الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 240 ] قوله ( فإن عينه في الوصية ، فقال : يحج عني فلان بألف ، فأبى الحج وقال : اصرفوا لي الفضل : لم يعطه . وبطلت الوصية ) . يعني من أصلها إذا كان تطوعا . وهذا أحد الوجهين . وهو احتمال في المغني ، والشرح ، والرعاية . وهو ظاهر ما جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة . فإن كلامهم ككلام المصنف . وجزم به في المحرر ، والمنور . وصححه الحارثي .

والوجه الثاني : تبطل في حقه لا غير ، ويحج عنه بأقل ما يمكن من نفقة ، أو أجرة . والبقية للورثة . وهو المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وفي بعض نسخ المقنع ( لم يعطه وبطلت الوصية في حقه ) وعليها شرح الشارح . وذكرها ابن منجا في المتن ولم يشرحها . بل علل البطلان فقط . فعلى هذه النسخة مع أن النسخة الأولى لا تأبى ذلك يكون المصنف قد جزم بهذا الوجه هنا . وجزم به في الكافي ، والنظم والوجيز ، والرعاية الصغرى والحاوي الصغير . وقدمه في الرعاية الكبرى ، والفائق ، والمغني ، والشرح ، ونصراه . واختاره ابن عقيل . وأطلقهما في الفروع . وذكر الناظم قولا : أن بقية الألف للذي حج .

تنبيه :

محل هذا الخلاف : إذا كان الموصي قد حج حجة الإسلام . أما إذا لم يكن حج حجة الإسلام ، وأبى من عينه : فإنه يقام غيره بنفقة المثل . والفضل للورثة . ولا تبطل قولا واحدا . وهو واضح . ويحسب الفاضل في الثلث عن نفقة مثله ، أو أجرة مثله للفرض . [ ص: 241 ] فوائد

منها : لو قال " يحج عني زيد بألف " فما فضل فهو وصية له إن حج . ولا يعطى إلى أيام الحج . قاله الإمام أحمد رحمه الله ويحتمل أن الفضل للوارث . ومنها : لا يصح أن يحج وصي بإخراجها . نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود . وأبي الحارث ، وجعفر النسائي ، وحرب رحمهم الله . قال : لأنه منفذ . فهو كقوله : " تصدق عني به " لا يأخذ منه . ومنها : لا يحج وارث على الصحيح من المذهب . نص عليه في رواية أبي داود رحمه الله وقدمه في الفروع ، وشرح الحارثي . واختار جماعة من الأصحاب : بلى ، يحج عنه إن عينه ، ولم يزد على نفقته . منهم : الحارثي . وجزم به المصنف في المغني ، والشارح ، وشرح ابن رزين وفي الفصول : إن لم يعينه جاز . ومنها : لو أوصى أن يحج عنه بالنفقة صح . ومنها : لو وصى بثلاث حجج إلى ثلاثة في عام واحد : صح . وأحرم النائب بالفرض أولا ، إن كان عليه فرض . ومنها : لو وصى بثلاث حجج . لم يكن له أن يصرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في عام واحد . قال في الرعايتين . قال : ويحتمل أن تصح ، إن كانت نفلا . وتقدم في حكم قضاء رمضان ، وكتاب الحج أيضا : هل يصح حج الأجنبي عن الميت حجة الإسلام بدون إذن وليه أم لا ؟ . [ ص: 242 ] وقال في الفروع في باب حكم قضاء الصوم حكى الإمام أحمد عن طاوس : جواز صوم جماعة عنه في يوم واحد . ويجزئ عن عدتهم من الأيام . قال : وهو أظهر . واختاره المجد . قال : فدل ذلك على أن من أوصى بثلاث حجج ، جاز صرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في سنة واحدة . وجزم ابن عقيل بأنه لا يجوز . لأن نائبه مثله . وذكره في الرعاية قولا . ولم يذكر قبله ما يخالفه . ذكره في فصل استنابة المعضوب من باب الإحرام وهو قياس ما ذكره القاضي في الصوم . انتهى كلامه في الفروع . ولم يستحضر تلك الحال ما ذكره في باب الموصى به ، أو رآه بعد ذلك . وقد أطلق وجهين في صحة ذلك . ثم وجدت الحارثي نقل عن القاضي ، وابن عقيل ، والسامري : صحة صرف ثلاث حجج في عام واحد ، وقال : وهو أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية