الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وتكره القبلة ، إلا أن تكون ممن لا تحرك شهوته على إحدى الروايتين ) ، فاعل القبلة لا يخلو : إما أن يكون ممن تحرك شهوته أو لا ، فإن كان ممن تحرك شهوته ، فالصحيح من المذهب : كراهة ذلك فقط ، جزم به في الهداية ، والمبهج ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والنظم ، والوجيز ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ، وصححه ، وعنه تحرم ، جزم به في المستوعب وغيره .

تنبيه : محل الخلاف : إذا لم يظن الإنزال ، فإن ظن الإنزال حرم عليه ، قولا واحدا ، وإن كان ممن لا تحرك شهوته : فالصحيح من المذهب : أنها لا تكره . قال في الفائق : ولا تكره له القبلة إذا لم تحرك شهوته . على أصح الروايتين . قال في المبهج ، والوجيز : وتكره القبلة بشهوة ، فمفهومه : لا تكره بلا شهوة ، وصححه في النظم ، وقدمه في الفروع ، والمحرر ، والرعاية الصغرى ، وصححه في الرعاية الكبرى ، وعنه تكره ; لاحتمال حدوث الشهوة ، وقدمه في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والكافي ، والشرح ، والحاويين .

تنبيه : الظاهر أن الخلاف الذي أطلقه المصنف : عائد إلى من لا تحرك شهوته وعليه شرح الشارح ، وابن منجى ، وصاحب التلخيص ، ولأن الخلاف فيه أشهر . ويحتمل أن يعود على من تحرك شهوته ، فيكون تقدير الكلام على هذا : [ ص: 329 ] وتكره القبلة على إحدى الروايتين ، إلا أن يكون ممن لا تحرك شهوته ، فلا تكره . لكن يبعد هذا أن المصنف لم يحك الخلاف في المغني والكافي .

فائدة : إذا خرج منه مني أو مذي بسبب ذلك ، فقد تقدم في أول الباب الذي قبله : وإن لم يخرج منه شيء لم يفطر ، وذكره ابن عبد البر إجماعا ، واعلم أن مراد من اقتصر من الأصحاب كالمصنف وغيره على ذكر القبلة : دواعي الجماع بأسرها أيضا . ولهذا قاسوه على الإحرام ، وقالوا : عبادة تمنع الوطء فمنعت دواعيه . قال في الكافي وغيره : واللمس ، وتكرار النظر كالقبلة . لأنهما في معناها ، وقال في الرعاية بعد أن ذكر الخلاف في القبلة : وكذا الخلاف في تكرار النظر والفكر في الجماع ، فإن أنزل أثم وأفطر ، والتلذذ باللمس والنظر ، والمعانقة والتقبيل سواء . هذا كلامه ، وهو مقتضى ما في المستوعب وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية