الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجوز التيمم لجميع الأحداث ، والنجاسة على جرح تضره إزالتها ) . يجوز التيمم لجميع الأحداث بلا نزاع ، ويجوز التيمم للنجاسة على جرح تضره إزالتها ، ولعدم الماء على الصحيح من المذهب فيهما . والله أعلم . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وهو من المفردات . وعنه لا يجوز التيمم لها . قال في الفائق : وفيه وجه لا يجب التيمم لنجاسة البدن مطلقا ، ونصره شيخنا ، وهو المختار . انتهى .

وقال ابن أبي موسى : لا يشرع التيمم لنجاسة البدن لعدم الماء . قال ابن تميم : قال بعضهم : لا يتيمم لنجاسة أصلا ، بل يصلي على حسب حاله . قوله ( وإن تيمم للنجاسة لعدم الماء ، وصلى : فلا إعادة عليه ، إلا عند أبي الخطاب ) . يعني إذا كانت على بدنه . واعلم أن الصحيح من المذهب : أنه لا يلزم من تيمم للنجاسة على بدنه إعادة لعدم الماء ، سواء كانت على جرح أو غيره . وعليه جماهير الأصحاب ، ونص عليه ، قال في الفروع : اختاره الأكثر . قال الشارح . قاله أصحابنا . وكذا قال في الهداية ، وغيرها . قال ابن عبيدان : وهو الصحيح والمنصوص عن أحمد . قال في مجمع البحرين : هذا أصح الروايتين . قال في النظم : هذا أشهر الروايتين . قال في تجريد العناية : لا يعيد على الأظهر ، قال ابن تميم : لا إعادة ، نص عليه ، اختاره ابن عبدوس في تذكرته ، والشيخ تقي الدين ، وجزم به في الوجيز ، [ ص: 280 ] وغيره ، وقدمه في الفروع ، والمستوعب ، والخلاصة ، والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم ، وجزم به في الهداية ، فيما إذا كان على جرحه نجاسة تضره إزالتها . وعند أبي الخطاب : عليه الإعادة يعني : إذا تيمم للنجاسة لعدم الماء ، وهو رواية عن أحمد . وذكر في الكافي قول أبي الخطاب ، ثم قال : وقيل : في الإعادة روايتان . وعنه يعيد في المسألتين . وعنه يعيد في الحضر . وأطلق الإعادة مطلقا ، وعدمها مطلقا في الفائق .

تنبيه : قال في المحرر : وإذا لم يجد من ببدنه نجاسة ماء تيمم لها . فإن عدم التراب صلى . وفي الإعادة روايتان . فإن قلنا : يعيد ، فهل يعيد إذا تيمم لها ؟ على وجهين [ انتهى ، والصحيح : عدم الإعادة . قال المجد : نص عليه ، وشهره الناظم ، وصححه في : تصحيح المحرر ، وباتخاذ عدم الماء والتراب ] . قال ابن تميم : الخلاف في الإعادة هنا فرع على القول بوجوب الإعادة إذا صلى بنجاسة لا يقدر على إزالتها من غير تيمم ، ذكره بعض أصحابنا . وقال بعضهم : لا يتيمم لنجاسة أصلا ، بل يصلي على حسب حاله . وفي الإعادة روايتان . وقال ابن عبيدان بعد أن حكى الخلاف في الإعادة إذا تيمم للنجاسة لعدم الماء وصلى هذان الوجهان فرع على رواية إيجاب الإعادة على من صلى بالنجاسة عاجزا عن إزالتها ، وعن التيمم لها . فأما إذا قلنا : لا إعادة هناك ، فلا إعادة مع التيمم وجها واحدا . انتهى .

تنبيه : مفهوم قوله ( ويجوز التيمم لجميع الأحداث ، والنجاسة على جرح ) أنه لا يجوز التيمم للنجاسة على ثوبه ، وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وقال ابن عقيل : متى قلنا : يجزئ ذلك أسفل الخف والحذاء من النجاسة بالأرض : فقد دخل الجامد في غير البدن . قال في الرعاية ، وقيل : يجوز ذلك ، وهو بعيد . قال ابن عبيدان : أراد بذلك قول ابن عقيل . قال في الفروع وحكى قوله . انتهى .

[ ص: 281 ] وأما المكان : فلا يتيمم له ، قولا واحدا . ويأتي إذا كان محدثا وعليه نجاسة : هل يجزئ تيمم واحد أم لا ؟ وهل تجب النية للتيمم للنجاسة أم لا ؟ قوله ( يجب تعيين النية لما تيمم له من حدث أو غيره ) .

فائدة : يلزمه قبل التيمم أن يخفف من النجاسة ما أمكنه بمسحه ، أو حته بالتراب ، أو غيره . قاله الأصحاب . قال في المستوعب : يمسحها بالتراب حتى لا يبقى لها أثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية