الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله

( السابع : أن يكون الثمن معلوما ) يشترط معرفة الثمن حال العقد ، على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة البيع ، وإن لم يسم الثمن . وله ثمن المثل كالنكاح . فائدتان إحداهما : يصح البيع بوزن صنجة لا يعلمان وزنها ، وبصبرة ثمنا ، على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : ويصح في الأصح . وصححه في الترغيب في الثانية . وقيل : لا يصح فيهما . ويحتمله كلام المصنف هنا . وأطلقهما في الرعايتين ، والحاويين ، في الأولى . ومثل ذلك : ما يسع هذا الكيل ، لكن المنصوص هنا الصحة .

الثانية : لو باعه سلعة معلومة بنفقة عبده شهرا : صح . ذكره القاضي في خلافه واقتصر عليه في القاعدة الثانية والسبعين . [ ص: 310 ] قوله ( فإن باعه السلعة برقمها ) لم يصح . هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . وعنه : يصح . واختاره الشيخ تقي الدين .

تنبيه :

مراده بقوله " برقمها " إذا كان مجهولا عندهما أو عند أحدهما ، بدليل قوله " أن يكون الثمن معلوما " وهو واضح . أما إذا كان الرقم معلوما : فإن البيع صحيح . ويدخل في قوله " معلوما " . وقد نص عليه المصنف في الفصل السادس في باب الخيار في البيع . قوله ( أو بألف ذهبا وفضة ) لم يصح ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وبناه القاضي وغيره على إسلام ثمن واحد في جنسين . ويأتي الخلاف في ذلك في باب السلم . ووجه في الفروع : الصحة . ويلزمه النصف ذهبا والنصف فضة . بناء على اختيار ابن عقيل فيما إذا أقر بمائة ذهبا وفضة ، فإنه صحح إقراره بذلك مناصفة . قوله ( أو بما ينقطع به السعر ) أي لا يصح . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : يصح . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . قوله ( أو بما باع به فلان ) لم يصح . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : تصح . واختاره الشيخ تقي الدين . وقال : هو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله . قوله ( أو بدينار مطلق ، وفي البلد نقود : لم يصح ) إذا باعه بدينار مطلق ، وفي البلد نقود ، فلا يخلو : إما أن يكون فيها نقد غالب أو لا . [ ص: 311 ] فإن كان فيها نقد غالب . فظاهر كلام المصنف : أن البيع لا يصح به إذا أطلق . وهو أحد الوجهين . وهو ظاهر ما جزم به الشارح . وقدمه في الفروع .

والوجه الثاني : يصح . وينصرف إليه . وهو المذهب . وهو ظاهر ما جزم به في المحرر ، والمنور ، والفائق ، والحاويين ، والوجيز وغيرهم . قال في الفروع : وهو الأصح . وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته . وإن لم يكن في البلد نقد غالب ، فالصحيح من المذهب : أنه لا يصح ، كما جزم به المصنف هنا . وجزم به في المغني ، والشرح ، والمحرر ، والمنور ، والفائق ، والوجيز ، والحاويين ، والرعاية الصغرى وغيرهم . وقدمه في الفروع . وعنه يصح . فعلى هذه الرواية : يكون له الوسط . على الصحيح . وعنه الأدنى . قال في الرعاية ، وقيل : إذا اختلفت النقود : فله أقلها قيمة . قوله ( وإن قال : بعتك بعشرة صحاحا ، أو أحد عشر مكسرة ، أو بعشرة نقدا ، أو عشرين نسيئة : لم يصح ) يعني : ما لم يتفرقا على أحدهما . وهو المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . ويحتمل أن يصح . وهو لأبي الخطاب . واختاره في الفائق . قال أبو الخطاب : قياسا على قوله في الإجارة " إن خطته اليوم فلك درهم ، وإن خطته غدا فلك نصف درهم " . وفرق بعض الأصحاب بينهما بأن ذلك جعالة . وهذا بيع . ويغتفر في الجعالة ما لا يغتفر في البيع ، ولأن العمل الذي يستحق به الأجرة لا يملك وقوعه إلا على أحد الصفتين . فتتعين الأجرة المسماة عوضا . فلا يفضي إلى التنازع . والبيع بخلافه . قاله المصنف ، والشارح . قال الزركشي : وفي قياس أبي الخطاب والفرق : نظر . لأن العلم بالعوض [ ص: 312 ] في الجعالة شرط ، كما هو في الإجارة والبيع . والقبول في البيع إلا على إحدى الصفتين . فيتعين ما يسمى لها . انتهى . ويأتي : هل هذا يتعين في بيعه أم لا ؟ في أول باب الشرط في البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية