الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن وقف على جماعة يمكن حصرهم واستيعابهم : وجب تعميمهم والتسوية بينهم ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب . وقطعوا به . وقال في الفائق : ويحتمل جواز المفاضلة فيما يقصد فيه تمييز . كالوقف على الفقهاء . قلت : هذا أقرب إلى الصواب . وعنه : إن وصى في سكنه ، وهم أهل دربة : جاز التفضيل لحاجة . قال الحارثي : الأولى جواز التفضيل للحاجة ، فيما قصد به سد الخلة . كالموقوف على فقراء أهله . انتهى . قال ابن عقيل : وقياسه الاكتفاء بواحد . وعنه : فيمن أوصى في فقراء مكة ينظر أحوجهم . وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله : إذا وقف على مدارس وفقهاء : هل يسوى بينهم ، أو يتفاضلون ؟ في أحكام الناظر .

تنبيه :

الذي يظهر أن محل هذا : إذا لم يكن قرينة . فإن كان قرينة : جاز التفاضل . بلا نزاع . ولها نظائر . تقدم حكمها . فائدة :

لو كان الوقف في ابتدائه على من يمكن استيعابه ، فصار مما لا يمكن استيعابه كوقف علي رضي الله عنه على ولده ونسله فإنه يجب تعميم من أمكن منهم ، والتسوية بينهم . قاله المصنف ، والشارح ، وغيرهما . [ ص: 98 ]

قوله ( وإلا جاز تفضيل بعضهم على بعض ، والاقتصار على واحد منهم ) . يعني : إذا لم يمكن حصرهم واستيعابهم . كما لو وقف على أصناف الزكاة ، أو على الفقراء والمساكين ، ونحو ذلك . فالصحيح من المذهب : جواز الاقتصار على واحد ، كما جزم به المصنف . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وجزم به في الوجيز . وقدمه في الفروع ، وغيره .

( ويحتمل ألا يجزيه أقل من ثلاثة ) . وهو وجه في الهداية وغيرها ، بناء على قولنا في الزكاة . وأطلقهما في المحرر . وقيل : في إجزاء الواحد روايتان . فائدتان .

إحداهما : لو وقف على أصناف الزكاة ، أو على الفقراء والمساكين : جاز الاقتصار على صنف منهم . على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى ذكره في الوصية والمغني ، والشرح ، في المسألة الثانية . وقالا في الثانية : لا بد من الصرف إلى الفريقين كليهما . قال الحارثي : قياس المذهب عند القاضي ، وابن عقيل جواز الاقتصار على أحد الصنفين من الفقراء والمساكين . وقطع به في التلخيص . وعند المصنف : يجب الجمع . وحكي عن القاضي . وقيل : لا يجزئ الاقتصار على صنف ، بناء على الزكاة . قال القاضي في الخلاف : هذا ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله . وقيل : لكل صنف منهم الثمن . وأطلقهما في الفائق . [ ص: 99 ]

الثانية : لو وقف على الفقراء ، أو على المساكين فقط : جاز إعطاء الصنف الآخر على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع وغيره . وجزم به في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وفيه وجه آخر : لا يجوز . ذكره القاضي . ويأتي ذلك أيضا في باب الموصى له . ولو افتقر الواقف : استحق من الوقف . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : شمله في الأصح . قال في القواعد : نص عليه في رواية المروذي . وقيل : لا يشمله . فلا يستحق شيئا منه . وتقدم ذلك في أول الباب قبيل قوله " الثالث : أن يقف على معين يملك " .

قوله ( ولا يدفع إلى واحد أكثر من القدر الذي يدفع إليه من الزكاة ، إذا كان الوقف على صنف من أصناف الزكاة ) . وهو المذهب . نص عليه . قدمه في المغني ، والشرح ، والفروع . واختار أبو الخطاب في الهداية ، وابن عقيل : زيادة المسكين والفقير على خمسين درهما . وإن منعناه منها في الزكاة .

قوله ( والوصية كالوقف في هذا الفصل ) . هذا صحيح ، لكن الوصية أعم من الوقف ، على ما يأتي . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله فيما إذا وقف على أقرب قرابته استواء الأخ من الأب والأخ من الأبوين . ذكره في القاعدة العشرين بعد المائة . وذكر في القاعدة الثالثة والخمسين بعد المائة : أن الشيخ تقي الدين رحمه الله اختار فيما إذا وقف على ولده دخول ولد الولد في الوقف دون الوصية . وفرق بينهم . [ ص: 100 ] وتقدم كلام ناظم المفردات : إذا أوصى لقرابته .

التالي السابق


الخدمات العلمية