الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن أتلف جزءا من صيد ففيه ما نقص من قيمته أو قيمة مثله إن كان مثليا ) . إذا أتلف جزءا من صيد واندمل وهو متمتع فلا يخلو : إما أن يكون الصيد مما لا مثل له ، أو مما له مثل ، فإن كان مما لا مثل له : فإنه يضمنه بقيمته ; لأن جملته تضمن بقيمته ، فكذلك أجزاؤه ، وإن كان له مثل فهل يضمن بمثله من مثله لحما ، أو يضمن بقيمة مثله ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والشرح .

أحدهما : يضمن بمثله من مثله لحما ، وهو المذهب ، وهو ظاهر ما جزم به في [ ص: 544 ] الوجيز . قال في [ المغني و ] الشرح : وهو أولى ، وقدمه في الرعايتين ، والحاويين وشرح ابن رزين ، والفروع ، وقال : ويضمن بعضه بمثله لحما ; لضمان أصله بمثله من النعم ، ولا مشقة فيه ; لجواز عدوله إلى عدله من طعام أو صوم ، وقال القاضي في الخلاف : لا يعرف فيما دون النفس . فلو قلنا به : لم يمتنع ، وإن سلمنا : فهو الأشبه بأصوله ; لأنه لم يوجب في شعره ثلث دم ; لأن النقص فيما يضمن بالمثل لا يضمن به ، كطعام مسوس في يد الغاصب ، ولأنه يشق ، فلم نوجب ، في الزكاة . انتهى . والوجه الثاني : تجب قيمة مثله ، كما جزم به المصنف هنا ، وجزم به ابن منجى في شرحه ، وقدمه في الخلاصة .

فائدتان . إحداهما : قوله ( لو نفر صيدا فتلف بشيء ضمنه ) وكذا لو نقص في حال نفوره : ضمنه بلا خلاف فيهما ، ولا يضمن إذا تلف في مكانه بعد أمنه من نفوره على الصحيح من المذهب ، وقيل : يضمن ، ولو تلف في حال نفوره بآفة سماوية : ففي ضمانه وجهان ، وأطلقهما في الفروع قلت : الأولى الضمان ; لأنه اجتمع سبب وغيره ، ولا يمكن إحالته على غير السبب هنا ، فيغير السبب . ثم وجدته في الرعاية الكبرى ، وقدمه ، وقال : وقيل : لا يضمن بآفة سماوية في الأصح . قلت : والضمان ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وهو كالصريح في كلامه في الكافي . الثانية : لو رمى صيدا فأصابه . ثم سقط على آخر فماتا : ضمنهما ، فلو مشى المجروح قليلا ، ثم سقط على آخر : ضمن المجروح فقط على الصحيح . وقال في الفروع : وظاهر . ما سبق يضمنهما . [ ص: 545 ] قلت : هي شبيهة بما إذا تلف في مكانه بعد أمنه ، على ما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية