الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( الثالث : الولي . فلا نكاح إلا بولي ) هذا المذهب . أعني : الولي شرط في صحة النكاح . وعليه الأصحاب . ونص عليه . قال الزركشي : لا يختلف الأصحاب في ذلك . وعنه : ليس الولي بشرط مطلقا . وخصها المصنف ، وجماعة بالعذر ; لعدم الولي والسلطان . فعلى المذهب ( لو زوجت المرأة نفسها ، أو غيرها : لم يصح ) . وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : يجوز لها تزويج نفسها . ذكرها جماعة من الأصحاب . وعنه : أن لها أن تأمر رجلا يزوجها . وعنه : لها تزويج أمتها ومعتقتها . وهذه الرواية : لم يثبتها القاضي ، ومنعها . وذكر الزركشي لفظ الإمام أحمد رحمه الله في ذلك ، ثم قال : وفي أخذ رواية من هذا نظر ، لكن عامة المتأخرين على إثباتها . قوله ( فيخرج منه : صحة تزويج نفسها بإذن وليها . وتزويج غيرها بالوكالة ) . يعني : على رواية " أن لها تزويج أمتها ومعتقتها " . وخرجه أبو الخطاب في الهداية ، والمجد ، والمحرر ، وغيرهم . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : هذا التخريج غلط . قال الزركشي ، وصاحب تجريد العناية عن هذا التخريج : ليس بشيء . وفرق القاضي وعامة الأصحاب على رواية تزويج أمتها ومعتقتها بين تزويج [ ص: 67 ] أمتها وتزويج نفسها وغيرها ، بأن التزويج على الملك لا يحتاج إلى أهلية الولاية . بدليل تزويج الفاسق مملوكته .

تنبيه :

فعلى المذهب : يزوج أمتها بإذنها من يزوجها . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وعنه : يزوجها أي رجل أذنت له ، هذا إذا كانت رشيدة . فأما المحجور عليها : فيزوج أمتها وليها في مالها خاصة . قاله في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، وغيرهم . وقطعوا به . وعلى المذهب : إذا زوجها وليها بإذنها ، فلا بد من نطقها بالإذن ، ثيبا كانت أو بكرا . وعلى المذهب أيضا : لو زوجت بغير إذن وليها ، فهو نكاح الفضولي . وفيه طريقان :

أحدهما : فيه الخلاف الذي في تصرف الفضولي ، على ما تقدم في كتاب البيع . وتقدم : أن الصحيح من المذهب : البطلان . وهذه طريقة القاضي ، والأكثرين . وهي الصحيحة من المذهب .

والطريق الثاني : القطع ببطلانه . وهي طريقة أبي بكر ، وابن أبي موسى . ونص الإمام أحمد رحمه الله على التفريق بين البيع والنكاح في رواية ابن القاسم . فعلى القول بفساد النكاح وهو المذهب لا يحل الوطء فيه . وعليه فراقها . فإن أبى ، فسخه الحاكم . فإن وطئ فلا حد عليه . على الصحيح من المذهب . وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله [ ص: 68 ] وقدمه في الكافي ، والمغني ، والشرح ، ونصراه . وعنه : عليه الحد . وحكي عن ابن حامد . وأطلقهما في الفائق .

فائدة :

لو حكم بصحته حاكم : لم ينقض . على الصحيح من المذهب . قدمه في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين . وصححه المجد في شرحه . وقيل : ينقض . خرجه القاضي . وهو قول الإصطخري من الشافعية . وأطلقهما في الفائق ، والفروع ، فقال : وهل يثبت بنص فينتقض حكم من حكم بصحته ؟ فيه وجهان . وفي الوسيلة روايتان .

تنبيه :

ظاهر كلام المصنف في قوله ( وعنه : لها تزويج أمتها ومعتقتها ) . أن المعتقة كالأمة . وهو صحيح . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام الخرقي . قال المصنف ، والشارح : وهو أصح . واختاره ابن أبي الحجر من أصحابنا . والشيخ تقي الدين رحمه الله . وعنه : لا تلي نكاح المعتقة . وأطلقهما في الفروع . فعلى الأولى : إن طلبت وأذنت زوجتها . فلو عضلت زوج وليها . لكن في إذن السلطان وجهان في الترغيب . واقتصر عليه في الفروع . قلت : قاعدة المذهب تقتضي عدم إذنه . وعلى الثانية : يزوجها بدون إذنها أقرب عصبتها ، ثم السلطان . ويجبرها من يجبر سيدتها . قلت : الأولى على هذه الرواية أن لا تجبر المعتقة الكبيرة . وقال في الترغيب : المعتقة في المرض ، هل يزوجها قريبها ؟ فيه وجهان . قال الزركشي وقيل : يملك إجبارها من يملك إحبار سيدتها التي أعتقتها . قال : وهو بعيد وهو كما قال في الكبيرة . [ ص: 69 ] وظاهر كلامه في المغني ، والشرح : أنه ليس له ولاية إجبار في تزويج المعتقة مطلقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية