الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن باعها ، أو وهبها لعالم بالغصب . فوطئها : فللمالك تضمين أيهما شاء : نقصها ومهرها ، وأجرتها وقيمة ولدها إن تلف . فإن ضمن الغاصب رجع على الآخر . ولا يرجع الآخر عليه ) . وهذا بلا نزاع أعلمه . جزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والحارثي ، وغيرهم . [ ص: 171 ]

قوله ( وإن لم يعلما بالغصب ، فضمنها : رجعا على الغاصب ) . اعلم أن بيع الغاصب العين المغصوبة غير صحيح مطلقا . على المذهب . وفيه رواية : يصح ، ويقف على إجازة المالك . وحكى فيه رواية ثالثة : يصح البيع . على ما يأتي في تصرفات الغاصب ، والتفريع على المذهب . وكذا الهبة غير صحيحة . إذا علمت ذلك : فهما بمنزلة الغاصب في جواز تضمينهما ما كان الغاصب يضمنه . على الصحيح من المذهب . قال في أول القاعدة الثالثة والتسعين : من قبض مغصوبا من غاصبه ، ولم يعلم أنه مغصوب ، فالمشهور عن الأصحاب : أنه بمنزلة الغاصب في جواز تضمينه ما كان الغاصب يضمنه من عين ومنفعة . انتهى . وقطع به في المحرر ، وغيره من الأصحاب .

وقوله ( فضمنهما : رجعا على الغاصب ) . يعني : إذا ضمن المشتري أو المتهب نقصها ومهرها ، وأجرتها وقيمة ولدها ، وأرش البكارة إن كانت بكرا رجعا على الغاصب بذلك . وهو المذهب في الجملة . نص عليه في رواية جعفر في الفداء . وفي رواية إسحاق بن منصور : على المهر . ويأتي التفصيل في ذلك عند ذكر الرواية التي ذكرها المصنف والخلاف . قوله ( وإن ولدت من أحدهما . فالولد حر ) بلا نزاع ( ويفديه بمثله في صفاته تقريبا ) . يجب فداء الولد . على الصحيح من المذهب . نص عليه في رواية ابن منصور ، وجعفر بن محمد ، والميموني ، ويعقوب بن بختان . قاله الحارثي . ونقل ابن منصور عن الإمام أحمد : لا يلزم المشتري فداء أولاده . وليس . للسيد بدلهم . لأنه انعقد حرا . [ ص: 172 ] قال الخلال : أحسبه قولا لأبي عبد الله أول . والذي أذهب إليه : أنه يفديهم قال الحارثي : والمشهور الأول . ولم يعول الأصحاب على هذه الرواية .

قوله ( بمثله في صفاته تقريبا ) . يعني من غير نظر إلى القيمة والمثل في الجنس والسن . لكن قال الحارثي : أما السن ، فلا يخلو من نظر . وفداؤه بمثله في صفاته تقريبا : هو إحدى الروايات عن الإمام أحمد . قال ابن منجا : هذا المذهب . واختارها القاضي وأصحابه . قال الحارثي : وهي اختيار الخرقي ، وأبي بكر في التنبيه ، والقاضيين أبي يعلى ، ويعقوب بن إبراهيم في تعليقيهما ، وأبي الخطاب في رءوس مسائله ، والشريف أبي القاسم الزيدي وغيرهم . قال القاضي أبو الحسين ، والشريف أبو جعفر ، وأبو الحسن بن بكروس : وهي أصح . انتهى . قال الزركشي : هو مختار الخرقي ، والقاضي ، وعامة أصحابه . وجزم به في الكافي . ويحتمل أن يعتبر مثله في القيمة . وهو لأبي الخطاب . وهو وجه في المستوعب والتلخيص ، ورواية في المحرر . قال الحارثي : ونسب إلى اختيار أبي بكر . قلت : قاله المصنف ، والشارح عنه . وقدمه في الفائق . وتضمينه المثل من المفردات . وعنه يضمنه بقيمته . وهو المذهب ، على ما اصطلحناه . اختاره المصنف ، والشارح ، وصاحب التلخيص ، وابن منجا في شرحه ، وابن الزاغوني . قال القاضي في المجرد : وهو أشبه بقوله . لأنه نص على أن الحيوان لا مثل له . وهو مذهب الأئمة الثلاثة . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . [ ص: 173 ] وعنه : يضمنه بأيهما شاء . اختاره أبو بكر في المقنع . قال في القواعد الأصولية : وعنه يفدى كل وصيف بوصيفين . أورده السامري وغيره عن ابن أبي موسى في مغرور النكاح .

تنبيه : حيث قلنا : يفديه إما بالمثل أو القيمة . فيكون ذلك يوم وضعه . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . منهم القاضي ، والشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب ، والمصنف ، والمجد ، والشارح ، وغيرهم من الأصحاب . وقدمه في الفروع ، والفائق ، والزركشي ، وغيرهم . وعنه : يكون الفداء يوم الخصومة . وهو ظاهر إطلاق الإمام أحمد في رواية ابن منصور . وجعفر . وهو وجه في الفائق . قال الحارثي : وعن ابن أبي موسى : حكاية وجه : الاعتبار بيوم الحكومة . قوله ( ويرجع بذلك على الغاصب ) . يعني : بما فدى به الأولاد . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وذكر ابن عقيل رواية : لا يرجع بفداء الولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية