الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : ظاهر كلام ابن عقيل السابق : أنه لا يجوز إجارة العين إذا كانت مشغولة . وقد قال في الفائق : ظاهر كلام أصحابنا : عدم صحة إجارة المشغول بملك غير المستأجر . وقال شيخنا : يجوز في أحد القولين ، وهو المختار انتهى . وقد قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن استأجر أرضا من جندي وغرسها قصبا . ثم انتقل الإقطاع عن الجندي : إن الجندي الثاني لا يلزمه حكم الإجارة الأولى ، وأنه إن شاء أن يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره . انتهى . قلت : قال شيخنا الشيخ تقي الدين البعلي : ظاهر كلام الأصحاب صحة إجارة المشغول بملك لغير المستأجر من إطلاقهم جواز الإجارة المضافة . فإن عموم كلامهم يشمل المشغولة وقت الفراغ بغراس أو بناء أو غيرهما . انتهى . وقال في الفروع : لا يجوز للمؤجر إجارة العين المشغولة بغراس الغير أو بنائه إلا بعد فراغ مدة صاحب الغراس والبناء . وقال أيضا : لا يجوز إجارة لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله بعض الناس . قال : وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان أن هذا لا يصح . وهو واضح ولم أجد في كلامهم ما يخالف هذا . قال : ومن العجب قول بعضهم " في هذا الزمان " الذي يخطر بباله من كلام أصحابنا : أن هذه الإجارة تصح كذا قال . انتهى .

[ ص: 43 ] وقد قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ، فيما حكي عنه في الاختيارات : ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير المستأجر في مدة الإجارة . ويقوم المستأجر الثاني مقام المالك في استيفاء الأجرة من المستأجر الأول . وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الإجارة الثانية ، ظنا منه أن هذا كبيع المبيع ، وأنه تصرف فيما لا يملك . وليس كذلك ، بل هو تصرف فيما استحقه على المستأجر . وأما إن كانت مرهونة وقت عقد الإجارة : ففي صحتها وجهان . وأطلقهما في الفروع . قال في الرعاية الكبرى : وإن أجره مدة لا تلي العقد : صح إن أمكن التسليم في أولها . ثم قال . قلت : فإن كان ما أجره مرهونا وقت العقد لا وقت التسليم المستحق بالأجرة ، احتمل وجهين . انتهى . قلت : إن غلب على الظن القدرة على التسليم وقت وجوبه صحت ، وإلا فلا . وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ، وداخل في عموم كلامهم . وتقدم في الرهن أن الراهن والمرتهن إذا اتفقا على إيجار المرهون جاز . وإن اختلفا تعطل ، على الصحيح من المذهب . [ وقال في الكافي : وإذا اتفقا على إجارته أو إعارته جاز في قول الخرقي وأبي الخطاب ] . وقال أبو بكر : يجوز إجارته . وقال ابن أبي موسى : إذا أذن الراهن للمرتهن في إعارته أو إجارته جاز . والأجرة رهن . وإن أجره الراهن بإذن المرتهن خرج من الرهن في أحد الوجهين . وفي الآخر : لا يخرج .

تنبيه : محل هذا الخلاف إذا كان الرهن لازما . أما إن كان غير لازم : فيصح إجارته قولا واحدا . وتقدم في [ الرهن هل يدوم لزومه بإجارته أم لا ؟ ] . .

التالي السابق


الخدمات العلمية