الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا استوى على راحلته لبى ) . يعني إذا استوت به راحلته قائمة ، وهذا أحد الأقوال . قطع به جماعة . منهم الخرقي ، والمصنف ، والشارح ، وقدمه في الفائق ، وقيل : يستحب ابتداء التلبية عقب إحرامه ، وهو المذهب . قال الزركشي : المشهور في المذهب : أن الأولى أن تكون التلبية حين يحرم ، وجزم به في التلخيص ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، والرعايتين ، والحاويين . ونقل حرب : يلبي متى شاء ساعة يسلم ، وإن شاء بعد .

فائدتان . إحداهما : التلبية سنة . على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، وقيل : واجبة . اختاره في الفائق . الثانية : يستحب أن يلبي عن أخرس ومريض . نقله ابن إبراهيم . قال جماعة : وعن مجنون ومغمى عليه . زاد بعضهم : ونائم . وقد ذكر الأصحاب : أن إشارة الأخرس المفهومة كنطقه . قلت : الصواب الذي لا شك فيه : أن إشارة الأخرس بالتلبية تقوم مقام النطق بها ، حيث علمنا إرادته لذلك .

تنبيهان : أحدهما : ظاهر قوله ( لبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم " لبيك اللهم إلى آخره " ) . أنه لا يزيد عليها ، وهو صحيح ، فلا تستحب الزيادة عليها ، ولكن لا يكره [ ص: 453 ] على الصحيح من المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع ، وقال ابن هبيرة في الإفصاح : تكره الزيادة عليها ، وقيل : له الزيادة بعد فراغها ، لا فيها . الثاني : ظاهر قوله ( ويستحب رفع الصوت بها ) الإطلاق ، فيدخل فيه لو أحرم من بلده ، لكن الأصحاب قيدوا ذلك بأنه لا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصارها ، والمنقول عن أحمد : إذا أحرم من مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز ، فيكون كلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيدا بذلك . وعند الشيخ تقي الدين : لا يلبي بوقوفه بعرفة ومزدلفة ; لعدم نقله . قال في الفروع : كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية