الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 104 ] قوله ( وللمعير الرجوع متى شاء ، ما لم يأذن ) أي المعير في شغله ( بشيء يستضر المستعير برجوعه ) . وهذا المذهب مطلقا . وعليه الأصحاب في الجملة . قال الحارثي : عليه أكثر الأصحاب . وعنه : إن عين مدة تعينت . قال الحارثي : وهو الأقوى . وعنه : لا يملك الرجوع قبل انتفاعه بها ، مع الإطلاق . قال القاضي : قياس المذهب يقتضيه . ذكره في التعليق الكبير قال القاضي : القبض شرط في لزومها . وقال أيضا : يحصل بها الملك مع عدم قبضها . وقال ابن عقيل في مفرداته ، في ضمان المبيع المتعين بالعقد : الملك أبطأ حصولا وأكثر شروطا من الضمان ، بإباحة الطعام بتقديمه إلى مالكه ، وضمان المنفعة بعارية العين ، ولا ملك . فإذا حصل بالتعيين هذا الإبطاء . فأولى حصول الإسراع . وهو الضمان . قال الحارثي : وقال القاضي ، وابن عقيل ، والمصنف : له الرجوع قبل الانتفاع ، حتى بعد وضع الخشب ، وقبل البناء عليه . قال : وهو مشكل على المذهب جدا . فإن المالك لا يملك الامتناع من الإعارة ابتداء . فكيف يملكه بعد ؟ اللهم إلا أن يحمل على حالة ضرر المالك أو حاجته إليه . انتهى . قلت : بتصور ذلك في غير ما قال . وهو : حيث لم تلزم الإعارة لتخلف شرط أو وجود مانع . على ما تقدم . فائدة : قال أبو الخطاب : لا يملك مكيل وموزون بلفظ العارية . وإن سلم . ويكون قرضا . فإنه يملك به وبالقبض . [ ص: 105 ] وقال في الانتصار : لفظ " العارية " في الأثمان قرض . وقال في المغني والشرح : وإن استعارهما للنفقة : فقرض . وقيل : لا يجوز . ونقل صالح : منحة لبن : هو العارية . ومنحة ورق : هو القرض . وذكر الأزجي خلافا في صحة إعارة دراهم ودنانير للتجمل والزينة . وقال في التلخيص ، والرعاية ، وغيرهما : يصح إعارة أحد النقدين للوزن والتزيين . زاد في الرعاية : لتزيين امرأة ، أو مكان . وقال في القاعدة الثامنة والثلاثين : لو أعاره شيئا وشرط عليه العوض . فهل يصح أم لا ؟ على وجهين .

أحدهما : يصح . ويكون كناية عن القرض . فيملك بالقبض إذا كان مكيلا أو موزونا . ذكره في الانتصار ، والقاضي في خلافه . وقال أبو الخطاب في رءوس المسائل ، في موضع : يصح عندنا شرط العوض في العارية . انتهى .

والوجه الثاني : تفسد بذلك . وجعله أبو الخطاب في موضع آخر المذهب لأن العوض يخرجها عن موضوعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية