الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن غسل الميت ) الصحيح من المذهب : استحباب الغسل من غسل الميت . وعليه جماهير الأصحاب ، ونص عليه ، وعنه لا يستحب . وهو وجه ذكره القاضي ، وابن عقيل . قال ابن عقيل : لا يجب ولا يستحب . قال : وهو ظاهر كلام أحمد . وعنه يجب من الكافر . وقيل : يجب من غسل الحي أيضا . وقيل : يجب مطلقا . قوله ( والمجنون ، والمغمى عليه ، إذا أفاقا من غير احتلام ) هذا المذهب بهذا القيد . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم . وعنه لا يجب والحالة هذه . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب والتلخيص ، والبلغة . وقيل : يجب مع وجود البلة . قاله أبو الخطاب . وقال ابن تميم : ولا يجب بالجنون والإغماء غسل ، وإن وجد بلة . إلا أن يعلم أنه مني . وعنه يجب بهما . وفيه وجه يجب إن كان ثم بلة محتملة . وإلا فلا . ويأتي كلامه [ ص: 249 ] في الهداية وغيرها . قال ابن البنا : إن قيل : إن المجنون ينزل : وجب عليه الغسل قال الطوفي في شرح الخرقي ، بعد كلام ابن البنا : وهذا إشارة إلى ترتيب الخلاف على أن المجنون ينزل أو لا ينزل . وقال بعض أصحابنا : إن تيقن الحلم وجب وإلا فلا ; لأن الأصل عدمه . وقال بعضهم : إن تيقن وجب . وإلا فروايتان . قلت : مأخذها : إما الترتيب على احتمال الإنزال وعدمه ، أو النظر إلى أن الأصل عدم الإنزال تارة ، وإلى الاحتياط ; لأنه مظنة الإنزال تارة أخرى . قلت : التحقيق : أن يقال : إن تيقن الإنزال وجب الغسل ، أو عدمه فلا يجب ، وإن تردد فيه ، فهو محل الخلاف ، وإن ظنه ظنا : فهل يلحق بما إذا تيقن ، أو بما إذا شك فيه ؟ أو يخرج على تعارض الأصل والظاهر ؟ إذ الظاهر الإنزال . والأصل عدمه . ويحتمل أن يقال : إن تحقق الإنزال وجب ، وإلا خرج على فعله عليه الصلاة والسلام : هل هو للوجوب ، أو للندب ؟ على ما عرف في الأصول ، والمشهور عند أصحابنا : أنه للوجوب . وهذا التقرير يقتضي : أنه واجب مطلقا ، تيقن الإنزال أو لا . ولكن المشهور عندهم : أنه لا يجب بدون تيقن الإنزال . إطراحا للشك ، واستصحابا لليقين . وحكى ذلك ابن المنذر إجماعا ، وهو مع احتماله والاختلاف فيه عن أحمد وأصحابه عجيب . انتهى كلام الطوفي .

تنبيه : مفهوم قوله " إذا أفاقا من غير احتلام " أنهما إذا احتلما من ذلك يجب الغسل ، وهو الصحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وقال في الرعاية الصغرى : وفي وجوب الغسل بالإغماء والجنون مطلقا روايتان . وقيل : إن أنزلا وجب ، وإلا فلا . وقال في الكبرى : وفي الإغماء والجنون مطلقا . وقيل : بلا احتلام ، روايتان . وقيل : إن أنزلا منيا . وقيل أو ما يحتمله : وجب الغسل ، وإلا سن . وقال في الحاوي الصغير : وفي الإغماء والجنون بلا حلم روايتان . وقال [ ص: 250 ] أبو الخطاب : إن لم يتيقن منهما الإنزال فلا غسل عليهما . انتهى .

وقد يفهم من الرعايتين : أن لنا رواية بعدم الوجوب ، وإن أنزل . ولم أجد أحدا صرح بذلك ، وهو بعيد جدا مع تحقق الإنزال .

التالي السابق


الخدمات العلمية