الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يعطى أحد منهم مع الغنى ، إلا أربعة : العامل ، والمؤلف ، والغارم لإصلاح ذات البين ، والغازي ) . أما العامل : فلا يشترط فقره . بل يعطى مع الغنى . على الصحيح من [ ص: 241 ] المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به أكثرهم ، وذكره المجد إجماعا ، وذكر ابن حامد وجها باشتراط فقره ، وتقدم ذلك عند قوله " ولا شرط حريته ولا فقره " ، وأما المؤلف : فيعطى مع غناه . لا أعلم فيه خلافا ، وأما الغارم لإصلاح ذات البين : فيأخذ مع غناه . على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهما ، وقال ابن عقيل : لا يأخذ مع الغنى [ ومحل هذا إذا لم يدفعها من ماله ، فإن دفعها لم يجز له الأخذ على ما يأتي قريبا ] ، وأما الغازي : فالصحيح من المذهب وعليه الأصحاب جواز أخذه مع غناه ، ونقل صالح : إذا أوصى بفرس يدفع إلى من ليس له فرس ، أحب إلي إذا كان ثقة .

تنبيه : صرح المصنف أن بقية الأصناف لا يدفع إليهم من الزكاة مع غناهم وهو صحيح أما الفقير والمسكين : فواضح ، وكذا ابن السبيل ، وأما المكاتب : فلا يعطى لفقره . قال في الفروع : ذكره جماعة ، منهم المصنف في المغني ، والشارح ، وابن حمدان ، وغيرهم ، واقتصر عليه في الفروع ; لأنه عبد ، وتقدم ذلك ، وأما الغارم لنفسه في مباح : فالصحيح من المذهب : أنه لا يعطى إلا مع فقره ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقطعه كثير منهم ، وقيل : يعطى مع غناه أيضا ، ونقله محمد بن الحكم ، وتأوله القاضي على أنه بقدر كفايته . قال في الرعاية عن هذا القول وهو بعيد ، فعلى المذهب : لو كان فقيرا ولكنه قوي يكتسب . جاز له الأخذ أيضا . قاله القاضي في خلافه ، وابن عقيل في عمده في الزكاة ، وذكره أيضا في المجرد ، والفصول في باب الكتابة ، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد . [ ص: 242 ] وقيل : لا يجوز ، وجزم به المجد في شرحه . قلت : هذا المذهب ، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وأطلقهما في القاعدة الثانية والثلاثين بعد المائة ، وقال : هذا الخلاف راجع إلى الخلاف في إجباره على التكسب لوفاء دينه . انتهى ، قلت : الصحيح من المذهب : الإجبار على ما يأتي في كلام المصنف في باب الحجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية