جزم به المجد في شرحه ، وابن تميم ، وابن رجب في القاعدة الحادية والسبعين وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وقال صاحب الفروع : دل النص الذي في المسألة قبلها على أن رب المال لو لم يأكل شيئا لم يزكه كما هو ظاهر كلام جماعة ، وأظن بعضهم جزم به أو قدمه ، وذكره في الرعاية احتمالا له . انتهى .

[ ص: 111 ] فائدتان إحداهما قوله ( فإن لم يفعل فلرب المال الأكل بقدر ذلك ولا يحتسب عليه ) ، نص عليه ، وكذا إذا لم يبعث الإمام ساعيا ، فعلى رب المال من الخرص ما يفعله الساعي ، ليعرف قدر الواجب قبل أن يتصرف ، لأنه مستخلف فيه ، ولو ترك الساعي شيئا من الواجب أخرجه المالك ، نص عليه . الثانية : تقدم أنه لا يخرص إلا النخل والكرم ، فلا تخرص الحبوب إجماعا ، لكن للمالك الأكل منها هو وعياله ، بحسب العادة . كالفريك وما يحتاجه ، ولا يحتسب به عليه ، ولا يهدى . نص على ذلك كله ، وخرج القاضي في جواز الأكل منها وجهين : من الأكل ، ومن الزرع الذي ليس له خليط ، وقال القاضي في الخلاف : أسقط أحمد رحمه الله عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون كما أسقط في الثمار . قال : وذكره في رواية الميموني ، وجعل الحكم فيهما سواء ، وقال في المجرد ، والفصول ، وغيرهما : يحسب عليه ما يأكله ، ولا يترك له منه شيء ، وذكره الآمدي ظاهر كلامه ، كالمشترك من الزرع نص عليه ; لأنه القياس ، والحب ليس في معنى الثمرة ، وحكى رواية : أنه لا يزكي ما يهديه أيضا ، وقدم بعض الأصحاب : أنه يزكي ما يهديه من الثمرة . قال في الفروع : وجزم الأئمة بخلافه ، وحكى ابن تميم أن القاضي قال في تعليقه : ما يأكله من التمرة بالمعروف لا يحسب عليه ، وما يطعمه جاره وصديقه يحسب عليه ، نص عليه ، وذكر أبو الفرج : لا زكاة فيما يأكله من زرع وثمر ، وفيما يطعمه روايتان ، وحكى القاضي في شرح المذهب : في جواز أكله من زرعه وجهين .

[ ص: 112 ] قوله ( ويؤخذ العشر من كل نوع على حدة ) هذا الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب . منهم المصنف ، وذلك بشرط أن لا يشق على ما يأتي ، وقال ابن عقيل : يؤخذ من أحدهما بالقيمة ، كالضأن من المعز .

قوله ( فإن شق ذلك ) يعني لكثرة الأنواع واختلافها ( أخذ من الوسط ) هذا أحد الوجهين ، اختاره الأكثر . قاله في الفروع ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، ومختصر ابن تميم ، وغيرهم ، وقيل : يخرج من كل نوع ، وإن شق ، قدمه في المغني ، والكافي ، والشرح ، وصححاه ، وقدمه في الفروع ، وهو المذهب على ما اصطلحناه ، وقيل : يأخذ من الأكثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية