الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن جامع دون الفرج فأنزل : أفطر ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . ووجه في الفروع احتمالا : لا يفطر بالإنزال إذا باشر دون الفرج ، ومال إليه . فائدة : لو أمذى بالمباشرة دون الفرج : أفطر أيضا على الصحيح من المذهب نص عليه . وعليه أكثر الأصحاب ، واختار الآجري ، وأبو محمد الجوزي ، والشيخ تقي الدين : أنه لا يفطر بذلك . قال في الفروع : وهو أظهر . قلت : وهو الصواب ، وتقدم نظير ذلك إذا قبل أو لمس فأمنى أو أمذى أول الباب ، فإن المسألة واحدة .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه يفطر أيضا إذا كان ناسيا ، وجزم به الخرقي فقال : ومن جامع دون الفرج ، فأنزل عامدا أو ساهيا ، فعليه القضاء ، قال الزركشي : هذا المشهور عنه . والمختار لعامة أصحابه ، والقاضي ، وابن عقيل وغيرهما ، وقدمه في المستوعب ، والرعايتين ، وجزم به في الوجيز ، والصحيح من المذهب : أنه لا يفطر إذا كان ناسيا ، سواء أمنى أو أمذى ، ونقله الجماعة عن الإمام أحمد ، وقدمه في الفروع . [ ص: 316 ]

قوله ( أو وطئ بهيمة في الفرج : أفطر ) الصحيح من المذهب : أن الإيلاج في البهيمة كالإيلاج في الآدمي ، نص عليه وعليه الأصحاب . قال الزركشي ، وقيل : عنه لا تجب الكفارة بوطء البهيمة ، ومبنى الخلاف عند الشريف ، وأبي الخطاب على وجوب الحد بوطئها وعدمه . انتهى . قال في الفروع : وخرج أبو الخطاب في الكفارة وجهين ، بناء على الحد ، وكذا خرجه القاضي رواية ، بناء على الحد . انتهى ، وقال ابن شهاب : لا يجب بمجرد الإيلاج فيه غسل ولا فطر ولا كفارة . قال في الفروع : كذا قال ، فائدة : الإيلاج في البهيمة الميتة كالإيلاج في البهيمة الحية على الصحيح من المذهب ، وقيل : الحكم مخصوص بالحي فقط . قدمه في الرعاية الكبرى . قال في الفروع : كذا قيل . قوله ( وفي الكفارة وجهان ) . وهما روايتان في المجامع دون الفرج . يعني : إذاجامع دون الفرج فأنزل ، أو وطئ بهيمة في الفرج ، وقلنا : يفطر ، فأطلق الخلاف فيما إذا جامع دون الفرج فأنزل ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والتلخيص ، والكافي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع . إحداهما : لا تجب الكفارة ، وهي المذهب ، اختاره المصنف ، والشارح ، وصاحب النصيحة ، والخلاصة ، والمحرر ، والفائق . قال في الفروع : وهي أظهر . قال ابن رزين : وهي أصح ، وقدمه في النظم ، والرواية الثانية : تجب الكفارة ، اختاره الأكثر . منهما الخرقي ، وأبو بكر وابن أبي موسى ، والقاضي . قال الزركشي : هي المشهورة من الروايتين ، حتى إن القاضي في التعليق لم [ ص: 317 ] يذكر غيرها . قال في الفروع : اختاره الأكثر ، وجزم به في الإفادات ، والوجيز ، وقدمه في الفائق ، وشرح ابن رزين ، فعلى الأولى : لا كفارة على الناسي أيضا بطريق أولى ، وعلى الثانية : يجب عليه أيضا كالعامد على الصحيح ، جزم به الخرقي ، والوجيز ، وصاحب التبصرة ، وقدمه في الفروع . قال الزركشي : هي المشهورة عنه ، والمختارة لعامة أصحابه ، والقاضي وغيره ، وقال المصنف ، وصاحب الروضة وغيرهما : لا كفارة على الناسي .

التالي السابق


الخدمات العلمية