الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويحرم الصبي المميز بإذن وليه ) ، الصحيح من المذهب : أن الصبي المميز لا يصح إحرامه إلا بإذن وليه ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره . قال في القواعد الأصولية : اختاره الأكثر ، وقال الزركشي : هذا أصح الوجهين ، وقيل : يصح إحرامه بدون إذن وليه ، اختاره المجد ، وابن عبدوس في تذكرته ، وأطلقهما في المحرر ، والرعاية الصغرى ، والفائق والحاويين ، وشرح المجد ، فعلى الثاني : يحلله الولي إذا كان فيه ضرر على الصحيح ، وقيل : ليس له تحليله .

تنبيه : ظاهر قوله ( وغير المميز يحرم عنه وليه ) . أنه لا يصح أن يحرم عنه غير الولي ، وهو صحيح ، وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والمحرر ، والوجيز ، [ ص: 391 ] وغيرهم ، وجزم به في المستوعب وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، واختاره القاضي وغيره ، وقال : هو ظاهر كلام الإمام أحمد ، وقيل : يصح من الأم أيضا ، وهو ظاهر رواية حنبل ، واختاره جماعة من الأصحاب ، منهم ابن عقيل ، وجزم به في المنور ، وقدمه في الكافي ، والشرح ، والنظم ، وابن رزين في شرحه . قال الزركشي : وإليه ميل أبي محمد ، واختار بعض الأصحاب الصحة في العصبة والأم . قال في الفائق : وكذا الأم والعصبة سواء على أصح الوجهين . قال في الرعاية : يصح في الأظهر ، وجزم به ابن عبدوس في تذكرته ، وألحق المصنف ، والشارح ، وغيرهما : العصبة غير الولي بالأم ، وقال في الحاويين : وفي أمه وعصبته غير وليه وجهان .

فائدة : الولي هنا : من يلي ما له ، فيصح إحرامه عنه ، ولو كان محرما ، ولو كان لم يحج عن نفسه ; لأن معنى الإحرام عنه : عقده له .

تنبيه : ظاهر قوله ( ويفعل عنه ما يعجز عن عمله ) . أنه لا يفعل ما لا يعجز عنه . وهو صحيح ، فيفعل الصغير كل ما يقدر عليه ، كالوقوف والمبيت ، وسواء أحضره الولي أو غيره ، وما يعجز عنه يفعله الولي ، كما قال المصنف . لكن لا يجوز أن يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه . كالنيابة في الحج ، فإن قلنا بالإجزاء هناك : فكذا هنا ، وإن قلنا : لا يجزئ هناك وقع عن نفسه هنا إن كان محرما بفرضه ، وإن كان حلالا لم يعتد به ، وإن قلنا : يقع الإحرام باطلا فكذا الرمي هنا ، وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصاة : ناوله ، وإن لم يمكنه : استحب أن توضع الحصاة في كفه ، ثم تؤخذ منه فيرمي عنه ، فإن وضعها النائب في يده ورمى بها ، فجعل يده كالآلة : فحسن ، وإن أمكنه أن يطوف فعله ، فإن لم يمكنه طيف به محمولا أو راكبا . وتعتبر النية من الطائف به ، وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام [ ص: 392 ] فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي : وقع عن الصبي . كالكبير يطاف به محمولا لعذر ، ويجوز أن يطوف عنه الحلال والمحرم ، وسواء كان طاف عن نفسه أو لا ، وهذا الصحيح من المذهب في ذلك كله ، وذكر القاضي وجها : لا يجزئ عن الصبي كالرمي عن الغير ، فعلى هذا : يقع عن الحامل ; لأن النية هنا شرط ، فهي كجزء منه شرعا ، وقيل : يقع هنا عن نفسه . كما لو نوى الحج عن نفسه وعن غيره ، والمحمول المعذور وجدت النية منه وهو أهل ، ويحتمل أن تلغو نيته هنا ; لعدم التعيين لكون الطواف لا يقع عن غير معين .

التالي السابق


الخدمات العلمية