الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويبطل التيمم بخروج الوقت ووجود الماء ، ومبطلات الوضوء ) . أما خروج الوقت : فقد تقدم الكلام عليه . وأما وجود الماء لفاقده : فيأتي حكمه قريبا . وأما مبطلات الوضوء : فيبطل التيمم عن الحدث الأصغر بما يبطل الوضوء بلا نزاع . ويبطل التيمم عن الحدث الأكبر بما يوجب الغسل ، وعن الحيض [ ص: 298 ] والنفاس بحدوثهما . فلو تيممت بعد طهرها من الحيض له ، ثم أجنبت : جاز وطؤها لبقاء حكم تيمم الحيض . والوطء إنما يوجب حدث الجنابة على ما تقدم . ويتيمم الرجل إذا وطئ ثانيا عن نجاسة الذكر إن نجست رطوبة فرجها . قوله ( فإن تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه ، ثم خلعه : يبطل تيممه ) ، هذا اختيار المصنف ، والشارح ، وصاحب الفائق ، والشيخ تقي الدين . قاله في الفائق ، وقدمه الناظم . قال في الرعاية : قلت إلا أن يكون الحائل في محل التيمم ، أو بعضه . فيبطل بخلعه . وقال أصحابنا : يبطل ، وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية عبد الله على الخفين . وفي رواية حنبل عليهما وعلى العمامة . ورد المجد وغيره الأول . وهذا من المفردات . قوله ( وإن وجد الماء بعد الصلاة لم تجب إعادتها ) بلا نزاع . ولم يستحب أيضا على الصحيح من المذهب . وعنه يستحب . وهما وجهان مطلقان في شرح الزركشي .

تنبيه : شمل كلام المصنف : لو صلى على جنازة ، ثم وجده قريبا وهو صحيح . فلا يلزمه إعادتها على الصحيح من المذهب . وعنه الوقف ، وإن تيمم أعاد غسله في أحد الوجهين . قاله في الفروع . قوله ( وإن وجده فيها بطلت ) ، هذا المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب . وعنه لا تبطل ، ويمضي في صلاته . اختارهما الآجري . وأطلقهما في مجمع البحرين . فعلى هذه الرواية : يجب المضي على الصحيح ، قدمه في الفروع ، ومجمع البحرين فعلى هذه الرواية : قال الشارح : وهو أولى ، وهو ظاهر كلام أحمد . وقيل : لا يجب المضي ، لكن هو أفضل . وقيل : الخروج منها أفضل ، للخروج من [ ص: 299 ] الخلاف ، واختاره الشريف أبو جعفر . قال في الفائق : وعنه يمضي . فقيل : وجوبا . وقيل : جوازا . وأطلقهما في المغني . وقال في الرعاية : قلت الأولى قلبها نفلا فائدة : روى المروذي عن أحمد : أنه رجع عن الرواية الثانية . فلذلك أسقطها أكثر الأصحاب ، وأثبتها ابن حامد وجماعة . منهم المصنف هنا . نظرا إلى أن الروايتين عن اجتهادين في وقتين . فلم ينقض أحدهما بالآخر ، وإن علم التاريخ . بخلاف نسخ الشارع . وهكذا اختلاف الأصحاب في كل رواية علم رجوعه عنها . ذكر ذلك المجد في شرحه وغيره .

تنبيهان

أحدهما على الرواية الثانية : لو عين نفلا أتمه ، وإن لم يعين على أقل الصلاة ، وعليها متى فرغ من الصلاة بطل تيممه . قاله ابن عقيل وغيره . وتابعه من بعده . واقتصر عليه في الفروع . هكذا الحكم عليها لو انقلب الماء وهو في الصلاة . فيبطل تيممه بعد فراغها . قاله القاضي ، وابن عقيل ، وغيرهما ، وقدمه في الفروع . وقال أبو المعالي : إن علم تلفه فيها بقي تيممه بعد فراغها . وقاله القاضي ، وابن عقيل ، والمصنف ، وإن لم يعلم به لكن لما فرغ شرع في طلبه بطل . وعلى المذهب : تبطل الصلاة والتيمم بمجرد رؤية الماء . ولو انقلب ، قولا واحدا . وعليها : لو وجده وهو يصلي على ميت بتيمم بطلت الصلاة . وبطل تيمم الميت أيضا على الصحيح فيهما ، فيغسل الميت ويصلى عليه . وقيل : لا تبطل ، ولا يغسل . فهذان الفرعان مستثنيان من الرواية على المقدم . الثاني : ظاهر كلام المصنف : أنه يتطهر ، ويستأنف الصلاة من قوله " بطلت " وهو صحيح ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقيل : يتطهر ويبني . وخرجه القاضي على من سبقه الحدث . ورده المجد ومن تابعه .

فائدتان :

إحداهما : يلزم من تيمم لقراءة ، أو وطء أو لبث ونحوه : الترك بوجود الماء [ ص: 300 ] على الصحيح من المذهب ، قاله المجد ، وابن عبيدان ، وغيرهما ، رواية واحدة . قال في الفروع ، وحكى وجها : لا يلزم . الثانية : الطواف كالصلاة إن وجبت الموالاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية