الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم ) . [ يعني : إذا كان متعلقا بالإحرام ، أو ] الحرم ، فالهدايا والضحايا مختصة بمساكين الحرم . كهدي التمتع والقران وغيرهما . كذا ما وجب لترك واجب كالإحرام من الميقات ، وطواف الوداع ونحوهما ، وكذا أجزاء المحظورات إذا فعلها في الحرم ، نص عليه ، فيجب نحره بالحرم ، ويجزئه في أي نواحي الحرم كان . قال الإمام أحمد " ومكة ومنى واحد " ، وقال مالك " لا ينحر في الحج إلا بمنى ، ولا في العمرة إلا بمكة " قال في الفروع : وهو متوجه . [ ص: 532 ] وأما الإطعام : فهو تبع للنحر ، ففي أي موضع قيل في النحر فالطعام كذلك .

فوائد . إحداها : الأفضل أن ينحر في الحج بمنى ، وفي العمرة بالمروة . جزم به في التلخيص ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاويين ، وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم .

الثانية : اختصاص فقراء الحرم بهدي المحصر من مفردات المذهب . قال ناظمها : وهديه فعندنا يختص بفقراء الحرم قد نصوا . الثالثة : لو سلمه للفقراء فنحروه أجزأ ، فإن لم يفعلوا استرده ونحره ، فإن أبى أو عجز ضمنه ، وقال في الفروع : ويتوجه احتمال لا يضمن ، ويجب تفرقة لحمه بالحرم ، وإطلاقه لمساكينه . الرابعة : مساكين الحرم : من كان فيه من أهله ومن ورد إليه من الحاج وغيرهم ، وهم الذين تدفع إليهم الزكاة .

تنبيه : مفهوم قوله " إن قدر على إيصاله " أنه إذا لم يقدر على إيصاله إليهم : أنه يجوز ذبحه وتفرقته هو والطعام في غير الحرم ، وهو صحيح ، والصحيح من الروايتين . قال في الفروع : والجواز أظهر ، وجزم به الشارح ، وقدمه في الرعاية ، والرواية الثانية : لا يجوز ، وهو قول في الرعاية . قوله ( إلا فدية الأذى أو اللبس ونحوهما ) . كالطيب ونحوه ، وزاد في الرعايتين ، والحاويين : ودم المباشرة دون الفرج إذا لم ينزل . وقال في الفروع : وما وجب بفعل محظور فحيث فعله ولم يستثنى سوى جزاء الصيد ، وكذا قال الزركشي : إذا وجد سببها في الحل فيفرقها حيث وجد سببها ، وهذا المذهب مطلقا ، وعليه أكثر الأصحاب . [ ص: 533 ] وعنه يفرقها في الحرم ، وقاله الخرقي في غير الحلق . قال في الفصول ، والتبصرة : لأنه الأصل . خولف فيه لما سبق ، واعتبر في المجرد والفصول : العذر في المحظور ، وإلا فغير المعذور كسائر الهدي . قال الزركشي : وقال القاضي ، وابن عقيل ، وأبو البركات : ما فعله لعذر ينحر هديه حيث استباحه ، وما فعله لغير عذر اختص بالحرم .

تنبيهان : أحدهما : حيث قيل : النحر في الحل ، فذلك على سبيل الجواز ، على مقتضى كلام المصنف والمجد وغيرهما ، وظاهر كلام المصنف ، والخرقي ، والتلخيص : الوجوب . الثاني : مفهوم كلامه : أن فدية الأذى واللبس ونحوهما : إذا وجد سببها في الحرم يفرقها فيه ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، نص عليه ، وعليه الأصحاب ، وعنه يفرقه حيث فعله . كحلق الرأس . ذكرها القاضي . قال المصنف : وتقدم ذلك .

فوائد . الأولى : جزاء الصيد : لمساكين الحرم على الصحيح من المذهب . نص عليه ، وعليه الأصحاب والشارح ، وهذا يخالف نص الكتاب ، ومنصوص أحمد ، فلا يعول عليه . وقيل : يفرقه حيث قتله لعذر .

الثانية : دم الفوات كجزاء الصيد . الثالثة : وقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوهما ، وما ألحق به : حين فعله ، إلا أن يستبيحه لعذر ، فله الذبح قبله . قال في المحرر وغيره : كذلك ما وجب لترك واجب . الرابعة : لو أمسك صيدا أو جرحه . ثم أخرج جزاءه ، ثم تلف المجروح [ ص: 534 ] أو الممسك ، أو قدم من أبيح له الحلق فديته قبل الحلق ، ثم حلق : أجزأ ، نص عليه وقال في الرعاية : إن أخرج فداء صيد بيده قبل تلفه فتلف : أجزأ عنه ، وهو بعيد . قال في الفروع : كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية